• ×
admin

أورام الثدي.. نوع حمالة الصدر وتصميمها لا يزيد أو يُنقص من خطر الإصابة بالسرطان!

أورام الثدي.. نوع حمالة الصدر وتصميمها لا يزيد أو يُنقص من خطر الإصابة بالسرطان!
80% من الكتل النسيجية والنتوءات المحسوسة في الثدي تنتج عن تغيرات ورمية حميدة

د. أحمد الزبيدي

جاءت أم سحر والتي هي إحدى الناجيات بقدرة الله وبركته من مرض سرطان الثدي أقول جاءت أم سحر بابنتها سحر التي لم يتجاوز عمرها الخمسة وعشرين ربيعاً تشتكي لابنتها من ورم ظهر في ثدييها الأيمن منذ ما يزيد عن ثلاثة أشهر. كانت فرائص أم سحر ترتعد رعبا من هذا المرض لاسيما وأنها هي من كانت قد عانت من هذا المرض وعاشت تفاصيله خطوةً خطوة. لقد كانت الأفكار تعصف عصفا برأسهما فأم سحر مريضة سرطان ثدي وخالة سحر توفيت من سرطان الثدي، كلتا الحالتين أظلت بغمام أسود مظلم على حياة سحر وأمها وبقية أهلها كونها أصغر واحدة في العائلة يظهر لها ورم في ثديها. قمت بأخذ التاريخ المرضي لهذه الورم، منذ متى وكيف ظهرت وهل هناك ألم وهل هناك إفراز من الحلمة وما لونه وهل يوجد نقصان في الشهية والوزن، متى بدأت الدورة وهل هي منتظمة أم هل أنتِ متزوجة أم لا وغير ذلك من الأسئلة التي كل واحد منها يُقرّب من احتمالية إصابة سحر بورم في الثدي. فحصت مكان الشكوى فوجدته ورما في داخل الثدي ولكنه يتحرك بين يدي فهو غير ثابت ولا يوجد أي علامات على الجلد أو انتفاخات في العقد اللمفاوية التي بالإبط مع سلامة ثديها الآخر من المرض. عندها ارتحتُ أنا قليلاً وبدا ذلك على محياي مما قلل من قلقهما شيئا ما. فأخبرت سحراً وأمها أن ماتعاني منه سحرٌ غالبا ليس بورم سرطاني بل أظنه ورماً حميدا وأنها لا تحتاج إلى خزعه وإنما تحتاج الى اشعة موجات صوتية ومن ثم استئصال الورم مباشرة. تم عمل الأشعة والتي لم تظهر وجود أي أورام أو اعتلالات أخرى بالثديين. قمت بإجراء العملية لسحر والتي تكللت بالنجاح. وبعد العملية كان لابد لسحر وأمها من الانتظار أسبوعا لمعرفة نتيجة التحليل الباثولوجي (أو ما يعرف باسم المزارع عند عامة الناس). مرّ الأسبوع بطيئا جدا على سحر وعائلتها وعند زيارتهما لي للاطمئنان على مكان العملية وعلى نتيجة التحليل النسيجي فكان كل شيء على ما يرام وكانت النتيجة أنه ورم ليفي حميد، هنا تنفس الجميع الصعداءَ. سألتني سحر هل ما أصابني بسبب تاريخ عائلتي المرضي وما الفرق بين ما أصابني وما صاب والدتي وعمتي ولماذا ولله الحمد لم أخضع للعلاج بالإشعاع والكيماوي وهل من المحتمل بأن أصاب بما أُصيبت به والدتي وهل ارتداء حمالة الصدر السلكية أو الضاغطة يزيد فرصة الاصابة بسرطان الثدي؟!. قالت لي إحدى زميلاتي بأن الأطباء أخذوا عينات (خزعات) من ثدي قريبة لها مما أدى لانتشار الورم هل هذا صحيح؟!

كمٌّ هائلٌ وسيلٌ جارفٌ من الأسئلة أخذ وقتا كبيرا من عيادتي لأجيب عليه إلى أن بدأ المرضى الآخرون بالتململ والتضجر.

