«حفرة» بيني وبينك
«حفرة» بيني وبينك
حمود أبو طالب
في مدينة أمريكية أقل اتساعا من جدة تعودت أن أمشي صباحا كي ارتشف القهوة في مكان قريب، الطريق أعرف تفاصيله جيدا ربما إلى حد معرفة الخطوات التي تحتاجها المسافة. قبل أيام أربعة بالضبط كنت مضطرا أن أصل إلى المكان بعد ربع ساعة من الوقت الذي اعتدت عليه.. لماذا ؟؟ لأن هناك فتحة للتصريف الصحي قبل الوصول إليها إنذار واضح وبحروف لا يخطئها حتى الأعمى، وحتى المتهور لا يمكنه السقوط في فخها لأن حولها سياجا لا يمكن اجتيازه.
وفي ذات اليوم تصادف أنني شاهدت في تويتر صورا هي في الحقيقة لوحات فنية بديعة لأغطية الصرف الصحي في اليابان، لوحات من الفن التشكيلي مرسومة على تلك الأغطية، بحيث لا يمكن للإنسان أن يتجاوزها دون أخذ صورة «سيلفي» معها. وفي ذات اليوم أيضا أقرأ في صحفنا أن ضحية جديدة ذهبت عبثا في أحد شوارع جدة بسبب حفرة للصرف اللا صحي.
الكريه جدا أن يموت الإنسان اختناقا برائحة كريهة في حفرة كريهة.
والكريه جدا وجدا أن يموت فجأة وهو يمشي في طريق عام.
والبشاعة المتناهية أن يموت أحد في حفرة مات فيها قبله أحد،
وفي ذات المدينة وذات الشارع الذي مات فيه من سبقوه.
مجرد حفرة لا أكثر تختصر قيمة الإنسان.
تختزل وعي المسؤول عنها.
الشارع لك ولي أيها الإنسان المواطن،
لكنه حين يتحول إلى فخ دائم فهناك مشكلة كبيرة.
مشكلة تكمن في معنى قيمة الإنسان،
في أهمية الإنسان
قبل أن يكون مواطنا أو غير مواطن.
لا نريد أيها السادة أن تتحول أغطية الصرف الصحي إلى لوحات فنية لأنه ترف عظيم لا يجب أن نفكر فيه.
ولا نريد أن تجعلوا سياجا منيعا حول كل حفرة حتى لا يسقط الإنسان فيها.
أقصى طموحنا الآن ألا تبرروا الموت العبثي بتصريحات مهينة للإنسان.
وفي النهاية هناك حفرة نهائية أيها المسؤولون عن حفر الدنيا.
صحيفة عكاظ
حمود أبو طالب
في مدينة أمريكية أقل اتساعا من جدة تعودت أن أمشي صباحا كي ارتشف القهوة في مكان قريب، الطريق أعرف تفاصيله جيدا ربما إلى حد معرفة الخطوات التي تحتاجها المسافة. قبل أيام أربعة بالضبط كنت مضطرا أن أصل إلى المكان بعد ربع ساعة من الوقت الذي اعتدت عليه.. لماذا ؟؟ لأن هناك فتحة للتصريف الصحي قبل الوصول إليها إنذار واضح وبحروف لا يخطئها حتى الأعمى، وحتى المتهور لا يمكنه السقوط في فخها لأن حولها سياجا لا يمكن اجتيازه.
وفي ذات اليوم تصادف أنني شاهدت في تويتر صورا هي في الحقيقة لوحات فنية بديعة لأغطية الصرف الصحي في اليابان، لوحات من الفن التشكيلي مرسومة على تلك الأغطية، بحيث لا يمكن للإنسان أن يتجاوزها دون أخذ صورة «سيلفي» معها. وفي ذات اليوم أيضا أقرأ في صحفنا أن ضحية جديدة ذهبت عبثا في أحد شوارع جدة بسبب حفرة للصرف اللا صحي.
الكريه جدا أن يموت الإنسان اختناقا برائحة كريهة في حفرة كريهة.
والكريه جدا وجدا أن يموت فجأة وهو يمشي في طريق عام.
والبشاعة المتناهية أن يموت أحد في حفرة مات فيها قبله أحد،
وفي ذات المدينة وذات الشارع الذي مات فيه من سبقوه.
مجرد حفرة لا أكثر تختصر قيمة الإنسان.
تختزل وعي المسؤول عنها.
الشارع لك ولي أيها الإنسان المواطن،
لكنه حين يتحول إلى فخ دائم فهناك مشكلة كبيرة.
مشكلة تكمن في معنى قيمة الإنسان،
في أهمية الإنسان
قبل أن يكون مواطنا أو غير مواطن.
لا نريد أيها السادة أن تتحول أغطية الصرف الصحي إلى لوحات فنية لأنه ترف عظيم لا يجب أن نفكر فيه.
ولا نريد أن تجعلوا سياجا منيعا حول كل حفرة حتى لا يسقط الإنسان فيها.
أقصى طموحنا الآن ألا تبرروا الموت العبثي بتصريحات مهينة للإنسان.
وفي النهاية هناك حفرة نهائية أيها المسؤولون عن حفر الدنيا.
صحيفة عكاظ