• ×
admin

ما بيمشي الحال!

ما بيمشي الحال!

تركي الدخيل

كتبت قبل أيام عن لبنان الجريح الذي تحول إلى مكان خطر يغتال أهله بعضهم بعضا بعدما كان موئلا للباحثين عن الحب، والجمال، والشعر، والطبيعة والمناخ الجميل. التعليقات التي وردتني، وفوقها التحليلات تشاركني الرأي بأنه بلد جميل لكنه يذبل.
رسالتي إلى لبنان أن حلول مشكلاته تبدأ من الاعتراف بها، وأن اللبنانيين أنفسهم يمتلكون الحلول، وليست شماعة القوى الخارجية.
اللبنانيون الذين ساهموا بكل ما يملكون من قوة ودعم وانحياز في صناعة انقسام لبنان إلى معسكرين متضادين في كل شيء تقريبا وفي مرات قليلة رأيناهم مجتمعين في صالات العزاء يترحمون على ضحايا جرائم السيارات المفخخة. ربما حان الوقت ليدرك المواطن اللبناني أن أولئك الذين هم جزء من المشكلة لا يمكن أن يكونوا جزءا من الحل.
التحزبات التي صنعها اللبنانيون أنفسهم خلقت تصدعا يعجز عن حل أي مشكلة، ويساهم في تفاقم أي سلبية، فالفساد مستشر، والنتاج الأكيد لرحلة التترس الأعمى للمواطن اللبناني خلف الحزب هي سيادة لغة العنف والتهديد، تلك التي أدت لشلل كامل للسياحة التي ينتعش بها جسد لبنان، وهبوط الاستثمارات الأجنبية وانخفاض أرباح البنوك ومشاريع الإعمار والبناء، وعجز مروع في الميزانية وصل لرقم فلكي تصعب كتابته هنا!
هل يريد اللبناني المزيد ليدرك أنه ما بيمشي الحال؟ فليفكر إذن في معدلات البطالة ومعاناة ذوي الدخل المحدود وحجم التضخم والمزيد من الضرائب التي تلاحق اللبناني في كل فاتورة يقابلها فضائح التهرب الضريبي وزراعة المخدرات وتحقيق لبنان المرتبة الأولى لأعلى سعر لمكالمة جوال في العالم، أما الضربة القاضية فهي أن البلد يسير بثقة نحو عتمة كاملة بسبب نقص للكهرباء.
أكتب للبنانيين اليوم وأعرف أن بعضهم سيقول لي «منو شغلك»، لكني أواصل لأقول إن الحال وصل بالبلد بفعل هذا الانقسام لدولة بلا برلمان منتخب أو قانون انتخابات متفق عليه، ولقائد جيش متقاعد اختلف على شرعية التمديد له، وبحكومة مستقيلة منذ 7 أشهر وسط عجز عن تشكيل حكومة بديلة وقريبا جدا دولة بلا رئيس.
السياسة أفسدت لبنان ولا شك، واللبناني الذي برع في الطب والهندسة وقاد أكبر الشركات وحقق أعلى الثروات وأبدع في الأدب والفنون فشل في السياسة بكل جدارة بسبب العناد في التوجهات والصمت والاستسلام للأقطاب.

عكاظ
بواسطة : admin
 0  0  1490