الناس معادن
الناس معادن
فهد عامر الأحمدي
شاهدت الناس يأكلون أشياء غريبة حول العالم مثل الصراصير في تايلند، والعقارب في الصين، وأجنة البيض في الفلبين، وأعشاش الوطاويط في برونو، وأسماك البالون السامة في اليابان..
وحين يتعلق الأمر (بالأكل) ينقسم البشر دائماً إلى نوعين من المخلوقات: خفيف وممشوق يأكل كي يعيش.. وثقيل عريض يعيش كي يأكل..
الفئة الأولى غالباً فئة بائسة لا تملك خيارات كثيرة ويمكنها أكل أي شيء لمجرد العيش والبقاء على وجه الأرض..
أما الفئة الثانية ففئة ميسورة تعيش لتستمتع بنعيم الدنيا وأطايب الطعام - وتعتبر زيارة المطاعم الفاخرة نوعاً من النزهة..
وبين هؤلاء وهؤلاء توجد فئة ثالثة تأكل أشياء غريبة وشاذة (ليس من أجل العيش أو المتعة) بل من أجل الاستعراض والتباهي وتحطيم الأرقام القياسية.. أشخاص على استعداد لأكل الزلط والزجاج والتراب والخشب والمعادن أمام كاميرات التلفزيون وعدسات المصورين..
خذ كمثال رجلاً فرنسياً يدعى تيتو تخصص في أكل المعادن وقطع الخردة.. لم أكن لأصدق بوجوده لولا توثيق إنجازاته في كتاب جينيس للأرقام القياسية الذي قال عنه:
"السيد ميشيل تيتو المولود في فرنسا بتاريخ 15/6/1950 مايزال يأكل كل المعادن والزجاج منذ عام 1959. وقد قام بعض الأطباء بتصوير أمعائه ووصفوا قدرته على أكل 900 غرام من الحديد يومياً بأنه أمر ليس غريباً فحسب بل فريد من نوعه. وقد التهم فيما التهم 10 دراجات، وعربة سوبرماركت، وست ثريات، وطائرة سيسنا أكلها في فنزويلا بعد تفكيكها وطحنها.. كما أكل في أكثر من مناسبة توابيت مصنوعة من الخشب والألمنيوم بحيث يمكن القول إنه قدم النموذج الوحيد في تاريخ البشرية حيث تنتهي التوابيت في جوف الإنسان
بدلاً من حدوث العكس.."
وجزء من التفسير قد يكون في حقيقة أن أمعاء الإنسان لا تتفاعل مع معظم المعادن وبالتالي يمكنها أن تدخل وتخرج دون ضرر على الجسم (طالما قطعت لقطع صغيرة وغير حادة بحيث يمكن بلعها بلا مضغ)!!
.. أما الحقيقة التي لا نفكر فيها كثيراً فهي أننا نأكل يومياً كميات كبيرة من المعادن التي تحتاجها أجسادنا للحفاظ على صحتها.. فنحن مثلا نحتاج إلى كميات كبيرة نسبياً من الصوديوم، والبوتاسيوم، والفسفور، والكالسيوم - ومعادن أخرى بنسبة أقل مثل الزنك، والنحاس، والحديد، واليود، والفلور..
ومعادن "حميدة" كهذه تجدها دائماً على أغلفة الفيتامينات والعقاقير والأغذية المكملة بسبب أهميتها للجسم.. وفي المقابل؛ هناك مجموعات معدنية ضارة أو سامة كالزئبق والرصاص والزرنيخ والكادميون.. ومن المؤسف أن كثيراً من المعادن السامة كانت حتى وقت قريب تدخل ضمن المستحضرات الطبية (كالزئبق والرصاص) في حين ماتزال موجودة بكثرة في مستحضرات التجميل والخلطات العشبية والمياه الجوفية - وينجم عنها غالباً عطب كبدي أو فشل كلوي..
على أي حال؛
من يأكل كي يعيش؛ يضطر أحيانا لتناول المعادن السامة ضمن أطعمته الملوثة أو الرخيصة دون أن يعلم بوجودها أصلاً..
أما من يعيش كي يأكل فيتمتع غالباً بمعرفة كافية تجعله حريصاً على ابتلاع فيتامينات ومكملات ومعادن مفيدة للجسم..
أما الفئة الثالثة (التي تأكل من أجل التباهي أو الاستعراض) فتعمد إلى تناول المعادن الثمينة كالذهب والفضة والأبلتين من خلال تحويلها إلى غبار أو شرائح رقيقة لا تحتاج لمضغ.. وتخرج لاحقاً كما هي بعيداً عن أعين الكاميرات...
.. هذه طبيعة البشر أيها السادة وصدق من قال "الناس معادن" !!
