الانزلاق الغضروفي في الفقرات العنقية.. الألم يزداد مع الإفراط في استخدام الأجهزة الذكية!
الانزلاق الغضروفي في الفقرات العنقية.. الألم يزداد مع الإفراط في استخدام الأجهزة الذكية!
منطقة توفر الحركة والدعم والثبات وحماية الأعصاب التي تمر من خلالها
د. ياسر محمد البحيري
مشاكل الرقبة عامة ومشاكل الانزلاق الغضروفي -حمانا الله وإياكم- منها قد زادت مؤخراً بسبب انتشار أجهزة الهاتف الذكي الذي يقوم الكثير من الناس بإستخدامه بطريقة خاطئة وتراهم في أغلب الأوقات يثنون رقبتهم إلى الأمام بشكل مبالغ فيه عند إستخدام هذه الأجهزة الذكية ولفترات طويلة مما يؤدي إلى وضع إجهاد زائد على الغضاريف ومع مرور الوقت يؤدي إلى مرضها وإلى احتمال ظهور الانزلاق الغضروفي
هذه قصة حقيقية لمريض في الثلاثينات حضر إلى العيادة يشتكي من آلام مبرحة في الرقبة تمتد إلى الكتف والذراع واليد أصبحت شديدة بحيث تمنعه من النوم ويصاحبها خدر وتنميل في اليد. وقد تم تشخيصه على أنه حالة انزلاق غضروفي في الفقرات العنقية (Cervical disk herniation) وتم نصحه بإجراء عملية جراحية وأتى إلى العيادة متخوفاً يسأل عن طبيعة هذا المرض وعن خطورة العملية الجراحية.
من الناحية التشريحية ؟
تتكون الفقرات العنقية من سبع فقرات تمتد من قاع الجمجمة إلى منطقة أعلى الصدر لتربط الرأس بمنطقة أعلى الصدر.
هذه الفقرات العنقية تكون مرتبطة ببعضها البعض عن طريق غضروف أو قرص غضروفي (Intervertebral Disk) بين كل فقرة والفقرة التي تليها. أيضاً في المنطقة الخلفية من الفقرات ترتبط هذه الفقرات ببعضها البعض بمفاصل صغيرة (Facet joint). ويغلف الفقرات من الناحية الأمامية والخلفية عضلات تمتد لتربط منطقة أعلى الجسم والجذع مع منطقة أسفل الرأس والكتفين. وكون أن الفقرات العنقية غير مرتبطة بعظام أخرى يؤدي إلى توفير قدر كبير من الحركة لها وهو شيء لازم وضروري لتحريك الرأس والعنق بحرية أثناء ممارسة الأنشطة اليومية. ولكن هذه الحركة الزائدة تؤدي في بعض الأحيان إلى زيادة الإجهاد وبالتالي إلى ظهور بعض الأمراض المتعلقة بالفقرات العنقية.
كما أن حركة هذه الفقرات العنقية وثباتها ومساندتها لوضع الرأس في الوضع الطبيعي تتطلب وظيفة شاقة ومهمة من العضلات المحيطة بها. ولذلك فإن ضعف العضلات أو ترهلها وعدم لياقتها يؤدي أيضاً إلى ظهور بعض الأمراض في منطقة العنق.
ووظيفة الغضاريف الموجودة بين الفقرات هي توفير مجال حركة لمنطقة العنق. فلو تخيلنا عدم وجود هذه الغضاريف ولو تخيلنا أن الفقرات كانت ملتصقة ببعضها البعض فإننا سوف نستنتج أن الحركة التي نتمتع بها لن تكون موجودة ولن تكون ممكنة بدون وجود هذه الغضاريف. ومن المهم جداً من الناحية التشريحية معرفة أن هناك نخاع شوكي (Spinal cord) يمر خلف الفقرات وخلف الغضاريف في قناة شوكية (Spinal canal) موجودة داخل الفقرات العنقية. أيضاً من المهم جداً معرفة أن هناك أعصاباً طرفية تخرج من فتحات صغيرة في الفقرات العنقية على الجانبين الأيمن والأيسر وتخرج لتمر إلى الذراع واليد لتغذيهما بالإحساس والحركة. إذاً فداخل الفقرات العنقية يمتد النخاع الشوكي والأعصاب الطرفية المهمة جداً لوظائف الجسم جميعها سواءً في الطرفين العلويين أو الطرفين السفليين.
