الحياة ملعب كبير
الحياة ملعب كبير
فهد عامر الأحمدي
لاحظت شخصياً أن الأطفال حتى حين يشتركون في أي لعبة أول ما يسألون عنه هو "من الفائز؟".. وحتى حين لا يجيدون اللعب يدّعون فوزهم في نهايتها أو تنهال دموعهم لنهايتها.. وحين نكبر تكبر معنا ألعابنا وتصبح أغلى ثمناً وتظهر بشكل سيارة فارهة أو فيلا فاخرة أو مقتنيات ثمينة نستعرضها بأي طريقة فقط لإثبات (فوزنا) في لعبة الحياة!
ندرك دون وعي منا أننا نخوض يومياً ألعاباً تتضمن التفاوض لتحقيق أدنى قدر من الثمن وإثبات الذات بأعلى حد من الجودة وفرض الرأي.. نفعل ذلك حين نتفاوض مع السباك والكهربائي والحداد أو حتى مديرنا في العمل فنتحاور ونبالغ وندعي ونكذب لتحقيق أكبر مكسب ممكن..
المدهش أكثر أن هناك بالفعل نظرية تدعى "نظرية الألعاب" تبحث في أفضل الخيارات الممكنة لاتخاذ القرارات الرابحة.. نظرية صالحة في السياسة والاقتصاد وشؤون الحياة رغم أنها انطلقت أولا من دراسة الألعاب الذهنية المعروفة (كالشطرنج والزهر والقمار).. والمقصود بالألعاب هنا هي المعضلات في أي مجال كانت في حين أن اللاعبين هم أفراد ومؤسسات وأمم تسعى لتحقيق الانتصار (بأي ثمن).. وهي في إطارها العام تحلل تضارب المصالح للتوصل لأفضل خيار ممكن.. تتضمن مجموعة من القواعد والتصرفات المشتركة التي تخمن أفضل الخيارات في ظروف قد لا تكون دائما مناسبة أو مواتية..
ويمكن القول إن النظرية تبلورت بشكل رسمي سنة 1944 على يد جون فون نويمان وأوسكار شتيرن اللذين وضعا كتابا بعنوان "نظرية الألعاب وتصرف الاقتصاد"
Behavior The Theory of Games and Economic
وفي عام 1994 حصل كل من جون ناش وسيلتين وهارسانيي على جائزة نوبل للاقتصاد وذلك لدراساتهم التي وسعت من استخدام هذه النظرية في أسواق الاقتصاد (وتم استعراض قصة حياة ناش في فيلم سينمائي يدعى عقل جميل عام2001)..
أما على مستوى التعامل الإنساني (بين الأفراد) فهناك كتاب بعنوان (ألعاب يمارسها الناس) يناقش الحيل والمكائد وأساليب الضغط التي نمارسها مع بعضنا البعض خلال تعاملاتنا اليومية.. وفي الجزء الأول من هذا الكتاب يقسم المؤلف إيرك بيرني تعاملاتنا مع الآخرين من خلال ثلاثة مواقف رئيسية هي: الموقف الأبوي، والطفولي، والراشد.. فرئيسك في العمل مثلا قد يتعامل معك بطريقة أبوية قاسية (كرد فعل على اضطهاده في الطفولة) أو بطريقة طفولية ساذجة (تعتمد على رد الفعل أو مزاجه في ذلك اليوم)، أو بطريقة راشدة (تعتمد على الاحترام المتبادل والمعاملة حسب القوانين والأنظمة)..
أما الجزء الثاني من الكتاب (وهو الممتع فعلا) فيتضمن نماذج وأمثلة لطرق التعامل المبطنة بين الناس.. فنحن "نلعب" دائما مع بعضنا ألعابا لاستعراض القوى، واثبات الذات، وتحصيل المكاسب، وتغيير آراء الآخرين بل وحتى ألعابا خاصة بالمحبين مثل لعبة القط والفأر.. ومن خلال العناوين الرئيسية يمكنك فهم الألعاب النفسية التي يمارسها معك من حولك مثل لعبة هل رأيت نتيجة عملك؟ أو ماذا حصل لي بسببك؟ وحاول تنفيذ ذلك إن استطعت.. والشخصية الدلوعة أو المتمنعة.. وتوجيهك بطريقة لو كنت مكانك لفعلت كذا وكذا.. وانظر كيف حاولت بجهد أو ضحيت من أجلك.. والاستسلام المشروط (بطريقة موافق ولكن يجب أن تفعل كذا وكذا).. والاعتذار المبطن (مثل كنت فقط أحاول مساعدتك).. والابتزاز المؤدب (بطريقة تسعدني خدمتك ولكن لدي طلب بسيط).
