الشعاب المرجانية وأهميتها
الشعاب المرجانية وأهميتها
أ. يحي أحمد فلوس
الشعاب المرجانية (Coral reefs) في ألوانها البراقة وجمال أشكالها المطلق وتصميمها المتقن والتنوع الضخم لإشكال الحياة ربما لا توجد منطقة طبيعية في العالم تضاهيها في هذه الصفات، جمالها سحر أجيال من البشر المتخصصين وغير المتخصصين عبر السنين فهي حدائق البحر أو واحات في صحراء البحار تحتوي علي تنوع كبير من الأشكال والألوان الجميلة من الحيوانات والنباتات تتفاعل مع بعضها لتشكل سيمفونية رائعة من إعجاز مبدع السماوات والأرض. إن أهمية الشعاب المرجانية تكمن في إن هذا النظام البيئي يقدم منافع كثيرة من خلال تفاعلاته المختلفة مع الأنظمة البيئية المجاورة..
وبناءا علي طبيعة هذه التفاعلات فإنها تقسم إلى :-
أولا: التفاعلات البيولوجية:
الشعاب المرجانية تفيد الأنظمة البيئية المجاورة والمصاحبة لها بعدة طرق فهي تمثل بيئة لتوالد وتكاثر وتربية وتغذية لكثير من الأسماك والأحياء المائية المختلفة وبهذا فإنها تمثل رافدا أساسيا للثروة السمكية من خلال تزويدها للمناطق المجاورة بصغار الأسماك والأحياء البحرية وبهذا فإنها تدعم المخزون السمكي الذي تقع فيه∙ وتعتبر الأحياء التي تغطي مستعمرات الشعاب المرجانية طعاما مفضلا لكثير من أنواع الأسماك والأحياء البحرية الأخرى مثل سمك الأرنب وسمك الفراشة ونجم البحر وقنفذ البحر إلي جانب بعض الأحياء الأخرى. وكما تصدر الشعاب المرجانية كميات هائلة من المواد العضوية إلي البيئات المجاورة لها من خلال إفراز المخاط وبهذا فإنها تدعم الإنتاجية الأولية للبحار التي تقع فيها، ليس ذلك فحسب بل أيضا هذه المواد العضوية تمثل غداءا وكما تمثل الشعاب المرجانية بيئة للهجرة الدائمة والمؤقتة لكثير من الأسماك والأحياء البحرية الأخرى. ويعتقد العلماء أن الشعاب المرجانية يمكن أن تكون مصدراً للمنتجات الطبيعية ذات النشاط البيولوجي ضد البكتيريا والفيروسات والتي يمكن أن تستخدم لعلاج بعض الإمراض التي تصيب البشرية. وتكون الشعاب المرجانية القاعدة الأساسية للمخزون السمكي في البحر الأحمر وتمد الإنسان بمادة البروتين عن طريق الأسماك والأصداف وتمثل الشعاب المرجانية مصدرا قويا يحمي السواحل والبيئات البحرية، و للشعاب المرجانية قيمة جمالية منقطعة النظير ويشهد علي ذلك مراكز الغوص والسياحة المنتشرة في أنحاء العالم والأفواج الهائلة من السواح الذين يجوبون البحار طلبا للمتعة بمشاهدة الشعاب المرجانية وألوانها الزاهية.
ثانيا: التفاعلات الفيزيائية:
يقوم التركيب الكلسي لمستعمرات الشعاب المرجانية بتزويد السواحل بالأتربة وذلك عند تكسره. كذلك يوفر بيئة مناسبة لنمو الحشائش البحرية Seagrass والتي تقع خلفها باتجاه اليابسة، كذلك يقلل هذا النظام البيئي من حركة المياه ويتصدي للزوابع والعواصف البحرية العاتية وبالتالي فأنة يوفر بيئة هادئة محمية لنمو أشجار المانجروف .