هذه الأعصاب مسؤولة عن الحركة والإحساس بالألم والإحساس بالحرارة والبرودة وتحريك العضلات والإحساس في الجلد بصفة عامة. ولذلك فإن إحدى المهمات المنوطة بمنطقة الفقرات العنقية وإحدى وظائفها هي توفير حماية لهذه الأعصاب التي تمر من خلالها. ولذلك فإن الفقرات مسؤولة عن توفير ثبات ودعم للرأس فوق الجسم وأيضاً توفير مرونة وحركة في الرقبة وأيضاً توفير حماية للأعصاب التي تمر من خلالها.
* ما هو الانزلاق الغضروفي في الرقبة ؟
- الغضاريف التي تقع بين الفقرات كما ذكرنا سابقاً تكون معرضة لضغوط وإجهاد شديد قد يزداد عند بعض الأشخاص. هذا يؤدي إلى تهتك فيها. والغضروف الطبيعي يتكون من حلقة خارجية من الألياف بداخلها مادة جيلاتينية. ومع التعرض لعوامل الزمن يحدث أن تتهتك الألياف الخارجية مما يؤدي إلى أن تخرج المادة الجيلاتينيه من الداخل وتنزلق وهذا هو اللنزلاق الغضروفي.
وعندما يحدث هذا الانزلاق الغضروفي فإن المادة الجيلاتينية في أغلب الحالات تنزلق إلى الخلف متجه نحو القناة التي تمر فيها الأعصاب أو القنوات الصغيرة التي تمر فيها الأعصاب الطرفية أو القناة الكبيرة التي يمر فيها النخاع الشوكي. وعندما تخرج هذه المادة الغضروفية وتضغط على أجزاء من الأعصاب أو النخاع الشوكي فإنها تؤدي إلى تهيج في هذه الأعصاب وبالتالي إلى ظهور الآلام المبرحة في المنطقة التي تغذيها الأعصاب. فمثلا عندما يحدث أن تنزلق المادة الجيلاتينية ويحدث الانزلاق الغضروفي ويضغط على أحد الأعصاب الطرفية التي تغذي اليد والذراع فإن هذا يؤدي إلى ظهور الأعراض في اليد والذراع بالإضافة إلى منطقة العنق.
* أسباب حدوث الانزلاق الغضروفي في الرقبة ؟
كما ذكرنا سابقاً فإن منطقة العنق والرقبة مطلوب منها أداء الكثير من الأعباء مثل توفير الحركة وتوفير الدعم والثبات وكذلك حماية الأعصاب التي تمر من خلالها. ونظراً لمرونة الحركة في الرقبة فإن هذا يضع جهوداً متزايدة على الغضاريف التي يتكون العمود الفقري في الرقبة منها.
ومن الأسباب التي قد تؤدي إلى ظهور الانزلاق الغضروفي هو كثرة الإجهاد على الرقبة وكثرة ثني الرقبة مثل ما يحدث عند الأشخاص الذين تتطلب أعمالهم ثني الرقبة إلى الأمام لفترات طويلة مثل المهندسين والأطباء وأطباء الأسنان والباحثين وبعض الطلبة. أيضاً الأشخاص الذين تتعرض رقبتهم لإجهاد مما يؤدي إلى ضعف العضلات مثل مبرمجي الكمبيوتر ومستخدمي الحاسب الآلي لفترات طويلة. وكذلك من الملاحظ أن مشاكل الرقبة بصفة عامة ومشاكل الانزلاق الغضروفي -حمانا الله وإياكم- منها قد زادت مؤخراً بسبب إنتشار أجهزة الهاتف الذكي الذي يقوم الكثير من الناس باستخدامه بطريقة خاطئة وتراهم في أغلب الأوقات يثنون رقبتهم إلى الأمام بشكل مبالغ فيه عند استخدام هذه الأجهزة الذكية ولفترات طويلة مما يؤدي إلى وضع إجهاد زائد على الغضاريف ومع مرور الوقت يؤدي إلى مرضها وإلى احتمال ظهور الانزلاق الغضروفي فيها. وفي بعض الحالات قد يظهر الانزلاق الغضروفي نتيجة إصابة مباشرة أو غير مباشرة لمنطقة الرقبة مما يؤدي إلى تهتك الحلقة الليفية وانزلاق المادة الجيلاتينية إلى الخارج ولكن هذه الحالات نادرة والحمد لله.
