مشروبات الطاقة.. وأخطارها على المراهقين والشباب
مشروبات الطاقة.. وأخطارها على المراهقين والشباب
التعود عليها يقود إلى التوجه لتناول مواد كيميائية محفزة للمخ ممنوعة قانونيا
د. هاني رمزي عوض
على الرغم من ظهور العديد من الدراسات والمقالات حول المخاطر الناتجة عن شرب «مشروبات الطاقة» (energy drink)، فإنها لا تزال رائجة. وتحتوي هذه المشروبات على كمية كبيرة من الكافيين والأحماض الأمينية، وأيضا على مواد سكرية سواء طبيعية أو صناعية للتحلية، ويقبل عليها المراهقون بشكل مكثف نظر لأنها تحفز عمل المخ نتيجة للكمية الكبيرة من الكافيين الموجودة بها. وهي تختلف عن المشروبات الغازية العادية التي تحتوي على الماء والسكريات ومكسبات الطعم. وتحذر العديد من الدراسات من الإفراط في تناول هذه المشروبات والأخطار الصحية الناتجة عن الإفراط في تناولها على المدى البعيد.
* أخطار مشروبات الطاقة
* أشارت أحدث دراسة تناولت أخطار مشروبات الطاقة، شارك فيها باحثون من 6 جامعات من الولايات المتحدة، إلى أن الإفراط في استخدام مشروبات الطاقة من قبل المراهقين في الأغلب يكون مصحوبا باللجوء إلى الأطباء أو المستشفيات للحصول على وصفات طبية لمستحضرات هي عبارة عن محفزات للمخ، بطريقة غير قانونية. ونشرت الدراسة في مجلة رابطة التعليم الطبي والأبحاث في إدمان المواد المخدرة (journal of the Association for Medical Education and Research in Substance Abuse) وتناولت المراهقين والشباب.
وجرى، من خلال الإنترنت، ملء استبيان حول مدى استخدام هؤلاء الشباب لمشروبات الطاقة، واستخدامهم لمحفزات أو منبهات كيميائية للمخ عن طريق وصفات طبية سواء كانت هذه المحفزات قانونية أو غير قانونية (جرى الاستبيان دون طلب البيانات الخاصة من المشاركين والتي تظهر هويتهم الحقيقية، بهدف توخي الصدق في الإجابة).
وأوضح الاستبيان أن استهلاك المواد الكيميائية المحفزة للمخ غير القانونية كان نحو 3 أضعاف أكثر لدى الطلاب الذين اعتادوا شرب مشروبات الطاقة قبل الاستبيان بنحو شهر. كما تبين أن استهلاك هذه المواد الكيميائية أو الأدوية الطبية دون وصفة طبية يتناسب تناسبا طرديا مع كل يوم استهلاك من مشروبات الطاقة، بمعنى أن المراهقين الذين تناولوا المشروبات بشكل يومي تأثروا أكثر من أقرانهم الذين تناولها ولكن بشكل غير منتظم، بالإضافة إلى أن النسبة زادت تبعا لليوم الواحد وكمية المشروبات التي تم تناولها وكذلك الكمية التي تم تناولها في المرة الواحدة.
كما أن معظم الطلبة الذين أفادوا بأنهم يتناولون أدوية محفزه للمخ بوصفات طبية قانونية كانوا يتناولون الأدوية مع مشروبات الطاقة، وهو ما يمثل خطورة طبية، وذلك لزيادة احتمالية الأعراض الجانبية والمخاطر، كما أن هناك احتمالية أن يحدث تفاعل بين المواد المكونة لهذه المشروبات والأدوية المحفزة (interactions) يمكن أن تؤدي إلى مخاطر صحية.
وعلى سبيل المثال فإن مادة مثل «الجانسن» يمكن أن تتفاعل مع الأدوية المضادة للاكتئاب وتزيد من ماده السيروتنين بشكل حاد (serotonin syndrome) مما يمكن أن يزيد من ضربات القلب وفي بعض الأحيان يمكن أن يؤدي إلى تشنجات.
* التعود والإدمان
* ويقع الخطر الأكبر على المراهقين والشباب من إمكانية حدوث التعود والاعتماد (dependency) على هذه المشروبات، بل والوصول إلى إدمان الأدوية المحفزة نتيجة للاستهلاك المبالغ فيه وزيادة المطالب الإدراكية للحث على زيادة الجرعات، بمعنى أن المراهق يتعود على أن يكون في حالة تركيز أعلى لإنجاز دراسته أو للسهر لفترة أطول. كما أن مشاعر البهجة التي تسببها تلك المحفزات تجعل الشباب يقبل عليها نتيجة للتأثير العصبي لمكونات مشروبات الطاقة، مثل زيادة مادة الدوبامين والسيروتنين اللتين تحسنان المزاج، وهذه المواد تشبه إلى حد كبير المواد العصبية الموجودة في الأدوية المحفزة للمخ.. كما أن المواد مثل الكافيين والتورين (taurine) تؤثر على التركيز وأيضا على طريقة التفكير.
