• ×
admin

ظاهرة.. أم كارثة؟!

ظاهرة.. أم كارثة؟!

يوسف الكويليت

كثيراً ما تناولتُ موضوعات المرور وحوادث الطرق والشوارع أسوة بالكثيرين الذين يرون هذه الظاهرة تتزايد وتنمو بدرجة تضعنا أمام كوارث تفوق الحروب، ومهما قيل بأن الأسباب عديدة: تهور السائق سواء أكان مراهقاً أم راشداً، وتملّك عمالة لسيارات انتهى عمرها الافتراضي، وغياب النقل العام، وكذلك حوادث الطرق التي أصبحت حالة قائمة، رغم وجود تنظيمات حاولت الحد من هذه الكوارث، إلا أن القضية تنذر بتعدد الموتى، والمعاقين، وأن حالات استيراد السيارات التي بدأت تصل إلى الملايين في مدن وطرقات المملكة صارت استنزافاً مادياً وبشرياً..

غياب الرادع الأكبر أسوة بدول عرفت كيف تحمي مواطنيها من تهور السائقين، لا يبدو أنه سيكون حاضراً، وما يحدث الآن بيننا يشبه حالات القتل المتعمد سواء بقطع الإشارة أو السرعة الجنونية، والمسألة لا تعدو غياباً آخر تربوياً وثقافياً، عندما يصبح الحدث الصغير، الذي لا يتجاوز العاشرة، يملك سيارة ويقودها، وهو الذي لا يدرك مخاطر المركبة ولا الغاية منها، وقد تكون في بعض المرات ترفاً عائلياً، أو حاجة خاصة، لكن القضية بدأت تخرج من حالة الظاهرة إلى الكارثة، ولا ندري من يتحمل المسؤولية، أهو المرور، أم العائلة، أم الأنظمة التي سمحت بأن نرى واقعاً مأساوياً بلا حلول؟

مئات الآلاف يذهبون إلى المقابر أو الإعاقة الدائمة، حتى صارت المملكة بما يقال إنها الأولى في نسبة الحوادث، ولو حدث ذلك في بلد آخر، لربما اجتمعت كل الهيئات الحكومية والمدنية، وأعلنت حالة الطوارئ لمناقشة هذا الأمر، وكيف الخروج منه بوقف النزيف الدائم، إلا أن القصور لا يُعزى لجهة واحدة إذا ما عرفنا أن كل بيت عانى من هذه المشكلة سواء بكارثة أو حالة خاصة جنبته الخسائر في الأرواح إلى الخسائر المادية..

نعرف أن لدينا خبراء، وبغيابهم يمكن الاستعانة بتجارب دول أخرى بتنظيم مفهوم السيارة والطريق، والسائق، إلا أن الأمور لا تتجه إلى تعريف ومعالجةٍ لقضية باتت تهدد كل أسرة، ولا أحد عاش كارثة عائلة أو فرد لا يشعر بهذه المآسي..

الشعوب التي تتمتع بثرواتها، تقدر قيمة النظام والحياة، وأسلوب التعاطي مع السلامة العامة، لكننا ضد هذه الرؤية ونعاكسها، بل إن المظاهر السلبية التي نراها في بعض شوارعنا باستعراض الشباب لأفخم وأغلى ما أنتجته المصانع العالمية بمفاخرة، هي صيغة تتجاوز الذوق إلى الكبرياء الكاذبة، لأن في العالم هناك من هو أغنى منا ومع ذلك لا توجد هذه السلوكيات الخاطئة، ولا يوجد شاب يتقدم دلاله على تعليمه وتثقيفه..

الحرب المدمرة لدينا تحتاج وقفة صحيحة من كل المسؤولين حسب مراتبهم وأدوارهم، والحلول مع التحليل والرؤية الصحيحة، وتبادل الأفكار، هي التي تنتج وقف هذه الحوادث، ولا ندري ماذا ستكون عليه معالجة هذه الأمور؟

ولعل الإحصاءات التي يقدمها المرور أو وزارة الصحة مخيفة تماماً في تنامي الخسائر البشرية والمادية..

الإنسان مثقفاً ومتعلماً كان أو جاهلاً ربما تقوده نوازعه وغرائزه لتجاوز أي نظام، والمشكل أننا نرى جنسيات من شعوب متقدمة، تستغل فوضى المرور لدينا وعدم التقيد به أسوة بما يرونه في الشارع، وهذا السلوك لا يُعزى لنقصٍ في الوعي، وإنما لغريزة «كن حيث كنت» بحيث يمارس عادات وسلوكيات المجتمع..

عموماً نحن نرى المشكلة وآثارها، وما لم نصل إلى قناعة بأنها كارثة بكل ما تحدده الأوصاف والحقائق، فإننا ماضون إلى موت متعمد لا يستثني الغني أو الفقير..

الرياض
بواسطة : admin
 0  0  1478