إذاً فالسبب الرئيسي في ظهور الانزلاق الغضروفي في الرقبة هو ضعف عضلات الرقبة وتراكم الإجهاد على الغضاريف لفترات طويلة مما يؤدي إلى ضعف الحلقة الليفية وتهتكها وظهور مرض الانزلاق الغضروفي.
الأعراض ؟
عادةً ما يشتكي المريض أو المريضة من آلام في منطقة العنق تظهر وتختفي ثم تظهر مرةً أخرى لتستمر وقد تزداد حدتها وبعد ذلك يشتكي المريض من آلام تمتد من منطقة العنق إلى منطقة الكتف والذراع والساعد لتشمل الأصابع ويصاحبها شعور بتنمل وخدر في الأصابع وقد يكون هناك ضعف أو ثقل في حركة الذراع. هذه الآلام في بعض الأحيان تكون مبرحة ويصفها المريض كأنها سيخ من نار أو من كهرباء يمر خلال الطرف العلوي نتيحة الضغط على العصب من قبل الغضروف المنزلق. أما في الحالات التي يكون فيها الضغط على النخاع الشوكي نفسه وليس على الأعصاب الطرفية فإن الأعراض تتكون من آلام مزمنة في منطقة الرقبة وأعلى الظهر يصاحبها شعور بثقل في الذراعين أو الساقين وصعوبة في الحركة وثقل في الخطوات وتباطؤ في الخطوات أثناء المشي. كما أن المنعكسات العصبية (Spinal reflexes) في حالات الضغط على النخاع الشوكي تزداد (Hyperreflexia) ويصفها المريض بالشعور باهتزازات ونفضة في الطرفين السفليين خصوصاً إذا ما لمس أحدهم المنطقة القريبة من الركبة. وفي المراحل المتقدمة من حالات الضغط على النخاع الشوكي قد يفقد المريض أو المريضة القدرة على المشي بمفرده وقد يصبح جليس الكرسي المتحرك ولا يستطيع المشي ولو لخطوات بسيطة. ولكن في الغالبية العظمى من الحالات يتم اكتشاف الحالة مبكراً قبل أن تصل إلى هذه الدرجات لا سمح الله.
