طبيب القلب.. لن يستطيع مساعدتك ما لم تساعد نفسك!
مسؤولية المريض لا تنتهي عند أخذ الدواء وتناوله يومياً
د. خالد النمر
هناك كثير من المرضى لديهم مفاهيم خاطئة عن الأدوية والعمليات الجراحية في امراض القلب.. ولذلك ترى هؤلاء المرضى يأتون للعيادة يشتكون من عدم استفادتهم من الدواء؟.. او ان الاعراض مازالت لديهم؟ او انهم لم يلاحظوا فرقا كبيرا لا قبل ولا بعد العملية الجراحية لتوصيل الشرايين التاجية؟ ولهؤلاء ولذويهم سنبسط القول في عرض مفاهيم مهمة عن علاج امراض القلب.
المفهوم الأول الخاطئ:
انا غيروا لي شرايين القلب بعملية القلب المفتوح.. وهذا يعني أني رجعت بقلب جديد وأستطيع ان ارجع لحياتي السابقة بدون عوائق!!
التصحيح:
إن عمليات القلب المفتوح هي عمليات تنفذ لتسهيل وصول الدم إلى عضلة القلب للمرضى الذين لديهم انسداد في شرايين القلب وهى ليست الطريقة الوحيدة التي يمكن بها علاج تلك الحالات ولكنها من الطرق الفعالة التي صمدت مع مرور الزمن والتطور الطبي حيث يتم فتح القفص الصدري ووضع المريض على جهاز القلب والرئة الاصطناعي ثم يقوم الجراح بتوصيل الشريان الأورطي إلى منطقة ما بعد انسداد في الشريان التاجي وهذه التوصيلات تكون على عدة أنواع فهي من الممكن أن تكون توصيلات شريانية تؤخذ من اليد أو توصيلات وريدية تؤخذ من الساقين أو توصيل احد الشريانين الرئيسين في القفص الصدري إلى تلك المنطقة أو كليهما معا!! ولذلك يتضح انه في الحقيقة لا يتم استبدال تلك الشرايين المسدودة ولا فتحها وإزالة ما بها من كلسترول!! ولكن انشاء توصيلة من الأوردة غالبا لوصول الدم لعضلة القلب.. ولذلك فهي في الحقيقة فرصه لإعطاء المريض وقتا يتم فيه تغيير عاداته وسلوكه الغذائي وإيقاف التدخين والرياضة والاكثار من الخضروات والفواكه والتحكم بالسكر والضغط والكلسترول وذلك لإطالة عمر تلك التوصيلات اما ان استمر في نفس نمط حياته السابق من التدخين واهماله للسكر على سبيل المثال فسيصيب الانسداد او التضيق تلك التوصيلات مرة أخرى وسيضطر الى عملية أخرى او وضع دعامات جديدة.. ولذلك يبدأ التغيير من المريض نفسه وليس عملية القلب المفتوح.
المفهوم الخاطئ الثاني:
انا عندي مرض الضغط المزمن واخذ حبوب الضغط بانتظام ولكني مازلت تعبان!!
التصحيح:
مسؤولية المريض لا تنتهي عند أخذ الدواء من الطبيب فقط وتناوله يوميا وانما بوضع جدول لمراقبة قراءات الضغط يوميا عند استيقاظه من النوم وفي المساء عند خلوده للنوم ومناقشة الجدول مع طبيبه في زيارته القادمة وتحديد عدد المرات التي يحتاج فيها لمراقبة ضغطه. فالدواء وسيلة وليست غاية في ذاته.. ولذلك لابد من متابعته واخذه بانتظام ومراقبة ادائه بقياس الضغط والتحاليل الدورية لوظائف الكبد والكلى ومراقبة الاعراض الجانبية للدواء.. وبالتالي يتم تعديل جرعة الدواء او الإضافة اليه حسب قياسات الضغط.. ولذلك يبدأ التغيير من المريض نفسه وليس بمجرد اخذ الدواء يوميا وإعادة صرفه كل ثلاثة أشهر!!
المفهوم الخاطئ الثالث:
انا آخذ دواء من مجموعة الستاتين.. انا أستطيع ان آكل من الدهون ما أشاء!!