وتمتلك الملكة العربية السعودية أطول ساحل من بين الدول المطلة علي البحر الأحمر، حيث يتراوح طوله 1932كم يمثل 79% من الساحل الشرقي للبحر الأحمر. وتوجد الشعاب المرجانية علي طول الساحل وهي عبارة عن شعاب حدية تنمو ملاصقة للساحل من الجهة البحرية وحول الجزر لكي تؤمن الحماية اللازمة للشواطئ ضد عمليات التعرية بفعل الأمواج العاتية كما تنتشر القطع المرجانية بكثرة والحواجز المرجانية خاصة جنوب مدينة الوجه وتنتشر المراجين ويزداد تنوعها ونموها بشكل كبير في الأجزاء الشمالية والوسطي للساحل الغربي السعودي، وتبدأ في التناقص كلما اتجهنا جنوبا نتيجة الترسيب العالي من مياه السيول المنحدرة عبر الأودية الكثيرة حاملة معها الرواسب، أما من الناحية الجيولوجية فيبدأ الرصيف القاري بالاتساع جنوب خط 21 شمالا حني يصل إلي أقصي عرض 50كم بالقرب من مضيق باب المندب ثم يتناقص شمالا ليصل إلي حوالي ا كم بالقرب من خليج العقبة. ويعتبر البحر الأحمر احد أهم ثلاثة مناطق في العالم حيث يوجد به 260 نوعا من المراجين الحقيقية (تنتمي إلي 59 جنسا و15 عائلة)، وتوجد في شمال ووسط الساحل السعودي، منها تسعة أنواع خاصة بالمنطقة كما يوجد 30 نوعا من المرجان الرخو، المرجان القرني والمرجان الناري، و يرجع السبب الرئيسي في وجود هذه البيئة الفريدة النادرة إلي العوامل البيئية الطبيعية الجيدة والتكوين الجيولوجي حيث يصل عمق البحر الأحمر إلي 2600 في الوسط أمام محافظة جدة، مما يسمح بحركة ومزج الكتل المائية وتجديدها وتبادلها مع المحيط الهندي، الأمر الذي يؤدي إلي التقليل من تأثير الملوحة الزائدة (39-40%) نتيجة البخر العالي الناتج عن وقوع البحر الأحمر بين قارتين صحراويتين وعدم وجود انهار تصب فيه، كما يتميز بدرجات حرارة مناسبة (25-31م) وصفاء مياه التي تسمح بنفاذ الضوء إلي أعماق كبيرة، وتقع أجزاء من المملكة العربية السعودية تحت ضغوط بيئية كبيرة خاصة أمام المدن الساحلية الكبيرة الآهلة بالسكان والمواقع الصناعية (جدة ،ينبع وجازان) التي تؤثر بشكل رئيسي علي بيئة الشعاب المرجانية..
ويمكن تصنيفها إلى ثلاثة تهديدات رئيسية:
فالتهديد الأول: يكون محليا يتمثل في عدة أشكال من التلوث ناتجة من تطور واتساع المدن..
التهديد الثاني: إقليميا يتمثل في استنزاف المخزون السمكي للشعاب المرجانية واستخدام طرق صيد مدمرة.
أما التهديد الثالث: فهو عالمي مرتبط بالتغير المناخي نتيجة ارتفاع درجة حرارة مياه البحر السطحية المسببة لابيضاض المرجان كما حصل في عام 19998و 1999 والذي أدي إلي موت كثير من الشعاب المرجانية..
لذلك يجب التقليل من هذه التهديدات والحد من تأثيراتها المدمرة علي بيئة الشعاب المرجانية لان هذه البيئة من أهم الأماكن الخلابة والنادرة علي وجهة الأرض، كما أنها تزخر بأكبر تنوع حيوي في الأنظمة البحرية ككل لان معظم الإنتاجية البحرية تنحصر في نطاق بيئة الشعاب المرجانية علي طول الساحل وبمثابة حضانة وغذاء لمجموعة عريضة لصغار الأحياء البحرية ومصدر متجدد لمركبات طبية جديدة فهي تشبه دائما بالغابات الاستوائية الممطرة كما أنها توفر المقومات اللازمة لصناعة صيدا الأسماك والسياحة اللتين تشكلان جزءا مهما من اقتصاديات الدولة وتوفر الملايين من النقود لسكان السواحل علاوة علي زيادة فرص العمل. ومن هذا المنطلق تعتبر بيئة الشعاب المرجانية من أغزر المنظومات البيئية البحرية أنتاجا من الناحية الإحيائية وذات أهمية كبيرة يجب المحافظة عليها. فالبيئة البحرية مثل أي بيئة لابد لنامن الحفاظ عليها لأنها تحتوى على ثروات كثيرة يمكن الاستفادة منها في حل مشاكلنا الاقتصادية والغذائية، وهذه الثروات هي إرثنا للأجيال القادمة. ويعد كل فرد منا مسئول عن الحفاظ على هذه الثروات ويمكنه المشاركة في حمايتها بطريقة أو بأخرى، فالمسئول ومن واقع مسئوليته وخبرته بما يحدث يمكنه إصدار القوانين أو اللوائح التي تكفل الحفاظ على ثروات الدولة، والكوادر المختلفة في الجهات المنوط بها تنفيذ هذه القوانين أو اللوائح يمكنها مباشرة الإشراف على تنفيذها بدقة ودون استثناءات حتى يمتثل كل من تحدثه نفسه للإضرار بالبيئة وثرواتها ومخالفة القوانين التي تحميها. والأفراد من عامة الشعب يمكنهم فهم القوانين المعنية بالبيئة ومحاولة تطبيقها وبأنها قد سنت لحماية البيئة والتى من شأنها الحفاظ على الثروات الطبيعية التي تمثل مصدر الرزق أو الاستمتاع لهم. كذلك الوعي الكامل إلى كل ما يؤثر على البيئة ويتسبب في الإضرار بها وتفادى استنزاف الثروات الطبيعية من خلال الدراسة الواعية والمستفيضة، والتخطيط الواعي والدقيق للاستخدام الأمثل للثروات، والذي سيمكننا من الحفاظ على البيئة وثرواتها للأجيال القادمة.
المصدر: الصحة والحياة talalzari.com