• ×
admin

سلامة الغذاء..

سلامة الغذاء.. تطبيق (هاسب) يساعد في تطوير المنتج ويضمن السلامة للمستهلك
اكتشاف تسمم الخضروات بالمبيدات في البيت مستحيل وعلاجها ليس بالسهل

د. عبدالعزيز بن محمد العثمان

نسأل كثيراً عن الأغذية التي تزيد الوزن وتلك التي تخفضه، ونبحث عن أفضل المكملات الغذائية للبشرة والشعر والأظافر، وهذا اهتمام صحي مطلوب، ولكن هناك أسئلة أكثر أهمية ومواضيعها أخطر على صحتنا، وأقصد بها تلك الاسئلة المتعلقة بسلامة الغذاء، فمشاكل الوزن يمكن التحكم فيها وعلاجها دون حدوث مضاعفات في الغالب، والبشرة والشعر يعود لطبيعته بمجرد توفير العناصر الغذائية والصحية لهما، ولكن دخول مادة سامة للجسم وتفاعلها السلبي داخل الجسم قد لايمكن تخليصه منها.

تأتينا تلك السموم من خلال عدة طرق، بعضها من داخل المنزل وهذه يمكن علاجها بسهولة، ولكن مايأتي ضمن الغذاء بالذات الخضراوات فللأسف اكتشافها في البيت مستحيل وعلاجها ليس بالسهل، فمرحلة التحريم وهي المرحلة التي تتلو رش النباتات بالسموم لا تقل عن عشرة أيام، ولكن ما نشاهده أن تلك المنتجات تجلب للأسواق بعد يوم أو يومين ونتناولها دون أن نعلم خطرها وكما نعلم جميعاً أن ثقافة ووعي الكثير من المزارعين بخطورة تلك المواد ضعيفة جداً، فهي بالنسبة لهم علاج لأمراض النباتات أو سببا في زيادة الانتاج، دون أن يعلموا تفاصيل تأثيرتها السلبية عليهم وعلى المستهلكين.

هناك منتجات تروى بمياه المجاري، ومنتجات تسمد بمركبات كيميائية خطيرة، وحيوانات وطيور تغذى بمنتجات ممنوعة، وتجلب لأسواقنا من داخل المملكة أو خارجها، ونأكل منها ونقدمها لأطفالنا دون أن نعلم خطرها.

إن مانشاهده من اخبار بين فينة وأخرى عن عدم فسح شحنة من اللحوم أو الدواجن أو الأغنام الحية ثم نسمع عن مادة الأكريلاميد المسرطنة في البطاطس المجففة والمقلية في محلات الوجبات السريعة، ونقرأ عن نوعية من الحلوى تحتوي على مواد مسرطنة، وأحياناً يوقف استيراد مادة معينة مثل أغذية الأطفال ثم تعود للسوق من جديد وأخيرا قرأنا عن اكتشاف مادة ممنوعة تدخل في تصنيع الحلوى الطحينية، وسلسلة من الأخبار نعرف عن بعضها ويغيب عنا وعنا الراصد أرجو ألا يكون أكثر.

لا يشك أحد أن يقصد مصنع وطني الإضرار بالصحة، ولا نشك أيضاً في مواطنة وحرص وزارتي الزراعة والتجارة والمسؤولين عن سلامة الغذاء، لكننا نطالب بكل وضوح بتطوير كل القطاعات المسؤولة عن حماية المستهلك من النواحي الفنية والكفاءات المؤهلة وحمايتهم ليكون قرارهم بعيداً عن تأثيرات أو تهديدات الشركات المنتجة.

الشركات المصدرة تعرف قدرة بلد ما على اكتشاف أي خلل في المواصفات القياسية وتعرف العقوبة الصارمة التي تنظرها ولهذا لا تتجرأ أصلاً لتصديرها لذلك البلد وبالتالي تجد مواد غذائية تنتج لدول معينة بمواصفات أعلى من غيرها. الدولة صاحبة المواصفات الأدق ومختبرات الجودة الأفضل تحتاج جهداً أقل في ملاحقة المخالفين، لأن السارق لا يتجرأ على مد يده على مال غيره وهو يجزم بالعقوبة الرادعة.

اسرائيل لها أهداف استراتيجية لتصدير منتجاتها لكل الدول العربية والاسلامية، ولهذا قامت بعض شركاتها بتزوير بلد المنشأ أو أعادت تصدير منتجاتها من بلد وسيط لكي تحقق أهدافها، فهل تعتقدون أن هذا التصرف سيجهله المستورد المحلي؟

عندما تطلع على وسائل الشركات الكبرى لتسويق منتجاتها تصيبك الدهشة للجهود الكبيرة والشبكات السرية والأموال التي تبذل بسخاء والتصرفات المريبة، وتجعلك تتساءل لماذا كل هذا؟

أحد مسؤولي إحدى الشركات الكبرى الكندية استقال من عمله في الشركة وضحى بمئات الألوف من الدولارات كراتب شهري بعد أن خدمها عشر سنوات ووضع لها برناماجاً دقيقاً للتسويق، أتدرون لماذا استقال؟ لأنه عجز عن اختراق هيئة الغذاء والدواء بطريقة غير مباشرة لتصريف منتجاته، وانتقل للعمل في الهيئة نفسها ليضع المعايير التي تمرر منتجات شركته، وبعد القبض على معاونيه الخمسة تنصل من أي مسؤولية، ولكن المنتج بقي في سر الكتمان.

لا يشك أحد أن بلدنا مستهدفة، لكن ثقتنا بمواطنيها الغيورين فوق كل شك. فالغيرة الدينية والوطنية تأتي أولاً، لكن هؤلاء يحتاجون التشجيع والدعم والمساندة، يحتاجون التقنية التي توفر لهم امكانية الكشف والتعرف على التراكيب الكيميائية، يحتاجون قبل ذلك للتدريب الدقيق في الهيئات الدولية المتخصصة واكماله بتطوير انفسهم لأن التدريب على كشف بعض المواد لا يعطى لأي أحد.

برامج تطبيق الجودة الغذائية في المصانع الوطنية مثل برنامج (هاسب) لا تطبقه الا شركات معدودة، فلا بد من الزام كل الشركات بتطبيقه لتطوير منتجاتها ولضمان السلامة للمستهلك، فلماذا لا تلزم الشركات بالتطبيق الفعلي لذلك البرنامج؟

على وزارتي الزراعة والتجارة مسؤولية ضمان عدم تسويق أي مبيدات مخالفة للقوانين الدولية وضارة بالصحة، وفحص تلك المواد الكيميائية بين فترة وأخرى لضمان سلامتها وسلامة الناس في وطننا الغالي.

أعتقد أن وجود مركز لتحليل تلك الأغذية في كل الأسواق المركزية مهم للغاية، ويتم أخذ عينات عشوائية من تلك المنتجات وتحليلها من جميع مايجلب للسوق من داخل المملكة وخارجها، ومعاقبة من يوجد في منتجاته آثار مبيدات أشد عقابا، عندها سينصاع التجار والموردون لذلك النظام.

وماقامت به بعض الأمانات في القصيم وغيرها من مبادرات لتحليل الأغذية في السوق هي مبادرات مشكورة، ولكن نحتاج تقنينها وتعميمها على جميع الأسواق حتى نأمن من مخاطر تلك السموم والمبيدات والهرمونات الضارة. لا يمكن التسامح مع من يخل بالأمن والصحة ولو كان بحسن نية، فالمهنية في هذه المجالات لا تسمح بالخطأ ولو كان صغيراً.

الرياض
بواسطة : admin
 0  0  1370