متبرعون.. أم بائعون؟!
متبرعون.. أم بائعون؟!
عزيزة المانع
حين قال شاعرنا العربي القديم مبتئسا يائسا: (ولي كبد مقروحة، من يبيعني،، بها كبدا ليست بذات قروح!)، هل خطر بباله أن أمنيته ستتحقق يوما فيجد من يبيعه ليس كبدا فقط وإنما كلية وقلبا وقرنية وكل ما يحتاج إليه من قطع الغيار البشرية!!
تقدم الإنسان مسافات بعيدة ورائعة في المسار العلمي، لكنه في مقابل ذلك أخذ يغرق في بحر من المشكلات الأخلاقية التي رافقت ذلك التقدم، وما كان لها أن تخطر بباله من قبل!!
من تلك المشكلات ما يواجهه الناس في هذا العصر من حيرة عند الوقوف بين حاجة المريض إلى عضو سليم بدلا من عضوه التالف، وحاجة الفقير إلى المال!! هل يجوز للمريض استغلال حاجة الفقير فيقتطف منه عضوا سليما يريحه من آلامه مقابل ما يمنحه له من مال؟!
ما مدى مشروعية أن بيع الانسان عضوا من أعضائه؟ ما رأي علمائنا الكرام في هذه المسألة؟
وزارة الصحة في أنظمتها تمنح من يتبرع بكليته مكافأة (تشجيعية) قدرها خمسون ألف ريال!! فهل يجوز هذا شرعا؟ إن من يقدم على التبرع بكليته لمجرد إغراء الخمسين ألف ريال، هو بلا أدنى شك في حالة من الفقر تجعله يرى الخمسين ألف كخمسين مليارا، فيقبل على التبرع مفاديا بكل شيء متحملا كل مشقة مقابل أن يحظى بتلك الثروة!!
في مثل هذه الحالة ألا يعد التلويح بتلك المكافأة تشجيعا على بيع الأعضاء وإن أعطي له اسما مختلفا؟ هذه المكافأة التي تقدمها وزارة الصحة، تبدو لي ليست سوى تنظيم لعملية (بيع) الكلى وضبط (للسعر) ليس إلا.
هناك فرق بين أن يقدم الإنسان على التبرع بدافع من فيض الحب للمريض أو لعمق الإيمان بنيل الأجر من الله، وبين أن يقدم عليه لمجرد الحصول على مال يسد به حاجته وحاجة من يعول ؟
لا أنكر أني شعرت بالأسى لأحد العمال الباكستانيين، حين اضطرته ظروفه الاقتصادية العسرة إلى بيع كليته مقابل خمسين ألف ريال، فقد كان أمامه اختيار أحد أمرين: دخول السجن لعجزه عن تسديد قرض مطالب بتسديده، أو بيع كليته، فاختار أهون الأمرين بالنسبة له.
إني لست ضد التبرع بالأعضاء لإنقاذ حياة بريئة متى كان خالصا لوجه الله أو لوجه الحب للمريض المتبرع له، لكني ضد استغلال الحاجة المادية لبعض الفقراء الذين يجدون أنفسهم مندفعين إلى فعل ما لا يرغبون فعله لمجرد كسب مبلغ من المال.
كم تبدو الحياة قاسية ومؤلمة في بعض الأحيان، حين تضطرنا إلى فعل شيء نكره أن نفعله!!
عكاظ
عزيزة المانع
حين قال شاعرنا العربي القديم مبتئسا يائسا: (ولي كبد مقروحة، من يبيعني،، بها كبدا ليست بذات قروح!)، هل خطر بباله أن أمنيته ستتحقق يوما فيجد من يبيعه ليس كبدا فقط وإنما كلية وقلبا وقرنية وكل ما يحتاج إليه من قطع الغيار البشرية!!
تقدم الإنسان مسافات بعيدة ورائعة في المسار العلمي، لكنه في مقابل ذلك أخذ يغرق في بحر من المشكلات الأخلاقية التي رافقت ذلك التقدم، وما كان لها أن تخطر بباله من قبل!!
من تلك المشكلات ما يواجهه الناس في هذا العصر من حيرة عند الوقوف بين حاجة المريض إلى عضو سليم بدلا من عضوه التالف، وحاجة الفقير إلى المال!! هل يجوز للمريض استغلال حاجة الفقير فيقتطف منه عضوا سليما يريحه من آلامه مقابل ما يمنحه له من مال؟!
ما مدى مشروعية أن بيع الانسان عضوا من أعضائه؟ ما رأي علمائنا الكرام في هذه المسألة؟
وزارة الصحة في أنظمتها تمنح من يتبرع بكليته مكافأة (تشجيعية) قدرها خمسون ألف ريال!! فهل يجوز هذا شرعا؟ إن من يقدم على التبرع بكليته لمجرد إغراء الخمسين ألف ريال، هو بلا أدنى شك في حالة من الفقر تجعله يرى الخمسين ألف كخمسين مليارا، فيقبل على التبرع مفاديا بكل شيء متحملا كل مشقة مقابل أن يحظى بتلك الثروة!!
في مثل هذه الحالة ألا يعد التلويح بتلك المكافأة تشجيعا على بيع الأعضاء وإن أعطي له اسما مختلفا؟ هذه المكافأة التي تقدمها وزارة الصحة، تبدو لي ليست سوى تنظيم لعملية (بيع) الكلى وضبط (للسعر) ليس إلا.
هناك فرق بين أن يقدم الإنسان على التبرع بدافع من فيض الحب للمريض أو لعمق الإيمان بنيل الأجر من الله، وبين أن يقدم عليه لمجرد الحصول على مال يسد به حاجته وحاجة من يعول ؟
لا أنكر أني شعرت بالأسى لأحد العمال الباكستانيين، حين اضطرته ظروفه الاقتصادية العسرة إلى بيع كليته مقابل خمسين ألف ريال، فقد كان أمامه اختيار أحد أمرين: دخول السجن لعجزه عن تسديد قرض مطالب بتسديده، أو بيع كليته، فاختار أهون الأمرين بالنسبة له.
إني لست ضد التبرع بالأعضاء لإنقاذ حياة بريئة متى كان خالصا لوجه الله أو لوجه الحب للمريض المتبرع له، لكني ضد استغلال الحاجة المادية لبعض الفقراء الذين يجدون أنفسهم مندفعين إلى فعل ما لا يرغبون فعله لمجرد كسب مبلغ من المال.
كم تبدو الحياة قاسية ومؤلمة في بعض الأحيان، حين تضطرنا إلى فعل شيء نكره أن نفعله!!
عكاظ