التشخيص ؟
يتم التشخيص بعد الاستماع للتاريخ المرضي الذي يصفه المريض ويشمل الأعراض التي ذكرناها سابقاً. بعد ذلك يتم الفحص السريري الذي يبين وجود تحدد في حركة العنق خصوصاً عند ثنيها للأسفل وللجانب مما يؤدي إلى زيادة ظهور آلالام في الذراع. أيضاً قد تكون هناك آثار شد في عضلات الرقبة أو ضعف في عضلات اليد والذراع ونقص في المنعكسات العصبية في حالة الضغط على الأطراف العصبية الطرفية أو زيادة في الإنعكاسات العصبية في حالات الضغط على النخاع الشوكي. وبالإضافة إلى الضعف في العضلات قد يكون هناك اختلاف في الإحساس في اليد المريضة عند مقارنتها باليد السليمة. وبعد الفحص السريري الذي يشمل أيضاً المنعكسات العصبية والإحساس والقوة يأتي دور الأشعات التي تتكون من أشعة سينية تبين وجود خشونة في منطقة الرقبة وشد في عضلات الرقبة وتقارب بين الفقرات في المنطقة المريضة. أما التشخيص النهائي والجذري والافضل فهو عن طريق أشعة الرنين المغناطيسي (MRI) التي تبين بوضوح مكان الانزلاق الغضروفي وشدة الانزلاق الغضروفي ومدى تأثر النخاع الشوكي والأعصاب الطرفية نتيجة الضغط عليها من قبل الانزلاق الغضروفي. وفي بعض الأحيان يتم اللجوء إلى عمل تخطيط للأعصاب الطرفية (Nerve conduction study) إذا ما كان هناك اشتباه في وجود التهابات طرفية في الأعصاب نفسها بالإضافة إلى الانزلاق الغضروفي. هذا التخطيط يتم عمله عن طريق استشاري المخ والأعصاب ويساعد كثيراً في إيضاح الصورة وإذا ما كان الألم والضعف في الأعصاب الطرفية هو نتيجة الانزلاق الغضروفي في الرقبة أو نتيجة ضغط على الأعصاب في منطقة الكوع أو منطقة الرسغ وليست له علاقة بالانزلاق الغضروفي. وهو مهم جداً لأنه في بعض الحالات التي تكون الأعراض والأشعات فيها غير واضحة يساعد على تفادي الخلط في التشخيص ويؤدي إلى تجنيب المريض عملية جراحية غير ضرورية. فإذا ما كان الضغط على العصب في منطقة الرسغ (Carpal tunnel syndrome) أو الكوع (Ulnar tunnel syndrome) فإن العملية يجب توجيهها إلى الرسغ أو الكوع وليس إلى الفقرات العنقية. أيضاً في بعض الأحيان يقوم الطبيب بطلب أشعة سينية جانبية عادية للرقبة في وضعية الثني للأمام وللخلف لتوضيح وجود أي نوع من عدم الثبات أو الخلخلة في منطقة الفقرات العنقية والذي يستوجب علاجها العلم بها وأخذ الخطوات اللازمة لعلاجها ضمن الخطة العلاجية.
الرياض
منطقة توفر الحركة والدعم والثبات وحماية الأعصاب التي تمر من خلالها
د. ياسر محمد البحيري
مشاكل الرقبة عامة ومشاكل الانزلاق الغضروفي -حمانا الله وإياكم- منها قد زادت مؤخراً بسبب انتشار أجهزة الهاتف الذكي الذي يقوم الكثير من الناس بإستخدامه بطريقة خاطئة وتراهم في أغلب الأوقات يثنون رقبتهم إلى الأمام بشكل مبالغ فيه عند إستخدام هذه الأجهزة الذكية ولفترات طويلة مما يؤدي إلى وضع إجهاد زائد على الغضاريف ومع مرور الوقت يؤدي إلى مرضها وإلى احتمال ظهور الانزلاق الغضروفي
هذه قصة حقيقية لمريض في الثلاثينات حضر إلى العيادة يشتكي من آلام مبرحة في الرقبة تمتد إلى الكتف والذراع واليد أصبحت شديدة بحيث تمنعه من النوم ويصاحبها خدر وتنميل في اليد. وقد تم تشخيصه على أنه حالة انزلاق غضروفي في الفقرات العنقية (Cervical disk herniation) وتم نصحه بإجراء عملية جراحية وأتى إلى العيادة متخوفاً يسأل عن طبيعة هذا المرض وعن خطورة العملية الجراحية.
من الناحية التشريحية ؟
تتكون الفقرات العنقية من سبع فقرات تمتد من قاع الجمجمة إلى منطقة أعلى الصدر لتربط الرأس بمنطقة أعلى الصدر.
