احتمال إصابتك بالسكر يساوي 28%
احتمال إصابتك بالسكر يساوي 28%
فهد عامر الأحمدي
مرض السكر يعد بدون مبالغة آفة القرن الحالي وأحد الأسباب الأربعة الرئيسية للوفاة حول العالم، وتعد دول الخليج من المناطق المنكوبة بهذا المرض حيث يعاني منه 30% من سكان الإمارات والبحرين، و28% من سكان السعودية، و16% من سكان قطر، و13% من سكان الكويت، و11% من سكان عمان..
وجميعها نسب كبيرة تؤكد أنه وصل إلى مرحلة "الوباء"!.
وانتشاره الكبير -حول العالم- يثير التساؤل حقا كونه اكتشف قبل 3500 عام، ولكنه لم يكن يوما بمثل هذا الانتشار المخيف -حيث يؤثر حاليا على 400 مليون شخص في العالم-.. فقد ورد ذكر مرض السكر لأول مرة منذ 3500 عام على إحدى أوراق البردى المصرية، ثم انتظرت البشرية ألف عام قبل أن يلاحظ الطبيب الهندي المعروف سشراوتا أن الذباب والنمل ينجذبان لبول مرضى السكر لطعمه الحلو، فأطلق عليه اسم "مدوهمها" أو مرض البول العسلي. فيما أطلق عليه الصينيون -في نفس الفترة- اسم مرض "العطش الدائم" بسبب حاجة المريض الدائمة لشرب الماء، وبحلول عصر الإغريق اتخذ السكري اسمه اللاتيني الحالي "دايابيتس"، وهو اسم أطلقه الطبيب الإغريقي ارتويس لاعتقاده أن السوائل التي يشربها المريض لا تبقى في جسمه أبدا.. وهي كلمة تعني حتى اليوم "ما يمر خلال"!.
وفي العصر الإسلامي عرف الكّندي وابن سينا المرض ووصفا له بعض الأعشاب ونصحا بحمية خاصة.. أما أول من قام بتشخيص ناجح وكامل للسكري فهو الإنجليزي تومس وليس -طبيب الملك تشارلز الثاني- فقد تذوق بول مرضاه ولاحظ شدة حلاوته ونصحهم بعدم تناول السكريات والعسل لإيمانه بتشبع دمائهم به أصلا، وكان وليس أول من فرق بين مرض السكر الشائع -النوع الثاني الذي يصيب الكهول- ومرض السكر الذي يصيب الأطفال وينجم عن خلل في غدد الأنسولين.
وفي عام 1869 حدث تقدم رائع على يد الطبيب الألماني بول لا نجر هانز باكتشافه خلايا في البنكرياس (على شكل جزر عرفت باسمه) اتضح أنها مسؤولة عن إفراز مادة تتحكم في مستوى السكر في الدم.
أما أهم وأعظم إنجاز في هذا المجال فتحقق في أوائل هذا القرن على يد الباحثين الكنديين فردريك بنتنغ وتشرلز بيست؛ فقد استطاعا عزل "المادة السحرية" التي تفرزها جزر لا نجر هانز وحقناها في كلاب مريضة فشفيت خلال ساعتين فقط.. إلا أن فرحتهما لم تدم طويلا، فالمادة المكتشفة -والتي أطلقا عليها اسم أنسولين- يجب أن تحقن بشكل دوري كي تحقق النتائج المرجوة، وبشجاعة العلماء حقنا نفسيهما أولا بهذه المادة لدراسة نتائجها على البشر. وحين تأكدا من سلامتها عرضا الأمر على والدي صبي مريض يدعى "لونارد تمسون" كان في المراحل الأخيرة من المرض، ولم يكن لدى الوالدين ما يخسرانه فبدأ بنتنغ وبيست بحقنه بالأنسولين، وبالفعل انخفض مستوى السكر في دمه حتى تماثل للشفاء وعاد للمنزل خلال يومين.. وتقديرا لجهودهما -وإنقاذهما لحياة الملايين- نال بنتنغ وبيست جائزة نوبل للطب عام 1925!.
بقي أن أشير إلى أن انتشاره الكبير في منطقتنا الخليجية يعود إلى "فجائية" حياة الرفاهية والكسل التي ظهرت خلال جيل واحد وتسببت -ليس فقط في غلبة الكربوهيدرات والسكريات في طعامنا- بل وكسلنا وقلة حركتنا مقارنة بشعوب العالم!.
