• ×
admin

قتلة..ومحبون

قتلة..ومحبون


د. هاشم عبده هاشم

** حين أكون صادقاً وأميناً معك..

** فإن عليك أن تسمع مشورتي..

** أن تدرك بأن كل كلمة أقولها لك..نابعة من القلب..

** وأن تثق بأن كل حرف فيها..ينبض بحبك..ويقطر وفاء لك..ويجسد مخاوفي الكثيرة عليك..

** فأنا لا أستطيع أن أكون منافقاً لك..

** ومُرضياً لغرورك..

** وموافقاً على كل ما تقول..وتفعل..وتريد..

** لأنني أشعر بحاجتك إلى إنسان آخر..

** إلى إنسان يقول لك..ما لا يمكن أن يقوله غيره..

** يقول لك كلاماً قد لا يرضيك..

** ويبدي لك مشورة..قد لا تتفق مع رغباتك..

** ويهمس في أذنك بما قد لا يستوعبه إدراكك..

** لماذا؟!

** لأنني أحبك (أولاً)..وأخاف عليك (ثانياً)..وأشفق عليك من المنافقين..والمتزلفين.. وغير الأمناء لك أو الحريصين عليك (ثالثاً)..

** ولأنني أحبك..وأخاف عليك وأشفق..فإن مشورتي لك..أو رأيي فيك..قد لا يجد هوى عندك..وقد يبعدني عنك..وقد يتعارض مع صورتك لدى نفسك عن نفسك..كما رسمها الآخرون..ورسخوها في ذهنك..(!)

** ولأنني لا يمكن إلا أن أكون كذلك بالنسبة لك..

** فإنني قد أبدو في نظرك..إنسانا مزعجاً..وغير مقبول أو محتمل بالمرة..

** أعرف هذا..

** وأعرف أن مشاعرك الحساسة..لم تتعود أن تسمع كلمة (لا)..وأن تركيبتك النفسية..لا تتحمل سوى الإطراء..والتصفيق والإشادة بك..والتغني بقدراتك..والافتتان بجمال صورتك..وعذوبة لسانك..وبأدبك..ووعيك..ورجولتك..وإنسانيتك.. ومواقفك..وعظمتك..كما يحلو لهم أن يصفوك..(!!)

** كما أعرف..

** أن كل من يحيطون بك مخلصون لك من وجهة نظرك..وإن كانوا كذابين..ومستغلين في الحقيقة والواقع..

** أعرف كل هذا..

** ومع ذلك فإنني لا أجد في نفسي الشجاعة لكي أكون مثلهم..أمدحك في وجهك..وأبصق على وجهك ومن خلفك..

** لا أجد في نفسي القدرة..

** على أن أكون محباً وكارهاً..

**أميناً..ومنافقاً..

** صادقاً..وكاذباً في آن واحد..

** فقد خُلق بعض الناس..وجبلوا..واعتادوا على هكذا سلوك..وعلى هكذا نفاق..وعلى هكذا تضليل..

** أما أنا..

** أما أخلاقي..

** أما عشرتي الطويلة معك..

** أما تقاسمي الكثير من المرارات..والأفراح معك وبصحبتك مدى العمر..

** فإنها تفرض علي أن أقول لك..ما أعتقد بأنه فيك..ومنك..وعنك.

** لأن لساني..

** لأن مشاعري..

** لأن حقك علي..يحتم عليَّ أن أكون صادقاً معك..وأميناً على أسرارك..ووفياً لسنوات العمر التي قضيتها معك..

** وجاء الوقت لكي..

** أقول لك (( قف))..

** ولمن يحيطون بك من غير الأمناء..\"استحوا\"..

** ولضميرك..\"استيقظ\"..

** ولعقلك..\"أين أنت؟\"..

** ولقلبك..كفى اندفاعاً وجنوناً نحو المجهول..

** ولعينك..توغلي أكثر في أعماق الناس..واقرئي ما يدور في دواخلهم..وليس ما يظهر على وجوههم (الزئبقية)..

** ولأذنيك..لا تستمعي إلى ما يقول هؤلاء..وحللي تصرفاتهم..وارصدي أحاديثهم..ووشوشاتهم في الخفاء لتعرفي الحقيقة..

** لقد جاء الوقت..

** لكي انقذك بالحب..وبالخوف..وبالحرص..

** جاء الوقت لكي..

** تسمع..وترى..وتُحس..بأنك أغلى عندي من كل مكاسب الدنيا..

** ولأنك عندي الأغلى..

** فلا مانع لدي من أن أخسرك..إذا أنت رضيت بخسارتك لنفسك.. وحرمتني من أن أظل أميناً لك..وحريصاً عليك..وصادقاً معك..ولا حول ولا قوة إلا بالله..

***


ضمير مستتر:

** (بعض القتلة..يكونون من المحبين الذين يجيدون تزييف مشاعرهم بكل اقتدار).


المصدر: صحيفة عكاظ
بواسطة : admin
 0  0  1816