هذه الفقرات العنقية تكون مرتبطة ببعضها البعض عن طريق غضروف أو قرص غضروفي (Intervertebral Disk) بين كل فقرة والفقرة التي تليها. أيضاً في المنطقة الخلفية من الفقرات ترتبط هذه الفقرات ببعضها البعض بمفاصل صغيرة (Facet joint). ويغلف الفقرات من الناحية الأمامية والخلفية عضلات تمتد لتربط منطقة أعلى الجسم والجذع مع منطقة أسفل الرأس والكتفين. وكون أن الفقرات العنقية غير مرتبطة بعظام أخرى يؤدي إلى توفير قدر كبير من الحركة لها وهو شيء لازم وضروري لتحريك الرأس والعنق بحرية أثناء ممارسة الأنشطة اليومية. ولكن هذه الحركة الزائدة تؤدي في بعض الأحيان إلى زيادة الإجهاد وبالتالي إلى ظهور بعض الأمراض المتعلقة بالفقرات العنقية.
كما أن حركة هذه الفقرات العنقية وثباتها ومساندتها لوضع الرأس في الوضع الطبيعي تتطلب وظيفة شاقة ومهمة من العضلات المحيطة بها. ولذلك فإن ضعف العضلات أو ترهلها وعدم لياقتها يؤدي أيضاً إلى ظهور بعض الأمراض في منطقة العنق.
ووظيفة الغضاريف الموجودة بين الفقرات هي توفير مجال حركة لمنطقة العنق. فلو تخيلنا عدم وجود هذه الغضاريف ولو تخيلنا أن الفقرات كانت ملتصقة ببعضها البعض فإننا سوف نستنتج أن الحركة التي نتمتع بها لن تكون موجودة ولن تكون ممكنة بدون وجود هذه الغضاريف. ومن المهم جداً من الناحية التشريحية معرفة أن هناك نخاع شوكي (Spinal cord) يمر خلف الفقرات وخلف الغضاريف في قناة شوكية (Spinal canal) موجودة داخل الفقرات العنقية. أيضاً من المهم جداً معرفة أن هناك أعصاباً طرفية تخرج من فتحات صغيرة في الفقرات العنقية على الجانبين الأيمن والأيسر وتخرج لتمر إلى الذراع واليد لتغذيهما بالإحساس والحركة. إذاً فداخل الفقرات العنقية يمتد النخاع الشوكي والأعصاب الطرفية المهمة جداً لوظائف الجسم جميعها سواءً في الطرفين العلويين أو الطرفين السفليين.
هذه الأعصاب مسؤولة عن الحركة والإحساس بالألم والإحساس بالحرارة والبرودة وتحريك العضلات والإحساس في الجلد بصفة عامة. ولذلك فإن إحدى المهمات المنوطة بمنطقة الفقرات العنقية وإحدى وظائفها هي توفير حماية لهذه الأعصاب التي تمر من خلالها. ولذلك فإن الفقرات مسؤولة عن توفير ثبات ودعم للرأس فوق الجسم وأيضاً توفير مرونة وحركة في الرقبة وأيضاً توفير حماية للأعصاب التي تمر من خلالها.
* ما هو الانزلاق الغضروفي في الرقبة ؟
- الغضاريف التي تقع بين الفقرات كما ذكرنا سابقاً تكون معرضة لضغوط وإجهاد شديد قد يزداد عند بعض الأشخاص. هذا يؤدي إلى تهتك فيها. والغضروف الطبيعي يتكون من حلقة خارجية من الألياف بداخلها مادة جيلاتينية. ومع التعرض لعوامل الزمن يحدث أن تتهتك الألياف الخارجية مما يؤدي إلى أن تخرج المادة الجيلاتينيه من الداخل وتنزلق وهذا هو اللنزلاق الغضروفي.