ولا يقتصر الأمر على إدمان الأدوية المحفزة فقط (على خطورته)، لكن يمكن أن يمتد أيضا إلى أن يدمن المراهق الكحوليات، وهو الأمر الذي أشارت إليه دراسة حديثة في فبراير (شباط) من العام الحالي ونشرت في المجلة نفسها التي تم نشر الدراسة السابقة فيها، والتي أوضحت أن النسبة الكبيرة التي تشرب مشروبات الطاقة من المراهقين والتي تقدر بنحو ثلث المراهقين في الولايات المتحدة يمكن أن تؤدى إلى زيادة مدمني الكحوليات والمخدرات والتدخين بطبيعة الحال، حيث إن الشعور الذي يحصل عليه المراهق جراء الإفراط في تناول هذه المشروبات يجعله على استعداد لأن يقوم بتجربة مواد أكثر قوة وذات تأثير أكبر مثل الكحوليات أو المواد المخدرة.
وكانت الدراسات التي تناولت هذا الموضوع خلصت إلى أن المراهق ينتابه إحساس بالإقدام على تجربة مواد أخرى (risk orientation) بعد الإفراط في تناول هذه المشروبات، بالإضافة إلى أن العديد من المراهقين اعترفوا بأنهم يستخدمون مشروبات الطاقة مع الكحول طمعا في تقليل آثار الكحول بالشكل الذي يحافظ على توازنهم ويقظتهم. وعلى الرغم من أنه ليس بالضرورة بطبيعة الحال أن المراهق الذي يتناول مشروبات الطاقة سوف يحاول تناول الكحوليات أو المخدرات، فإن الخطر موجود ويسترعي الانتباه.
وأفادت هذه الدراسة بضرورة نشر التوعية الكافية بين الآباء والمراهقين والمدرسين والقائمين على الصحة المدرسية لمحاولة تلافي أخطار الإفراط في هذه المشروبات، مما قد يؤثر بالسلب لاحقا على هؤلاء المراهقين.
الشرق الأوسط
التعود عليها يقود إلى التوجه لتناول مواد كيميائية محفزة للمخ ممنوعة قانونيا
د. هاني رمزي عوض
على الرغم من ظهور العديد من الدراسات والمقالات حول المخاطر الناتجة عن شرب «مشروبات الطاقة» (energy drink)، فإنها لا تزال رائجة. وتحتوي هذه المشروبات على كمية كبيرة من الكافيين والأحماض الأمينية، وأيضا على مواد سكرية سواء طبيعية أو صناعية للتحلية، ويقبل عليها المراهقون بشكل مكثف نظر لأنها تحفز عمل المخ نتيجة للكمية الكبيرة من الكافيين الموجودة بها. وهي تختلف عن المشروبات الغازية العادية التي تحتوي على الماء والسكريات ومكسبات الطعم. وتحذر العديد من الدراسات من الإفراط في تناول هذه المشروبات والأخطار الصحية الناتجة عن الإفراط في تناولها على المدى البعيد.
* أخطار مشروبات الطاقة
* أشارت أحدث دراسة تناولت أخطار مشروبات الطاقة، شارك فيها باحثون من 6 جامعات من الولايات المتحدة، إلى أن الإفراط في استخدام مشروبات الطاقة من قبل المراهقين في الأغلب يكون مصحوبا باللجوء إلى الأطباء أو المستشفيات للحصول على وصفات طبية لمستحضرات هي عبارة عن محفزات للمخ، بطريقة غير قانونية. ونشرت الدراسة في مجلة رابطة التعليم الطبي والأبحاث في إدمان المواد المخدرة (journal of the Association for Medical Education and Research in Substance Abuse) وتناولت المراهقين والشباب.
وجرى، من خلال الإنترنت، ملء استبيان حول مدى استخدام هؤلاء الشباب لمشروبات الطاقة، واستخدامهم لمحفزات أو منبهات كيميائية للمخ عن طريق وصفات طبية سواء كانت هذه المحفزات قانونية أو غير قانونية (جرى الاستبيان دون طلب البيانات الخاصة من المشاركين والتي تظهر هويتهم الحقيقية، بهدف توخي الصدق في الإجابة).