الورم هو تورم غير طبيعي في اللحم وفي اللغة العربية قد يعني النمو غير الطبيعي للخلايا أو قد يعني انتفاخا في عضو معين من الجسم بأسباب أخرى غير نمو الخلايا غير الطبيعي. سأركز على المعنى الأول في مقالي هذا. فالتعريف العلمي لكلمة الورم هو نمو زائد لخلايا معينة في مكان معين لأسباب معينة نتحدث عنها لاحقاً. الأورام قد تكون حميدة، وقد تكون أوراما سَرَطانَية أو (ما يسمى خطأً بالخبيثة عند عامة الناس). يقوم طبيب علم الأمراض بتحديد طبيعة الورم بعد فحص أنسجة الورم التي تُؤخذ من الخزعات أو عينات الاستئصال الجراحي. تنتج 80 % من الكتل النسيجية والنتوءات المحسوسة في الثدي عن تغيرات ورمية غير سرطانية (حميدة) ولذلك يُوصي الأطباء السيدات بضرورة استشارة الطبيب عند ملاحظة أي تغير مرتبط بشكل الثدي، افرازاته أو بنيته الشكلية. فمن صفات الأورام الحميدة كذلك الورم الذي أصاب سحر أنها غالباً ما تكون مغلفة ومضغوطة صغيرة الحجم في أكثر الأحيان ونادرا ما تكون كبيرة الحجم بالذات التي تحدث في الثدي وتُهملها المريضة ولا يتم التعامل معها الا بعد وقت طويل يزيد عن السنة. وبالعادة، لا تنتشر الأورام الحميدة بل إنها بطيئة النمو، تبقى في حدود جغرافية النسيج الأصلي الذي نشأت منه. وعند فحصها تحت المجهر فغالباً تشبه الخلايا الأصلية. يشيع عدد من الخرافات والمعتقدات الخاطئة حول أورام وسرطان الثدي والعوامل التي تزيد فرصة الاصابة بين السيدات اللواتي تزيد أعمارهن عن 25 عاماً والتي لابد من توضيح بعضها. تبلغ نسبة السيدات اللواتي تم تشخيص اصابتهن بأمراض وأورام وسرطان الثدي دون وجود تاريخ عائلي للإصابة به بحوالي 70 %، ولكن هذه النسبة لا تُلغي عامل التاريخ العائلي في زيادة فرصة الاصابة حيث تتضاعف نسبة إصابة السيدات بورم الثدي من 6% إلى 12% عندما تكون إحدى قريباتها من الدرجة الأولى (الام، الاخت أو الابنة) قد أصيبت بذلك، كما تتساوى أهمية التاريخ العائلي لحالات الاصابة بأورام الثدي للسيدات من جانب الأب مع التاريخ العائلي للإصابة بأورام الثدي من جانب الام. ولا صحة في اعتقاد السيدات أن ارتداء حمالات الصدر السلكية قد تتسبب بالضغط على العقد الليمفاوية في الثدي وتراكم السموم التي تزيد فرصة تكون الخلايا الورمية والحقيقة أن نوع حمالة الصدر أو تصميمها لا يزيد أو يُنقص من خطر الاصابة بورم أو سرطان الثدي. كما ينتشر بين عامة الناس أن أخذ عينة من مكان الورم أو تعريض الورم للهواء أثناء الجراحة يتسبب في تحول الورم الحميد للسرطان وإن كان سرطانا فإنه ينتشر. والحقيقة ألا يتسبب خضوع السيدة المُصابة بسرطان الثدي للخزعات (العينات) أو للجراحة بانتشار الورم الا أن الطبيب قد يكتشف انتشار الورم أثناء الجراحة مما يتطلب استئصاله. تُستخدم الاشعاعات بكميات قليلة جداً أثناء تصوير الثدي الاشعاعي (الماموغرام) وبشكل لا يزيد من خطر الاصابة بسرطان الثدي. تكمن أهمية تصوير الثدي وبشكل دوري في الكشف عن النتوءات والتكتلات قبل أن تكون محسوسة. يُوصى بضرورة الخضوع لتصوير الماموغرام بمعدل مرة واحدة سنوياً بعد بلوغ السيدة سن الأربعين. أما بالنسبة لمريضتي سحر فقد خرجت من عيادتي مطمئنة وراضية بما قسم الله لها على أن تزورني بعد 6 أشهر للفحص والاطمئنان. فاذا ما كان كل شيء على ما يرام فإنها ستقوم بزيارتي مرة واحدة كل سنة. كتب الله لها ولعائلتها ولي ولكل من أخي القارئ وأختي القارئة السلامة وطول العمر في طاعته.

الرياض
بواسطة : admin
 0  0  1033