التصحيح:
بل إن بعض الأشخاص يأخذ حبة دواء كوليسترول قبل تناول أي وليمة دسمة!!. ناسياً او متناسيا ان ارتفاع الدهون في الدم ونزولها يسبق تركيز الدواء الفعال في الدم! ولذلك فليس له فائدة!!.. أضف إلى ذلك أنها طريقة غير صحيحة لتناول الدواء ولم يثبت انها تقلل جلطات القلب والدماغ، وهو الهدف الأساسي من استخدام دواء الكوليسترول.. وبلاشك ان أحد مصادر الكوليسترول هو الغذاء.. وعدم الانتظام على حمية بلاشك يقلل من كفاءة الدواء برفع الدهون الثلاثية بل من الممكن ان يضطر الطبيب الى جرعة أعلى او اضافة دواء خافض للدهون الثلاثية مما يزيد من احتمالية مضاعفات الدواء على الكبد والعضلات.
ان الهدف الأساسي من خفض الكلسترول هو تقليل جلطات القلب والدماغ والوفيات المفاجئة وهو لا يتأتى فقط بالاستمرار على ادوية الكلسترول بل بوصول الكلسترول الى مستويات منخفضه والاستمرار في ذلك اما الافراط في الشحوم فيؤدي الى رفع الكلسترول قليلا ولكن أيضا الى السمنة والضغط والسكري وهي امراض تزيد من جلطات القلب والدماغ.. وقد أوضحت دراسة حديثة نشرت في المجلة الأميركية للطب الباطني في ابريل 2015 ان مرضى الكلسترول عند مقارنتهم بين المرضى في 2010 والمرضى في عام 2000 وجدوا ان المرضى في عام 2010 يتناولون وجبات اعلى ب 10% في السعرات الحرارية و15% اعلى في محتوى الشحوم.!! ولذلك لابد ان يتم تثقيف المريض ان الدواء هو أحد طرق تحسين صحة المريض وليس الطريقة الوحيدة ويجب ان يساعده فيها الأسلوب الغذائي والرياضي اليومي.
الخلاصة:
مع تفشي الامراض المزمنة في العالم لابد من التركيز على الرسالة الصحية وهي ان الدواء لوحده ليس كافيا للتحكم بالمرض المزمن سواء كان سكريا او ضغطا او كلسترولا ولكنه احد الوسائل الهامة ويظل نوع النشاط البدني اليومي والغذاء جزءا لايتجزأ من المنظومة الكاملة للعلاج.. حيث ان غياب هذا المفهوم يؤدي الى مزيد من الأدوية ومزيد من الجرعات وظهور الاعراض الجانبية بصورة اكبر.
الرياض
د. خالد النمر
هناك كثير من المرضى لديهم مفاهيم خاطئة عن الأدوية والعمليات الجراحية في امراض القلب.. ولذلك ترى هؤلاء المرضى يأتون للعيادة يشتكون من عدم استفادتهم من الدواء؟.. او ان الاعراض مازالت لديهم؟ او انهم لم يلاحظوا فرقا كبيرا لا قبل ولا بعد العملية الجراحية لتوصيل الشرايين التاجية؟ ولهؤلاء ولذويهم سنبسط القول في عرض مفاهيم مهمة عن علاج امراض القلب.
المفهوم الأول الخاطئ:
انا غيروا لي شرايين القلب بعملية القلب المفتوح.. وهذا يعني أني رجعت بقلب جديد وأستطيع ان ارجع لحياتي السابقة بدون عوائق!!
التصحيح:
إن عمليات القلب المفتوح هي عمليات تنفذ لتسهيل وصول الدم إلى عضلة القلب للمرضى الذين لديهم انسداد في شرايين القلب وهى ليست الطريقة الوحيدة التي يمكن بها علاج تلك الحالات ولكنها من الطرق الفعالة التي صمدت مع مرور الزمن والتطور الطبي حيث يتم فتح القفص الصدري ووضع المريض على جهاز القلب والرئة الاصطناعي ثم يقوم الجراح بتوصيل الشريان الأورطي إلى منطقة ما بعد انسداد في الشريان التاجي وهذه التوصيلات تكون على عدة أنواع فهي من الممكن أن تكون توصيلات شريانية تؤخذ من اليد أو توصيلات وريدية تؤخذ من الساقين أو توصيل احد الشريانين الرئيسين في القفص الصدري إلى تلك المنطقة أو كليهما معا!! ولذلك يتضح انه في الحقيقة لا يتم استبدال تلك الشرايين المسدودة ولا فتحها وإزالة ما بها من كلسترول!! ولكن انشاء توصيلة من الأوردة غالبا لوصول الدم لعضلة القلب.. ولذلك فهي في الحقيقة فرصه لإعطاء المريض وقتا يتم فيه تغيير عاداته وسلوكه الغذائي وإيقاف التدخين والرياضة والاكثار من الخضروات والفواكه والتحكم بالسكر والضغط والكلسترول وذلك لإطالة عمر تلك التوصيلات اما ان استمر في نفس نمط حياته السابق من التدخين واهماله للسكر على سبيل المثال فسيصيب الانسداد او التضيق تلك التوصيلات مرة أخرى وسيضطر الى عملية أخرى او وضع دعامات جديدة.. ولذلك يبدأ التغيير من المريض نفسه وليس عملية القلب المفتوح.