وأوضح الاستبيان أن استهلاك المواد الكيميائية المحفزة للمخ غير القانونية كان نحو 3 أضعاف أكثر لدى الطلاب الذين اعتادوا شرب مشروبات الطاقة قبل الاستبيان بنحو شهر. كما تبين أن استهلاك هذه المواد الكيميائية أو الأدوية الطبية دون وصفة طبية يتناسب تناسبا طرديا مع كل يوم استهلاك من مشروبات الطاقة، بمعنى أن المراهقين الذين تناولوا المشروبات بشكل يومي تأثروا أكثر من أقرانهم الذين تناولها ولكن بشكل غير منتظم، بالإضافة إلى أن النسبة زادت تبعا لليوم الواحد وكمية المشروبات التي تم تناولها وكذلك الكمية التي تم تناولها في المرة الواحدة.
كما أن معظم الطلبة الذين أفادوا بأنهم يتناولون أدوية محفزه للمخ بوصفات طبية قانونية كانوا يتناولون الأدوية مع مشروبات الطاقة، وهو ما يمثل خطورة طبية، وذلك لزيادة احتمالية الأعراض الجانبية والمخاطر، كما أن هناك احتمالية أن يحدث تفاعل بين المواد المكونة لهذه المشروبات والأدوية المحفزة (interactions) يمكن أن تؤدي إلى مخاطر صحية.
وعلى سبيل المثال فإن مادة مثل «الجانسن» يمكن أن تتفاعل مع الأدوية المضادة للاكتئاب وتزيد من ماده السيروتنين بشكل حاد (serotonin syndrome) مما يمكن أن يزيد من ضربات القلب وفي بعض الأحيان يمكن أن يؤدي إلى تشنجات.
* التعود والإدمان
* ويقع الخطر الأكبر على المراهقين والشباب من إمكانية حدوث التعود والاعتماد (dependency) على هذه المشروبات، بل والوصول إلى إدمان الأدوية المحفزة نتيجة للاستهلاك المبالغ فيه وزيادة المطالب الإدراكية للحث على زيادة الجرعات، بمعنى أن المراهق يتعود على أن يكون في حالة تركيز أعلى لإنجاز دراسته أو للسهر لفترة أطول. كما أن مشاعر البهجة التي تسببها تلك المحفزات تجعل الشباب يقبل عليها نتيجة للتأثير العصبي لمكونات مشروبات الطاقة، مثل زيادة مادة الدوبامين والسيروتنين اللتين تحسنان المزاج، وهذه المواد تشبه إلى حد كبير المواد العصبية الموجودة في الأدوية المحفزة للمخ.. كما أن المواد مثل الكافيين والتورين (taurine) تؤثر على التركيز وأيضا على طريقة التفكير.
ولا يقتصر الأمر على إدمان الأدوية المحفزة فقط (على خطورته)، لكن يمكن أن يمتد أيضا إلى أن يدمن المراهق الكحوليات، وهو الأمر الذي أشارت إليه دراسة حديثة في فبراير (شباط) من العام الحالي ونشرت في المجلة نفسها التي تم نشر الدراسة السابقة فيها، والتي أوضحت أن النسبة الكبيرة التي تشرب مشروبات الطاقة من المراهقين والتي تقدر بنحو ثلث المراهقين في الولايات المتحدة يمكن أن تؤدى إلى زيادة مدمني الكحوليات والمخدرات والتدخين بطبيعة الحال، حيث إن الشعور الذي يحصل عليه المراهق جراء الإفراط في تناول هذه المشروبات يجعله على استعداد لأن يقوم بتجربة مواد أكثر قوة وذات تأثير أكبر مثل الكحوليات أو المواد المخدرة.
وكانت الدراسات التي تناولت هذا الموضوع خلصت إلى أن المراهق ينتابه إحساس بالإقدام على تجربة مواد أخرى (risk orientation) بعد الإفراط في تناول هذه المشروبات، بالإضافة إلى أن العديد من المراهقين اعترفوا بأنهم يستخدمون مشروبات الطاقة مع الكحول طمعا في تقليل آثار الكحول بالشكل الذي يحافظ على توازنهم ويقظتهم. وعلى الرغم من أنه ليس بالضرورة بطبيعة الحال أن المراهق الذي يتناول مشروبات الطاقة سوف يحاول تناول الكحوليات أو المخدرات، فإن الخطر موجود ويسترعي الانتباه.
وأفادت هذه الدراسة بضرورة نشر التوعية الكافية بين الآباء والمراهقين والمدرسين والقائمين على الصحة المدرسية لمحاولة تلافي أخطار الإفراط في هذه المشروبات، مما قد يؤثر بالسلب لاحقا على هؤلاء المراهقين.
الشرق الأوسط