• ×
admin

التهاب الضفيرة العضدية.. آلام مبرحة تستمر حتى عند الراحة!

التهاب الضفيرة العضدية.. آلام مبرحة تستمر حتى عند الراحة!
التشخيص الخاطئ قد يتسبب في جراحات غير ضرورية

د. ياسر محمد البحيري

هذه قصة لمريضة أتت برفقة زوجها إلى العيادة تشتكي من آلام شديدة في منطقة الرقبة و الكتف و تمتد إلى العضد والساعد و لازمتها لبضعة أسابيع و لكنها زادت بالأيام القليلة التي سبقت زيارتها للعيادة. وعند فحص المريضة تبين وجود آلام شديدة في الطرف العلوي الأيسر وعدم قدرتها على تحريكها وآلام عند محاولة تحريك الذراع. هذه المريضة كان قد تم إجراء جراحة لها لإستئصال إنزلاق غضروفي في الفقرات العنقية على أساس أنه هذا هو سببها وسبب آلامها وهذه الجراحة تمت قبل أسابيع قليلة من زيارتها للعيادة. وعند مراجعة أشعة الرنين المغناطيسي قبل العملية وبعد العملية تبين أن المريضة قبل العملية كان لديها إنزلاق غضروفي بسيط في الفقرات العنقية وأنه لم يكن يسبب ضغطاً شديداً على الأعصاب وأنه بعد الجراحة تم استئصال الإنزلاق الغضروفي بشكل جيد و لا توجد هناك مضاعفات في الأشعة التي تم إجراؤها بعد العملية. ولكن المريضة كانت لا تزال تشعر بالآلام و هي مرتبكة و لا تعلم لماذا تشعر بالآلام إذا ما كانت العملية قد نجحت؟ ولماذا لم تتحسن حالتها؟ ولمعرفة المزيد من المعلومات عن حالتها فإنه تم طلب تخطيط أعصاب للذراع اليسرى وتبين أن المريضة تعاني من إلتهاب الضفيرة العضدية(brachial neuralgia). وأيضاً تبين أن الإنزلاق الغضروفي البسيط الذي كان لديها والذي تم تشخيص حالتها به وتم إجراءالعملية الجراحية على أساسه لم يكن سبب هذه الآلام وأن التشخيص كان خاطئاً والعملية الجراحية ليست ضرورية لأن اللآلام والمرض هو نتيجة إلتهاب الضفيرة العضدية.

الضفيرة العضدية

الضفيرة العضدية (brachial plexus) هي عبارة عن تجمع لأعصاب التي تمتد من العنق لتعبر في منطقة الكتف إلى الذراع والساعد وتغذيهما و تغذي اليد بالإحساس والحركة. هذه الضفيرة سميت بالضفيرة لأنها تحتوي على أكثر من عصب تخرج من الفتحات الصغيرة في الفقرات العنقية (cervical spine) لتمتد من أمام الكتف إلى الذراع. وهذه الضفيرة هي ذات أهمية قصوى لأنها تغذي اليد والذراع بالإحساس والحركة.

إلتهاب الضفيرة العضدية

يحدث هذا الإلتهاب (brachial neuralgia) بسبب أو بغير سبب ولكن الأسباب قد تكون نتيجة إلتهاب فيروسي أو نتيجة خلل في المناعة يؤدي إلى أن يهاجم الجسم الضفيرة العصبية أو في الغالبية العظمى من الحالات يكون الإلتهاب بدون سبب. هذا الإلتهاب يؤدي إلى تهيج وتورم في الأعصاب التي تكون هذه الضفيرة العضدية مما يؤدي إلى خلل في وظيفتها وبالتالي يسبب الأعراض التي يشتكي منها المريض أو المريضة.

الأعراض والتشخيص

عادةً ما يشتكي المريض أو المريضة من آلام مبرحة تمتد من أسفل العنق إلى الكتف والذراع واليد وتختلف حدتها من متوسطة إلى شديدة وتستمر حتى عند الراحة(rest pain) وقد يصاحبها شعور بخدر أو تنمل في الأصابع أو صعوبة في إستخدام اليد.وبعكس الآلام الناتجة عن الإنزلاق الغضروفي في الفقرات العنقية التي عادةً ما تكون فيها الآلام تابعة لوضعية معينة و تختلف شدتها خلال النهار والليل فإن إلتهاب الضفيرة العصبية يؤدي إلى آلام تستمر خلال اليوم و في الليل و حتى مع إنعدام الحركة في منطقة الرقبة والكتف والذراع. وقد يشعر المريض بخدور في الذراع أو قد يصف الآلام التي يشعر بها بأنها مثل الحرقان أو النار في ذراعه. وعادةً ما يتم التشخيص بعد الفحص السريري الذي قد يبين وجود صعوبة في تحريك الذراع واليد ونقص في الإحساس فيهما. أما الأشعة الرنين المغناطيسي فيتم عملها للتأكد من أنه لا توجد هناك إنزلاقات غضروفية(cervical disc herniation) تضغط على الأعصاب وتسبب هذه الآلام وتؤدي إلى خلطها مع تشخيص إلتهاب الضفيرة العصبية. أيضاً قد تتم عملية تخطيط للأعصاب الطرفية(nerve conduction study) تبين وجود إلتهاب الضفيرة العصبية وأيضاً في بعض الأحيان يتم إجراء بعض الفحوصاتالمخبرية. والتشخيص النهائي يكون عن طريق الفحص السريري الذي ذكرناه سابقاً وعن طريق تخطيط الأعصاب وعن طريق التأكد من عدم وجود أسباب أخرى تؤدي إلى هذه الآلام.

الخطة العلاجية

هذه الحالات عادةً ما يتم تحويلها إلى إستشاري المخ والأعصاب (neurologist) الذي يكون مسؤولاً عن علاجها بحيث أن العلاج لا يتطلب التدخل الجراحي. وبصفة عامة فإن الخطة العلاجية تتكون من أخذ قسط كافٍ من الراحة وإعطاء الأدوية المضادة للإلتهابات (NSAID ) والأدوية المرخية للعضلات والأدوية المسكنة للآلام. وفي كثير من الاحيان يتم إعطاء عقار الكورتيزون لفترة أيام بجرعة كبيرة بحيث يخفف من الإلتهاب والآلام الناتجة عن الضفيرة العصبية. هذا العقار يتم وصفه تحت إستشارة الطبيب وتحت إشراف الطبيب وهو مفيد جداً ورائع في علاج هذه الحالات ولكن يجب تناوله بحذر وتحت إشراف الطبيب وعند إنتهاء العلاج فإنه يجب تقليص جرعات عقار الكورتيزون الذي يأخذ عن طريق الفم بالتدرج لتفادي إحتمال حدوث آثار جانبية. والغالبية العظمى من المرضى تستجيب بشكل رائع لهذه الخطة العلاجية وتختفي الآلام ويعود المريض أو المريضة لممارسة حياته بشكل طبيعي بدون الحاجة إلى أي نوع من التدخل الجراحي.

النصائح والتوصيات

هذه الحالات نادرة ولكن عندما تحدث فإنه يجب التأكد من التشخيص بدقة لكي لا يتم خلط هذه الحالات بحالات أخرى مثل الإنزلاق الغضروفي ولكي يتم تفادي إجراء عمليات جراحية غير لازمة لا تفيد المريض بل قد تعرضه لإحتمال حدوث مضاعفات لاسمح الله.

الرياض
بواسطة : admin
 0  0  755