المفهوم الخاطئ الثاني:
انا عندي مرض الضغط المزمن واخذ حبوب الضغط بانتظام ولكني مازلت تعبان!!
التصحيح:
مسؤولية المريض لا تنتهي عند أخذ الدواء من الطبيب فقط وتناوله يوميا وانما بوضع جدول لمراقبة قراءات الضغط يوميا عند استيقاظه من النوم وفي المساء عند خلوده للنوم ومناقشة الجدول مع طبيبه في زيارته القادمة وتحديد عدد المرات التي يحتاج فيها لمراقبة ضغطه. فالدواء وسيلة وليست غاية في ذاته.. ولذلك لابد من متابعته واخذه بانتظام ومراقبة ادائه بقياس الضغط والتحاليل الدورية لوظائف الكبد والكلى ومراقبة الاعراض الجانبية للدواء.. وبالتالي يتم تعديل جرعة الدواء او الإضافة اليه حسب قياسات الضغط.. ولذلك يبدأ التغيير من المريض نفسه وليس بمجرد اخذ الدواء يوميا وإعادة صرفه كل ثلاثة أشهر!!
المفهوم الخاطئ الثالث:
انا آخذ دواء من مجموعة الستاتين.. انا أستطيع ان آكل من الدهون ما أشاء!!
التصحيح:
بل إن بعض الأشخاص يأخذ حبة دواء كوليسترول قبل تناول أي وليمة دسمة!!. ناسياً او متناسيا ان ارتفاع الدهون في الدم ونزولها يسبق تركيز الدواء الفعال في الدم! ولذلك فليس له فائدة!!.. أضف إلى ذلك أنها طريقة غير صحيحة لتناول الدواء ولم يثبت انها تقلل جلطات القلب والدماغ، وهو الهدف الأساسي من استخدام دواء الكوليسترول.. وبلاشك ان أحد مصادر الكوليسترول هو الغذاء.. وعدم الانتظام على حمية بلاشك يقلل من كفاءة الدواء برفع الدهون الثلاثية بل من الممكن ان يضطر الطبيب الى جرعة أعلى او اضافة دواء خافض للدهون الثلاثية مما يزيد من احتمالية مضاعفات الدواء على الكبد والعضلات.
ان الهدف الأساسي من خفض الكلسترول هو تقليل جلطات القلب والدماغ والوفيات المفاجئة وهو لا يتأتى فقط بالاستمرار على ادوية الكلسترول بل بوصول الكلسترول الى مستويات منخفضه والاستمرار في ذلك اما الافراط في الشحوم فيؤدي الى رفع الكلسترول قليلا ولكن أيضا الى السمنة والضغط والسكري وهي امراض تزيد من جلطات القلب والدماغ.. وقد أوضحت دراسة حديثة نشرت في المجلة الأميركية للطب الباطني في ابريل 2015 ان مرضى الكلسترول عند مقارنتهم بين المرضى في 2010 والمرضى في عام 2000 وجدوا ان المرضى في عام 2010 يتناولون وجبات اعلى ب 10% في السعرات الحرارية و15% اعلى في محتوى الشحوم.!! ولذلك لابد ان يتم تثقيف المريض ان الدواء هو أحد طرق تحسين صحة المريض وليس الطريقة الوحيدة ويجب ان يساعده فيها الأسلوب الغذائي والرياضي اليومي.
الخلاصة:
مع تفشي الامراض المزمنة في العالم لابد من التركيز على الرسالة الصحية وهي ان الدواء لوحده ليس كافيا للتحكم بالمرض المزمن سواء كان سكريا او ضغطا او كلسترولا ولكنه احد الوسائل الهامة ويظل نوع النشاط البدني اليومي والغذاء جزءا لايتجزأ من المنظومة الكاملة للعلاج.. حيث ان غياب هذا المفهوم يؤدي الى مزيد من الأدوية ومزيد من الجرعات وظهور الاعراض الجانبية بصورة اكبر.
الرياض