صيف بلا مياه
صيف بلا مياه
يوسف الكويليت
مع ارتفاع درجات الحرارة في بيوتنا وعموم مدننا، تبدأ الإنذارات تأتي متكررة من خوف انقطاع المياه، وقد تكررت في كل موسم، وقد لا يقع اللوم على الوزارة وأجهزتها فقط، وإنما على مجتمع تعوّد أن لا تتعرض ضروراته للإيقاف لأي سبب كان، وكما نعرف أننا بيئة غير قادرة على تلبية حاجاتنا من هذا المورد، ولا نتعلم، أو لا نريد أن نفهم أن العملية مسؤولية الجميع.
فاستهلاكنا فاق كل الشعوب للفرد، ولانعدام معايير التعامل مع المياه كضرورة لا إسفاف باستهلاكها سوف تتكرر المشكلة، ومعالجات الأجهزة الحكومية تفتقد لنشر الوعي الحقيقي فتوزيع أدوات الترشيد، وبعض الملصقات، أو النشرات بوسائط الإعلام العام ليست كافية إذا عرفنا أن لدينا ما يزيد على عشرة ملايين وافد لا يفهمون لغتنا ولا ما نكتب وما ننصح به ويمارسون عادات دولهم ذات الوفرة المائية، فإننا أمام ما يصل إلى نصف مجتمعنا لا يعي قيمة وندرة الماء، ويستهلك النسبة المساوية للمواطن.
كُتب الكثير، وخرج الوزير نفسه ينذر ويضع أمامنا الإحصائيات المخيفة بالهدر الذي حدث، لكن إذا كنا مقبلين على أمرٍ صعب فالحلول لا تأتي بالأماني، وإنما بالوعي، وهذا يتطلب سنوات طويلة لرفع مستواه إلى المسؤولية الاجتماعية.
في الرياض الآن، وفي كثير من الأحياء، بدأت ساعات تدفق المياه تقل ولا تأتي بنفس القوة، مما يعني أننا مُقدمُون على صيف حرج، وشهر صومٍ قاسٍ، ولا ندري تبعاً لما نلقاه من تصريحات من مسؤولين كبار، أن لا أزمات مياه في هذا الصيف وما بعده، وهنا يبرز سؤال عام، هل توزيع المياه بين الأحياء مبرمج وبنفس النسب، أم أن هناك العكس، بحيث لا تنقطع عن البعض، وتشح عند غيرهم، وهذا الكلام من المسلمات التي نسمعها عند عامة المواطنين.
عملية تغيير سلوك الاستهلاك صعب ومعقد، لأن طابع الترشيد غير وارد حتي لو اشترى صاحب المنزل صهريج الماء بضعف أسعاره، ثم هناك التفاوت بين من يسكن منزلاً صغيراً، شقة أو فلة، وبين من يقطن ضعف تلك المساكن التي تستهلك الضعف بالهدر على الحدائق والمسابح، وغسل الممرات والطرق، واستهلاك العمالة المضافة من سائقين وخدم.
الجدل سيستمر بين مسؤولي المياه والمواطن، ولا حلول سهلة يمكن أن تخلق تعاوناً بين جميع أصحاب العلاقة، لكن إيضاح الحقائق للمواطن وإعلانها مطلب أساسي بحيث لا يبقى التمييز بين حي وآخر تفرضه عوامل السكان فقط، وهي ملاحظات نراها ولا نعترف بها، والقضية أننا في حال واقع يفترض المعالجة بمبدأ المساواة حتى لا يظل من يرتوي مثل العطشان، ونحن هنا لا نريد انتقاص من يعمل ويجتهد ويسهر، ولكن من لا يرى الحقيقة بعيون مفتوحة.
قدرنا أننا أكثر شعوب العالم شحَّاً بالمياه، وأكثرها لا مبالاة في استنزاف مخزونها واستهلاكها، وكل الأمور تعاكس بعضها، فلا المسؤول قادر على إقناع المواطن، ولا المواطن يرى إيجابيات ما يطرحه المسؤول، ولذلك كل يعزف على وتر الآخر.
