• ×
admin

التلاعب بأرواح الناس!

التلاعب بأرواح الناس!

محمد أحمد الحساني

قبل ما يزيد على ثلاثين عاما ظهر رجل في قرية بين المدينة المنورة والقصيم وزعم أن لديه علاجا لجميع الأمراض المستعصية الموجودة على وجه الأرض من شلل وجلطات وسكري وضغط دم وضعف نظر وحَوَل، وكانت وسيلته في العلاج هو أن يكسر قارورة زجاجية ويضرب بها أوردة المرضى فيسيل منها الدم مدراراً فيأمر معاونيه بربط الوريد النازف بعد جعله ينزف كمية لا بأس بها من الدم زاعماً أنه قد أخرج الدم الفاسد من جسد المريض وأنه سوف يتماثل للشفاء بعد أسبوع على الأكثر!
وعلى الرغم من سذاجة ادعاء ذلك الرجل فإن المئات وربما الآلاف انجذبوا لادعاءاته ومعجزاته الطبية المزعومة حتى طبقت شهرته آفاق البلاد وقد قابلت رجلا من رجالات التعليم أصيب بشلل نصفي قبل سنوات من ظهور ذلك الدجال الذي كتبت عن كذبه وادعاءاته في جريدة الندوة آنذاك !، فلما كانت المقابلة عاتبني على ما كتبته وأكد لي أنه استفاد من علاجه عندما ضربه بقطعة الزجاج في يده المشلولة وساقه المشلول وأخذ يحاول رفع يده ورجله ليؤكد لي أنهما أخف مما كانا عليه قبل ذلك فتأكدت أن الوهم قد بلغ منه مبلغه فامتنعت عن التعليق!
وبعد ذلك بعدة شهور صدر الأمر بالقبض على الرجل وإيداعه السجن وذلك إثر وفاة بعض من ضرب عروقهم وأوردتهم بقطع زجاج البيبسي وكان من بين من توفي رجل أعرفه من حارتي «جرول» بمكة المكرمة كان يعاني من داء السكري ومن ضغط الدم فظل بعد الضربة النجلاء ينزف حتى لقي وجه ربه بعد عودته بعدة أيام !
وقد ذكرني بما حصل قبل ثلاثة عقود خبر صحفي نشر في الآونة الأخيرة يتضمن تحذيراً من الجهات الصحية من وجود أدعياء طب يزعمون أنهم يعالجون الأمراض المستعصية عن طريق «فصد» الدم من العروق ولعلهم طوروا الأدوات التي كان يستخدمها ذلك الرجل فبدل أن يكون الفصد بقطعة زجاج جعلوه بمشرط طبي والنتيجة واحدة وهو حصول نزيف من المفصود قد لا يتوقف إن لم يتم تداركه إلا بوفاته لاسيما إن كان مصابا بسيولة في الدم، وأرى أن التحذير لا يكفي بل لا بد من إجراءات قوية حازمة تؤدي إلى وقف التلاعب بأرواح الناس وليكن ذلك قبل فوات الأوان.

صخيفة عكاظ
بواسطة : admin
 0  0  1645