الرياض
فهد عامر الأحمدي
شاهدت الناس يأكلون أشياء غريبة حول العالم مثل الصراصير في تايلند، والعقارب في الصين، وأجنة البيض في الفلبين، وأعشاش الوطاويط في برونو، وأسماك البالون السامة في اليابان..
وحين يتعلق الأمر (بالأكل) ينقسم البشر دائماً إلى نوعين من المخلوقات: خفيف وممشوق يأكل كي يعيش.. وثقيل عريض يعيش كي يأكل..
الفئة الأولى غالباً فئة بائسة لا تملك خيارات كثيرة ويمكنها أكل أي شيء لمجرد العيش والبقاء على وجه الأرض..
أما الفئة الثانية ففئة ميسورة تعيش لتستمتع بنعيم الدنيا وأطايب الطعام - وتعتبر زيارة المطاعم الفاخرة نوعاً من النزهة..
وبين هؤلاء وهؤلاء توجد فئة ثالثة تأكل أشياء غريبة وشاذة (ليس من أجل العيش أو المتعة) بل من أجل الاستعراض والتباهي وتحطيم الأرقام القياسية.. أشخاص على استعداد لأكل الزلط والزجاج والتراب والخشب والمعادن أمام كاميرات التلفزيون وعدسات المصورين..
خذ كمثال رجلاً فرنسياً يدعى تيتو تخصص في أكل المعادن وقطع الخردة.. لم أكن لأصدق بوجوده لولا توثيق إنجازاته في كتاب جينيس للأرقام القياسية الذي قال عنه:
"السيد ميشيل تيتو المولود في فرنسا بتاريخ 15/6/1950 مايزال يأكل كل المعادن والزجاج منذ عام 1959. وقد قام بعض الأطباء بتصوير أمعائه ووصفوا قدرته على أكل 900 غرام من الحديد يومياً بأنه أمر ليس غريباً فحسب بل فريد من نوعه. وقد التهم فيما التهم 10 دراجات، وعربة سوبرماركت، وست ثريات، وطائرة سيسنا أكلها في فنزويلا بعد تفكيكها وطحنها.. كما أكل في أكثر من مناسبة توابيت مصنوعة من الخشب والألمنيوم بحيث يمكن القول إنه قدم النموذج الوحيد في تاريخ البشرية حيث تنتهي التوابيت في جوف الإنسان
بدلاً من حدوث العكس.."
وجزء من التفسير قد يكون في حقيقة أن أمعاء الإنسان لا تتفاعل مع معظم المعادن وبالتالي يمكنها أن تدخل وتخرج دون ضرر على الجسم (طالما قطعت لقطع صغيرة وغير حادة بحيث يمكن بلعها بلا مضغ)!!
.. أما الحقيقة التي لا نفكر فيها كثيراً فهي أننا نأكل يومياً كميات كبيرة من المعادن التي تحتاجها أجسادنا للحفاظ على صحتها.. فنحن مثلا نحتاج إلى كميات كبيرة نسبياً من الصوديوم، والبوتاسيوم، والفسفور، والكالسيوم - ومعادن أخرى بنسبة أقل مثل الزنك، والنحاس، والحديد، واليود، والفلور..
ومعادن "حميدة" كهذه تجدها دائماً على أغلفة الفيتامينات والعقاقير والأغذية المكملة بسبب أهميتها للجسم.. وفي المقابل؛ هناك مجموعات معدنية ضارة أو سامة كالزئبق والرصاص والزرنيخ والكادميون.. ومن المؤسف أن كثيراً من المعادن السامة كانت حتى وقت قريب تدخل ضمن المستحضرات الطبية (كالزئبق والرصاص) في حين ماتزال موجودة بكثرة في مستحضرات التجميل والخلطات العشبية والمياه الجوفية - وينجم عنها غالباً عطب كبدي أو فشل كلوي..
على أي حال؛
من يأكل كي يعيش؛ يضطر أحيانا لتناول المعادن السامة ضمن أطعمته الملوثة أو الرخيصة دون أن يعلم بوجودها أصلاً..
أما من يعيش كي يأكل فيتمتع غالباً بمعرفة كافية تجعله حريصاً على ابتلاع فيتامينات ومكملات ومعادن مفيدة للجسم..
أما الفئة الثالثة (التي تأكل من أجل التباهي أو الاستعراض) فتعمد إلى تناول المعادن الثمينة كالذهب والفضة والأبلتين من خلال تحويلها إلى غبار أو شرائح رقيقة لا تحتاج لمضغ.. وتخرج لاحقاً كما هي بعيداً عن أعين الكاميرات...
.. هذه طبيعة البشر أيها السادة وصدق من قال "الناس معادن" !!
الرياض