• ×
admin

عمليات زرع الأعمار

عمليات زرع الأعمار

فهد عامر الأحمدي

من نافلة القول إن التقدم الطبي والوعي الصحي ساهما في رفع متوسط العمر في معظم الدول (حتى وصل إلى 86 عاماً في اليابان وفرنسا وسويسرا وايسلندا)..

ولكن لاحظ أيضاً أن التقنيات الجراحية المتقدمة ساهمت في إطالة أعمار البشر من خلال تغيير أعضائه الحيوية (الهرمة أو التالفة) كلما احتاج لذلك.. وبعد التقدم الرائع في جراحات زرع الأعضاء ظهر مايعرف باستنبات الأعضاء في المختبرات حسب الطلب.. فتقنيات الاستنساخ تتيح اليوم تخليق قلوب وأكباد وكلى وقرنيات جديدة من خلايا جذعية أو مأخوذة من المريض نفسه (لتلافي مقاومة جهاز المناعة لها).. والنجاح الكامل لهذه التقنية يعني في المستقبل القريب إمكانية استبدال القلوب المريضة، والكلى الفاشلة، والأكباد المتليفة، والرئات المتضررة، بأخرى جديدة وشابة وبالتالي المد في عمر الإنسان لسنوات طويلة قادمة!

أيضا هناك تقنيات دمج الأعضاء الإلكترونية في جسم الإنسان وصولاً لفكرة الإنسان البيوني الذي شاهدناه كثيراً في أفلام الخيال العلمي.. ففي مناسبات كثيرة نجح الأطباء في زراعة أذرع وآذان وقلوب آلية أو الكترونية لمساعدة المرضى على البقاء والعيش لفترة أطول.. وتقنيات كهذه ستستمر في التطور والتوسع حتى نصل لمرحلة الدمج المكثف بين الإنسان والآلة بمعدل 40/60 أو 50/50 أو حتى 90/ 10 (وأكثر مريض يملك اليوم أعضاء آلية هو توم ويلي من ولاية ماساتشوستس الذي يملك ستة أعضاء الكترونية عاملة في جسده).

أما قمة الإنجازات المستقبلية (رغم أقدمية الفكرة ذاتها) فهي تغيير الأجساد المريضة أو الهرمة بالكامل.. وتعتمد الفكرة على قيام الجراحين بزرع رؤوس المرضى الميئوس من شفائهم فوق أجسام صحيحة أو شابة مات أصحابها دماغيا (أو لم يعودوا ببساطة يرغبون في الحياة).

وأقول "رغم أقدمية الفكرة" كونها وردت في مخطوطات شيان الصينية قبل أربعة آلاف عام، كما حاول الأطباء الهنود أيام الحكم المغولي الإسلامي تجريبها من خلال ربط الرؤوس المقطوعة (في ساحات المعارك) فوق الأجساد التي ماتزال تنزف دماً!.

التقدم المهم التالي حدث عام 1928 حين نجح الطبيب الروسي سيرجي بروكونينكو في الاحتفاظ برأس كلب مقطوع حياً لمدة عامين من خلال آلة تضخ الدم والغذاء بصورة طبيعية للرأس المقطوع (وهي بالمناسبة نواة الآلة المستعملة حاليا في العمليات الجراحية). وفي عام 1954 قام تلميذه فلاديمير ديموكوف بزراعة (رأس إضافي مقطوع) بحيث أصبح لديه كلب برأسين مختلفين عرضهما أمام كاميرات التلفزيون في معمله خارج موسكو. واليوم تستمر المحاولات في دول متقدمة كثيرة أبرزها أمريكا وفرنسا والسويد، تحت مظلة ربط الحبل الشوكي لعلاج مرضى الشلل الرباعي...

والمعلومة الأخيرة تذكرنا بحقيقة أن جميع العمليات القديمة والجديدة كانت تفشل لسببين:

الأول بسبب آلية الرفض المناعي التي ترفض الأعضاء الغريبة عن الجسم (وإن أمكن تثبيطها هذه الأيام باستعمال عقاقير خاصة).

والثاني بسبب عجز الأطباء عن ربط الأعصاب والحبل الشوكي الممتد داخل العمود الفقري بقاعدة الدماغ (وهو ما يفسر فشل الأطباء في علاج إصابات الشلل الكامل).

ولكن هذا لا يعني أن عمليات زرع الرؤوس لن تصبح واقعاً حين ينجح الأطباء مستقبلاً في تجاوز هاتين المشكلتين.. وبناء عليه تصور النتائج الطبية والتداعيات الاجتماعية والقانونية الناجمة عن تغيير أحد الأثرياء لجسده مرة أو مرتين كل خمسين أو ستين عاماً!.

المؤكد أن حالة كهذه لن تقتلها غير الوحدة والملل!

الرياض
بواسطة : admin
 0  0  1030