الرياض
فهد عامر الأحمدي
لاحظت شخصياً أن الأطفال حتى حين يشتركون في أي لعبة أول ما يسألون عنه هو "من الفائز؟".. وحتى حين لا يجيدون اللعب يدّعون فوزهم في نهايتها أو تنهال دموعهم لنهايتها.. وحين نكبر تكبر معنا ألعابنا وتصبح أغلى ثمناً وتظهر بشكل سيارة فارهة أو فيلا فاخرة أو مقتنيات ثمينة نستعرضها بأي طريقة فقط لإثبات (فوزنا) في لعبة الحياة!
ندرك دون وعي منا أننا نخوض يومياً ألعاباً تتضمن التفاوض لتحقيق أدنى قدر من الثمن وإثبات الذات بأعلى حد من الجودة وفرض الرأي.. نفعل ذلك حين نتفاوض مع السباك والكهربائي والحداد أو حتى مديرنا في العمل فنتحاور ونبالغ وندعي ونكذب لتحقيق أكبر مكسب ممكن..
المدهش أكثر أن هناك بالفعل نظرية تدعى "نظرية الألعاب" تبحث في أفضل الخيارات الممكنة لاتخاذ القرارات الرابحة.. نظرية صالحة في السياسة والاقتصاد وشؤون الحياة رغم أنها انطلقت أولا من دراسة الألعاب الذهنية المعروفة (كالشطرنج والزهر والقمار).. والمقصود بالألعاب هنا هي المعضلات في أي مجال كانت في حين أن اللاعبين هم أفراد ومؤسسات وأمم تسعى لتحقيق الانتصار (بأي ثمن).. وهي في إطارها العام تحلل تضارب المصالح للتوصل لأفضل خيار ممكن.. تتضمن مجموعة من القواعد والتصرفات المشتركة التي تخمن أفضل الخيارات في ظروف قد لا تكون دائما مناسبة أو مواتية..
ويمكن القول إن النظرية تبلورت بشكل رسمي سنة 1944 على يد جون فون نويمان وأوسكار شتيرن اللذين وضعا كتابا بعنوان "نظرية الألعاب وتصرف الاقتصاد"
Behavior The Theory of Games and Economic
وفي عام 1994 حصل كل من جون ناش وسيلتين وهارسانيي على جائزة نوبل للاقتصاد وذلك لدراساتهم التي وسعت من استخدام هذه النظرية في أسواق الاقتصاد (وتم استعراض قصة حياة ناش في فيلم سينمائي يدعى عقل جميل عام2001)..
أما على مستوى التعامل الإنساني (بين الأفراد) فهناك كتاب بعنوان (ألعاب يمارسها الناس) يناقش الحيل والمكائد وأساليب الضغط التي نمارسها مع بعضنا البعض خلال تعاملاتنا اليومية.. وفي الجزء الأول من هذا الكتاب يقسم المؤلف إيرك بيرني تعاملاتنا مع الآخرين من خلال ثلاثة مواقف رئيسية هي: الموقف الأبوي، والطفولي، والراشد.. فرئيسك في العمل مثلا قد يتعامل معك بطريقة أبوية قاسية (كرد فعل على اضطهاده في الطفولة) أو بطريقة طفولية ساذجة (تعتمد على رد الفعل أو مزاجه في ذلك اليوم)، أو بطريقة راشدة (تعتمد على الاحترام المتبادل والمعاملة حسب القوانين والأنظمة)..
أما الجزء الثاني من الكتاب (وهو الممتع فعلا) فيتضمن نماذج وأمثلة لطرق التعامل المبطنة بين الناس.. فنحن "نلعب" دائما مع بعضنا ألعابا لاستعراض القوى، واثبات الذات، وتحصيل المكاسب، وتغيير آراء الآخرين بل وحتى ألعابا خاصة بالمحبين مثل لعبة القط والفأر.. ومن خلال العناوين الرئيسية يمكنك فهم الألعاب النفسية التي يمارسها معك من حولك مثل لعبة هل رأيت نتيجة عملك؟ أو ماذا حصل لي بسببك؟ وحاول تنفيذ ذلك إن استطعت.. والشخصية الدلوعة أو المتمنعة.. وتوجيهك بطريقة لو كنت مكانك لفعلت كذا وكذا.. وانظر كيف حاولت بجهد أو ضحيت من أجلك.. والاستسلام المشروط (بطريقة موافق ولكن يجب أن تفعل كذا وكذا).. والاعتذار المبطن (مثل كنت فقط أحاول مساعدتك).. والابتزاز المؤدب (بطريقة تسعدني خدمتك ولكن لدي طلب بسيط).
الرياض