• ×
admin

التحديّـات التي نواجهـها في الرعايـة الصحـية

التحديّـات التي نواجهـها في الرعايـة الصحـية

زهير أحمد السباعي

التحديات التي تواجه الرعاية الصحية في المملكة ــ ويشاركنا فيها كثير من دول العالم العربي ــ كثيرة يأتي على رأسها الزيادة المطردة في تكلفة الرعاية الصحية، والتغير المستمر في نمط الأمراض، وعدم وجود أهداف واضحة المعالم قابلة للقياس لمستقبل الرعاية الصحية، ومركزية القرار، وعدم مشاركة أفراد من المجتمع في تخطيط ومتابعة وتقديم الرعاية الصحية على المستوى المحلي، وتأهيل القوى البشرية، والخلل في التوازن بين ما يصر على الوقاية وما يصرف على العلاج . ولأن الموضوع متشعب سوف أكتفي في هذه الحلقة والحلقات التي تليها باستعراض ثلاثـة تحديات أساسية سبق لي أن استعرضتها في كتابي «الرعاية الصحية .. نظرة مستقبلية» ، وألخصها هنا .. التحديات الثلاثـة هي: حاجتنا إلى التخطيط الصحي المبني على الإحصاء الحيوي، والتخلص من المركزية، وتأهيل القوى البشرية الصحية. ولا أنسى قبل البدء بأن أشيد باهتمام ولاة الأمر والمسؤولين في بلادنا بالصحة وتطويرها، وما التحديات التي نواجهـها إلا نتيجة لتراكمات عبر سنين طويلة وليست وليدة اليوم أو الأمس القريب.
عندما من الله علي ــ مع بداية الطفرة الاقتصادية في بلادنا في الثمانينات الميلادية ــ بمبلغ من المال قـررت أن أبني «فيلا» صغيرة على قدر فلوسي. نقلت فكرتي إلى المهندس المعماري «أريدها فيلا جميلة صغيرة مريحة تكفيني وأسرتي وفي حدود ميزانيتي» . قال لي المهندس .. هذا كلام عام .. تعال نتحدث بلغة الأرقام.
ما مساحة الأرض؟ ما مساحة البناء؟ كم ارتفاع الفيلا ؟ ما طولها وما عرضها؟ كم عدد الغرف؟ كم مساحة كل غرفة؟ .. وابتدأ مشوار التخطيط للفيلا بحساب المتر والسنتيمتر.
التخطيط الصحي لا يختلف من حيث المبدأ عن إنشاء عمارة أو بناء مصنع أو صنع سيارة . يجب أن يستند إلى الأرقام حتى يمكن تحويله من فكرة إلى حدث.
من المؤسف أن الخطط الصحية في أغلب دول العالم العربي تندرج تحت باب:
«منى إن تكن حقا تكن أحسن المنى ... وإلا فقد عشنا بها زمنا رغدا».
كثيرا ما تجد في الخطط الصحية تعابير عامة مثـل: «تهدف الخطة إلى إيصال الرعاية الصحية إلى جميـع السكان»، أو «سوف نقضي على مرض الملاريا» ، أو «سوف نحقق مستوى مرتفعا من الرعاية الصحية» . أماني لا تخضع للقياس ولا يمكن محاسبة المسؤولين عنها فيما أنجزوه أو قصروا في أدائه. وقد تجد في الخطط الصحية أرقاما وإحصاءات لا تعبر عن أهداف بقدر ما تعبر عن وسائل. مثـال لذلك : أن نهدف إلى مضاعفة عدد الأسرة، أو الارتفاع بمعدل الأطباء، أو إنشاء 200 مركز صحي. أقول .. هذه الأرقام تعبر عن الوسائل أكثر مما تعبر عن الأهداف..
التخطيط الصحي يجب أن تصاغ أهدافه بناء على الإحصاء الحيوي وبخاصة معدلات الأمراض والوفيات. أضرب مثلا لذلك : الانخفاض بمعدل وفيات الأطفال الرضع أو وفيات الأمهات الحوامل أو معدل الإصابة بأمراض مثـل السل أو البلهارسيا أو السرطان أو السكري أو ضغط الدم أو حوادث الطرق.

عكاظ
بواسطة : admin
 0  0  816