وعندما يحدث هذا الانزلاق الغضروفي فإن المادة الجيلاتينية في أغلب الحالات تنزلق إلى الخلف متجه نحو القناة التي تمر فيها الأعصاب أو القنوات الصغيرة التي تمر فيها الأعصاب الطرفية أو القناة الكبيرة التي يمر فيها النخاع الشوكي. وعندما تخرج هذه المادة الغضروفية وتضغط على أجزاء من الأعصاب أو النخاع الشوكي فإنها تؤدي إلى تهيج في هذه الأعصاب وبالتالي إلى ظهور الآلام المبرحة في المنطقة التي تغذيها الأعصاب. فمثلا عندما يحدث أن تنزلق المادة الجيلاتينية ويحدث الانزلاق الغضروفي ويضغط على أحد الأعصاب الطرفية التي تغذي اليد والذراع فإن هذا يؤدي إلى ظهور الأعراض في اليد والذراع بالإضافة إلى منطقة العنق.
* أسباب حدوث الانزلاق الغضروفي في الرقبة ؟
كما ذكرنا سابقاً فإن منطقة العنق والرقبة مطلوب منها أداء الكثير من الأعباء مثل توفير الحركة وتوفير الدعم والثبات وكذلك حماية الأعصاب التي تمر من خلالها. ونظراً لمرونة الحركة في الرقبة فإن هذا يضع جهوداً متزايدة على الغضاريف التي يتكون العمود الفقري في الرقبة منها.
ومن الأسباب التي قد تؤدي إلى ظهور الانزلاق الغضروفي هو كثرة الإجهاد على الرقبة وكثرة ثني الرقبة مثل ما يحدث عند الأشخاص الذين تتطلب أعمالهم ثني الرقبة إلى الأمام لفترات طويلة مثل المهندسين والأطباء وأطباء الأسنان والباحثين وبعض الطلبة. أيضاً الأشخاص الذين تتعرض رقبتهم لإجهاد مما يؤدي إلى ضعف العضلات مثل مبرمجي الكمبيوتر ومستخدمي الحاسب الآلي لفترات طويلة. وكذلك من الملاحظ أن مشاكل الرقبة بصفة عامة ومشاكل الانزلاق الغضروفي -حمانا الله وإياكم- منها قد زادت مؤخراً بسبب إنتشار أجهزة الهاتف الذكي الذي يقوم الكثير من الناس باستخدامه بطريقة خاطئة وتراهم في أغلب الأوقات يثنون رقبتهم إلى الأمام بشكل مبالغ فيه عند استخدام هذه الأجهزة الذكية ولفترات طويلة مما يؤدي إلى وضع إجهاد زائد على الغضاريف ومع مرور الوقت يؤدي إلى مرضها وإلى احتمال ظهور الانزلاق الغضروفي فيها. وفي بعض الحالات قد يظهر الانزلاق الغضروفي نتيجة إصابة مباشرة أو غير مباشرة لمنطقة الرقبة مما يؤدي إلى تهتك الحلقة الليفية وانزلاق المادة الجيلاتينية إلى الخارج ولكن هذه الحالات نادرة والحمد لله.
إذاً فالسبب الرئيسي في ظهور الانزلاق الغضروفي في الرقبة هو ضعف عضلات الرقبة وتراكم الإجهاد على الغضاريف لفترات طويلة مما يؤدي إلى ضعف الحلقة الليفية وتهتكها وظهور مرض الانزلاق الغضروفي.
الأعراض ؟
عادةً ما يشتكي المريض أو المريضة من آلام في منطقة العنق تظهر وتختفي ثم تظهر مرةً أخرى لتستمر وقد تزداد حدتها وبعد ذلك يشتكي المريض من آلام تمتد من منطقة العنق إلى منطقة الكتف والذراع والساعد لتشمل الأصابع ويصاحبها شعور بتنمل وخدر في الأصابع وقد يكون هناك ضعف أو ثقل في حركة الذراع. هذه الآلام في بعض الأحيان تكون مبرحة ويصفها المريض كأنها سيخ من نار أو من كهرباء يمر خلال الطرف العلوي نتيحة الضغط على العصب من قبل الغضروف المنزلق. أما في الحالات التي يكون فيها الضغط على النخاع الشوكي نفسه وليس على الأعصاب الطرفية فإن الأعراض تتكون من آلام مزمنة في منطقة الرقبة وأعلى الظهر يصاحبها شعور بثقل في الذراعين أو الساقين وصعوبة في الحركة وثقل في الخطوات وتباطؤ في الخطوات أثناء المشي. كما أن المنعكسات العصبية (Spinal reflexes) في حالات الضغط على النخاع الشوكي تزداد (Hyperreflexia) ويصفها المريض بالشعور باهتزازات ونفضة في الطرفين السفليين خصوصاً إذا ما لمس أحدهم المنطقة القريبة من الركبة. وفي المراحل المتقدمة من حالات الضغط على النخاع الشوكي قد يفقد المريض أو المريضة القدرة على المشي بمفرده وقد يصبح جليس الكرسي المتحرك ولا يستطيع المشي ولو لخطوات بسيطة. ولكن في الغالبية العظمى من الحالات يتم اكتشاف الحالة مبكراً قبل أن تصل إلى هذه الدرجات لا سمح الله.