الرياض
فهد عامر الأحمدي
مرض السكر يعد بدون مبالغة آفة القرن الحالي وأحد الأسباب الأربعة الرئيسية للوفاة حول العالم، وتعد دول الخليج من المناطق المنكوبة بهذا المرض حيث يعاني منه 30% من سكان الإمارات والبحرين، و28% من سكان السعودية، و16% من سكان قطر، و13% من سكان الكويت، و11% من سكان عمان..
وجميعها نسب كبيرة تؤكد أنه وصل إلى مرحلة "الوباء"!.
وانتشاره الكبير -حول العالم- يثير التساؤل حقا كونه اكتشف قبل 3500 عام، ولكنه لم يكن يوما بمثل هذا الانتشار المخيف -حيث يؤثر حاليا على 400 مليون شخص في العالم-.. فقد ورد ذكر مرض السكر لأول مرة منذ 3500 عام على إحدى أوراق البردى المصرية، ثم انتظرت البشرية ألف عام قبل أن يلاحظ الطبيب الهندي المعروف سشراوتا أن الذباب والنمل ينجذبان لبول مرضى السكر لطعمه الحلو، فأطلق عليه اسم "مدوهمها" أو مرض البول العسلي. فيما أطلق عليه الصينيون -في نفس الفترة- اسم مرض "العطش الدائم" بسبب حاجة المريض الدائمة لشرب الماء، وبحلول عصر الإغريق اتخذ السكري اسمه اللاتيني الحالي "دايابيتس"، وهو اسم أطلقه الطبيب الإغريقي ارتويس لاعتقاده أن السوائل التي يشربها المريض لا تبقى في جسمه أبدا.. وهي كلمة تعني حتى اليوم "ما يمر خلال"!.
وفي العصر الإسلامي عرف الكّندي وابن سينا المرض ووصفا له بعض الأعشاب ونصحا بحمية خاصة.. أما أول من قام بتشخيص ناجح وكامل للسكري فهو الإنجليزي تومس وليس -طبيب الملك تشارلز الثاني- فقد تذوق بول مرضاه ولاحظ شدة حلاوته ونصحهم بعدم تناول السكريات والعسل لإيمانه بتشبع دمائهم به أصلا، وكان وليس أول من فرق بين مرض السكر الشائع -النوع الثاني الذي يصيب الكهول- ومرض السكر الذي يصيب الأطفال وينجم عن خلل في غدد الأنسولين.
وفي عام 1869 حدث تقدم رائع على يد الطبيب الألماني بول لا نجر هانز باكتشافه خلايا في البنكرياس (على شكل جزر عرفت باسمه) اتضح أنها مسؤولة عن إفراز مادة تتحكم في مستوى السكر في الدم.
أما أهم وأعظم إنجاز في هذا المجال فتحقق في أوائل هذا القرن على يد الباحثين الكنديين فردريك بنتنغ وتشرلز بيست؛ فقد استطاعا عزل "المادة السحرية" التي تفرزها جزر لا نجر هانز وحقناها في كلاب مريضة فشفيت خلال ساعتين فقط.. إلا أن فرحتهما لم تدم طويلا، فالمادة المكتشفة -والتي أطلقا عليها اسم أنسولين- يجب أن تحقن بشكل دوري كي تحقق النتائج المرجوة، وبشجاعة العلماء حقنا نفسيهما أولا بهذه المادة لدراسة نتائجها على البشر. وحين تأكدا من سلامتها عرضا الأمر على والدي صبي مريض يدعى "لونارد تمسون" كان في المراحل الأخيرة من المرض، ولم يكن لدى الوالدين ما يخسرانه فبدأ بنتنغ وبيست بحقنه بالأنسولين، وبالفعل انخفض مستوى السكر في دمه حتى تماثل للشفاء وعاد للمنزل خلال يومين.. وتقديرا لجهودهما -وإنقاذهما لحياة الملايين- نال بنتنغ وبيست جائزة نوبل للطب عام 1925!.
بقي أن أشير إلى أن انتشاره الكبير في منطقتنا الخليجية يعود إلى "فجائية" حياة الرفاهية والكسل التي ظهرت خلال جيل واحد وتسببت -ليس فقط في غلبة الكربوهيدرات والسكريات في طعامنا- بل وكسلنا وقلة حركتنا مقارنة بشعوب العالم!.
الرياض