الرياض
يوسف الكويليت
مع ارتفاع درجات الحرارة في بيوتنا وعموم مدننا، تبدأ الإنذارات تأتي متكررة من خوف انقطاع المياه، وقد تكررت في كل موسم، وقد لا يقع اللوم على الوزارة وأجهزتها فقط، وإنما على مجتمع تعوّد أن لا تتعرض ضروراته للإيقاف لأي سبب كان، وكما نعرف أننا بيئة غير قادرة على تلبية حاجاتنا من هذا المورد، ولا نتعلم، أو لا نريد أن نفهم أن العملية مسؤولية الجميع.
فاستهلاكنا فاق كل الشعوب للفرد، ولانعدام معايير التعامل مع المياه كضرورة لا إسفاف باستهلاكها سوف تتكرر المشكلة، ومعالجات الأجهزة الحكومية تفتقد لنشر الوعي الحقيقي فتوزيع أدوات الترشيد، وبعض الملصقات، أو النشرات بوسائط الإعلام العام ليست كافية إذا عرفنا أن لدينا ما يزيد على عشرة ملايين وافد لا يفهمون لغتنا ولا ما نكتب وما ننصح به ويمارسون عادات دولهم ذات الوفرة المائية، فإننا أمام ما يصل إلى نصف مجتمعنا لا يعي قيمة وندرة الماء، ويستهلك النسبة المساوية للمواطن.
كُتب الكثير، وخرج الوزير نفسه ينذر ويضع أمامنا الإحصائيات المخيفة بالهدر الذي حدث، لكن إذا كنا مقبلين على أمرٍ صعب فالحلول لا تأتي بالأماني، وإنما بالوعي، وهذا يتطلب سنوات طويلة لرفع مستواه إلى المسؤولية الاجتماعية.
في الرياض الآن، وفي كثير من الأحياء، بدأت ساعات تدفق المياه تقل ولا تأتي بنفس القوة، مما يعني أننا مُقدمُون على صيف حرج، وشهر صومٍ قاسٍ، ولا ندري تبعاً لما نلقاه من تصريحات من مسؤولين كبار، أن لا أزمات مياه في هذا الصيف وما بعده، وهنا يبرز سؤال عام، هل توزيع المياه بين الأحياء مبرمج وبنفس النسب، أم أن هناك العكس، بحيث لا تنقطع عن البعض، وتشح عند غيرهم، وهذا الكلام من المسلمات التي نسمعها عند عامة المواطنين.
عملية تغيير سلوك الاستهلاك صعب ومعقد، لأن طابع الترشيد غير وارد حتي لو اشترى صاحب المنزل صهريج الماء بضعف أسعاره، ثم هناك التفاوت بين من يسكن منزلاً صغيراً، شقة أو فلة، وبين من يقطن ضعف تلك المساكن التي تستهلك الضعف بالهدر على الحدائق والمسابح، وغسل الممرات والطرق، واستهلاك العمالة المضافة من سائقين وخدم.
الجدل سيستمر بين مسؤولي المياه والمواطن، ولا حلول سهلة يمكن أن تخلق تعاوناً بين جميع أصحاب العلاقة، لكن إيضاح الحقائق للمواطن وإعلانها مطلب أساسي بحيث لا يبقى التمييز بين حي وآخر تفرضه عوامل السكان فقط، وهي ملاحظات نراها ولا نعترف بها، والقضية أننا في حال واقع يفترض المعالجة بمبدأ المساواة حتى لا يظل من يرتوي مثل العطشان، ونحن هنا لا نريد انتقاص من يعمل ويجتهد ويسهر، ولكن من لا يرى الحقيقة بعيون مفتوحة.
قدرنا أننا أكثر شعوب العالم شحَّاً بالمياه، وأكثرها لا مبالاة في استنزاف مخزونها واستهلاكها، وكل الأمور تعاكس بعضها، فلا المسؤول قادر على إقناع المواطن، ولا المواطن يرى إيجابيات ما يطرحه المسؤول، ولذلك كل يعزف على وتر الآخر.
الرياض