• ×
admin

الإجازة المرضية

الإجازة المرضية تسرع في تحسن المريض وتأهله للشفاء !


د. خالد النمر

دخل أحد المرضى الى المستشفى وكان قد اصيب بجلطة قلبية سابقة من قبل واجري له في ذلك الوقت عملية توسيع للشرايين بتركيب دعامة معالجة وكان تحسنه مقبولا خلال فترة جلوسه السابقة في المستشفى وعند خروجه من المستشفى اعطي الادوية اللازمة لحالته مع اجازة مرضية لمدة شهر من عمله وعكس ماكان الطبيب يتوقعه فقد اضطرت المريض ظروفه وبقرار منه الى الرجوع لعمله الخاص مبكراً وخلال يومين فقط من رجوعه للعمل احس برجوع الآلام المبرحة الى صدره وجاء الى الطوارئ وكان ذلك سبب دخوله للمستشفى مرة اخرى..

ومن حق القارئ الكريم ان يعرف مفهوم الاجازة المرضية ودلالاته لدى مرضى القلب وماذا يعني ذلك لكل من الموظف وصاحب العمل من جهة والطبيب المعطي للاجازة من الناحية العلمية والناحية الطبية الاخلاقية من جهة اخرى .

من المعروف عالمياً أن أمراض القلب هي السبب الثالث في العالم للانقطاع عن العمل لفترات طويلة وللتقاعد المبكر وتأتي بعد الامراض النفسية في المرتبة الاولى والحوادث بأنواعها المختلفة في المرتبة الثانية .

ماهي فائدة الاجازة الطبية للمريض؟

هناك دراسات طبية منشورة اثبتت ان الاجازة المرضية تسرع في تحسن المريض وتأهله للشفاء وذلك بالدعم الاجتماعي والاسري الذي يتمتع به في تلك الفترة وهي ايضا تساعده على التأقلم على نمط الحياه الجديد الغذائي والعلاجي الذي يحتاجه بعد الجلطة القلبية واخيرا فإن هناك الكثير من مرضى القلب يحتاجون لفترات متفاوتة من التأهيل العلاجي والنفسي قبل رجوعهم للعمل, ولقد اثبتت الدراسات الطبية في المقابل ان الذين تضطرهم ظروفهم للرجوع المبكر للعمل قبل انتهاء الاجازة الطبية قد يتسبب ذلك في انتكاس حالتهم ودخولهم مرة اخرى الى المستشفى مقارنة بمن يتمتعون بإجازتهم الطبية كاملة قبل رجوعهم للعمل.


الاجازة الطبية حق مشروع

والاجازة الطبية حق مشروع للمريض يجب ان يعطى له بدون صعوبة وبما يستحقه طبيا بدون النظر لاي اعتبارات اخرى فصحة المريض والمدة الكافية لتأهيله جسديا ونفسيا هى المعيار الوحيد الذي يجب ان ينظر له في هذا الشأن.


الاختلاف القائم في مدة الاجازة الطبية

ونظام الاجازات الطبية لمرضى القلب ومدتها يختلف من دولة الى اخرى فمثلا (السويد تعطي ستين يوما بعد الجلطة القلبية التي تحصل بدون مضاعفات مقارنة بثلاثين يوما فقط في النظام الطبي الامريكي) وايضا من نظام طبي الى نظام طبي آخر (مثلا مرضى ومستشفيات التأمين الصحي ومقارنة ذلك بمرضى ومستشفيات القطاع الحكومي ) بل وفي نفس المنشأة الطبية من طبيب الى آخر..ومن المفارقات العجيبة ان التطور الطبي والتقني في علاج جلطات القلب خلال الاربعين سنة الماضية لم يؤثر في مدة الاجازة الطبية التي تعطى لمريض جلطة القلب عند خروجه من المستشفى فمازال الاختلاف قائما وبدرجات متفاوتة وبعض هذا الاختلاف يرجع الى اختلاف حالات المرضى والامراض المصاحبه للمرض الاصلي بل وشدة المرض الاصلي ومضاعفاته في ذلك المريض ولذلك من الصعوبة بمكان وضع نظام طبي قانوني يستعمل لجميع الحالات، ومما يسهل تمحيص تلك الاجازات هو اجماع اكثر من طبيب في نفس التخصص على احقية ذلك المريض لتلك المدة.

ودرجة الاختلاف في تقدير مدة الاجازة الطبية بين الاطباء كبيرة جدا الى درجة تصل في النادر الى ضعف الاجازة (وبين ذلك وذاك طيف من الدرجات المتفاوتة ) وذلك حسب الدراسات الطبية المنشورة.


العوامل التي تؤثر في مدة الاجازة الطبية

وتطول الاجازة بعد جلطة القلب في كبار السن ,وفيمن لديهم اكتئاب او قلق مزمن ,او ضغوطات في العمل ,او انخفاض المستوى التعليمي,او بعد السكن عن مقر العمل وبالذات في المناطق النائية او ضواحي المدن الكبيرة.ويجب معرفة ان في بعض المرضى الاستعجال برجوعهم للعمل افضل من تمديد اجازاتهم ولهذا المفهوم استثناءات يقدرها الطبيب ومريضه معا .وكما يجب عدم الاسراف في الاجازة الطبيه فيجب ايضا عدم حرمان من يستحقها طبياً وتقدر كل حالة طبية بقدرها.


الاكتئاب النفسي بعد الجلطة وتأثيره على مدة الاجازة المرضية

وقد تطول الاجازة لاسباب لاتتعلق بالجلطة او عضلة القلب او الشرايين وانما لأسباب تتعلق بالمضاعفات النفسية للجلطة القلبية فقد وجد ان مريضا واحدا من كل خمسة مرضى (20%) يعاني من الاكتئاب المرضى major depression والذي قد يظهر بشكل عدم الرغبة في الحديث مع الناس, العزلة الاجتماعية , الخوف الدائم من قرب الموت ,عدم الرغبة في العمل ,تأخر النوم وتقطعه , البكاء الدائم ,عدم الاهتمام بالادوية او بمراجعة المستشفيات....الخ , والمشكلة ان هذه المعاناة قد تطول الى اكثر من ثلاثة اشهر فقد وجد في الدراسات الطبية ان خمسة وثلاثين الى اربعين في المئة من المرضى الذين يصابون بالاكتئاب الحاد بعد جلطة القلب تستمر معهم تلك الاعراض الى اكثر من ثلاث اشهر ولايخفى تأثير ذلك على انتاجية الفرد والتزامه بعمله وعلاقاته المنزلية وبمن حوله .


اعطاء الاجازة امانة طبية

واخيرا فإني اذكر نفسي اولا وزملائي في المهنة ثانيا بأن إعطاء الاجازة أمانة يجب مخافة الله فيها فتعطى للمريض المستحق لها بدون تردد وحسب الرأي الطبي البحت وللمدة التي يحتاجها وكذلك في المقابل بدون ظلم لصاحب العمل واطالة الاجازة من غير داعٍ وقد وجدت دوما ان الاستئناس برأي زميل آخر في المهنه يسهل كثيرا ايجاد ذلك التوازن .

المصدر: صحيفة الرياض
بواسطة : admin
 0  0  1473