شيخ شمل الموارد البشرية
شيخ شمل الموارد البشرية!
خلف الحربي
الفساد أشكال وأنواع، بعضه مغلف بحسن نية والبعض الآخر سيئ النية، ودائما النية مطية .. ومطايا الفاسدين تسافر في كل الاتجاهات دون كلل أو ملل، وإذا كانت أساليب الفساد المعتادة مثل النهب والرشوة والاختلاس لا تخطئها العين، فإن ثمة أنواعا من الفساد ترتدي أقنعة الشهامة وتلبس ثياب المروءة فتصبح صورتها ضبابية في أذهان الناس.
ومن بين صور الفساد التي تحظى بغطاء اجتماعي يضمن تفشيها قضية تحويل الإدارات الحكومية إلى ما يشبه التجمعات العائلية حيث يكون أغلب الموظفين والموظفات يرتبطون بصلات قرابة مع رؤساء هذه الإدارات، ولا أظن أننا سنكون مبالغين حين نقول بأن بعض المديرين يحول فروع المؤسسة العامة التي يديرها إلى مضارب لقبيلته إلى درجة يمكن من خلالها تغيير مسميات الأقسام في هذه المؤسسات لتصبح: (فخذ المحاسبة فخذ الموارد البشرية عشيرة الصادر والوارد)!.
ولأن ثقافة المجتمع ترحب بهذا اللون من الفساد وتشجعه فقد تطور الأمر حتى أصبح القبول في بعض الجامعات يتم بناء على أسباب قبلية بحتة، وما هو أتعس من كل ذلك أن بعض أقسام الدراسات العليا أصبحت تعتمد الجذور العائلية والقبلية أساسا لقبول رسائل الماجستير والدكتوراه، وليس ثمة شك بأن الدكتوراه التي تأتي بفضل القبيلة سوف تساهم في تخريج مئات المتعصبين الذين يرفعون شعار: (أنا وابن عمي على الغريب)!.
وليس بالضرورة أن تكون القبيلة الإدارية هي ذاتها القبيلة المعروفة في كتاب الأنساب بل إنها تشمل العديد من الفئات التي يمكن أن ترتبط بنسيج اجتماعي واحد وكذلك التجمعات العائلية القريبة من بعضها البعض، ولو استعانت إحدى الجهات الرقابية بعالم في الأنساب لفحص أسماء الموظفين في العديد من الدوائر الحكومية لوجدت أن بعض مؤسسات الوطن قد اختطفت من قبل بعض المديرين والمسؤولين الذين يبحثون عن (العلم الغانم) بين أقاربهم على حساب بقية أفراد المجتمع.
أما المشكلة الكبرى التي نتجت عن تفشي هذا اللون من الفساد فهي أن المدير أو المسؤول النزيه الذي يطبق النظام وفقا لمبدأ تكافؤ الفرص أصبح اليوم يواجه قمعا اجتماعيا شرسا لأنه لا يفعل مثل غيره، بل إنه يتحول مع مرور الأيام إلى رجل ضعيف داخل إدارته لأنها خالية من أبناء العمومة، ورجل منبوذ خارج إدارته لأن (مافيه خير لربعه).. وهكذا يمكن أن يصبح الفساد من مفاخر الرجال!.
المصدر: صحيفة عكاظ