التشخيص ؟
يتم التشخيص بعد الاستماع للتاريخ المرضي الذي يصفه المريض ويشمل الأعراض التي ذكرناها سابقاً. بعد ذلك يتم الفحص السريري الذي يبين وجود تحدد في حركة العنق خصوصاً عند ثنيها للأسفل وللجانب مما يؤدي إلى زيادة ظهور آلالام في الذراع. أيضاً قد تكون هناك آثار شد في عضلات الرقبة أو ضعف في عضلات اليد والذراع ونقص في المنعكسات العصبية في حالة الضغط على الأطراف العصبية الطرفية أو زيادة في الإنعكاسات العصبية في حالات الضغط على النخاع الشوكي. وبالإضافة إلى الضعف في العضلات قد يكون هناك اختلاف في الإحساس في اليد المريضة عند مقارنتها باليد السليمة. وبعد الفحص السريري الذي يشمل أيضاً المنعكسات العصبية والإحساس والقوة يأتي دور الأشعات التي تتكون من أشعة سينية تبين وجود خشونة في منطقة الرقبة وشد في عضلات الرقبة وتقارب بين الفقرات في المنطقة المريضة. أما التشخيص النهائي والجذري والافضل فهو عن طريق أشعة الرنين المغناطيسي (MRI) التي تبين بوضوح مكان الانزلاق الغضروفي وشدة الانزلاق الغضروفي ومدى تأثر النخاع الشوكي والأعصاب الطرفية نتيجة الضغط عليها من قبل الانزلاق الغضروفي. وفي بعض الأحيان يتم اللجوء إلى عمل تخطيط للأعصاب الطرفية (Nerve conduction study) إذا ما كان هناك اشتباه في وجود التهابات طرفية في الأعصاب نفسها بالإضافة إلى الانزلاق الغضروفي. هذا التخطيط يتم عمله عن طريق استشاري المخ والأعصاب ويساعد كثيراً في إيضاح الصورة وإذا ما كان الألم والضعف في الأعصاب الطرفية هو نتيجة الانزلاق الغضروفي في الرقبة أو نتيجة ضغط على الأعصاب في منطقة الكوع أو منطقة الرسغ وليست له علاقة بالانزلاق الغضروفي. وهو مهم جداً لأنه في بعض الحالات التي تكون الأعراض والأشعات فيها غير واضحة يساعد على تفادي الخلط في التشخيص ويؤدي إلى تجنيب المريض عملية جراحية غير ضرورية. فإذا ما كان الضغط على العصب في منطقة الرسغ (Carpal tunnel syndrome) أو الكوع (Ulnar tunnel syndrome) فإن العملية يجب توجيهها إلى الرسغ أو الكوع وليس إلى الفقرات العنقية. أيضاً في بعض الأحيان يقوم الطبيب بطلب أشعة سينية جانبية عادية للرقبة في وضعية الثني للأمام وللخلف لتوضيح وجود أي نوع من عدم الثبات أو الخلخلة في منطقة الفقرات العنقية والذي يستوجب علاجها العلم بها وأخذ الخطوات اللازمة لعلاجها ضمن الخطة العلاجية.
الرياض