• ×
admin

الشيطان يرقص طربا!!

الشيطان يرقص طربا!!

عزيزة المانع

إن من أشد ما يؤلم، رؤية كثير من مناطق عالمنا العربي وهي تضطرب بالعنف والفتن بعد أن صار المتنازعون داخلها لا يرون طريقا للنجاة من مآزقهم سوى أن يقتل بعضهم بعضا!!
بات أمرا متوقعا أن تشاهد نشرة الأخبار كل مساء، فيضيق صدرك وتعتريك الكآبة، تحس أنك تعيش مأتما كبيرا، ترى الأبرياء من الضحايا يتساقطون بالمئات في كل يوم، من يحمل السلاح منهم ومن لا يحمله، القوي والضعيف، المريض والصحيح، المعاق والسليم، الطفل والبالغ، الشاب والشيخ، لا فرق بين أحد منهم، الجميع مسجلون في دائرة القتل العشوائي، يموتون بدم بارد صبحا وعشية.
لا أظن الشيطان نفسه كان يحلم بنصر أكثر مما يعيشه اليوم، ولا أظنه شعر يوما بالنشوة قدر ما هو عليه الآن وهو يرى أبناء البلد الواحد ينقسمون على أنفسهم فرقا وأحزابا فيقتل بعضهم بعضا، مرة باسم الدين، ومرة باسم الديموقراطية، ومرة باسم القضاء على الإرهاب، كل منهم يدعي أنه على الحق.
ولعل الشيطان لم يطرب يوما كطربه هذه الأيام، بعد أن استطاع التوغل إلى غور عميق في تحقيق مآربه، حاملا معه الوعود البراقة ينثرها أمام كل فريق من الفرق المتنازعة، موزعا الأدوار بينها، مقسما المهمات، واعدا بحياة أفضل.
أن يجتهد الشيطان في مكره، ذاك ليس أمرا محزنا ولا مؤلما، فالشيطان هذا دأبه منذ أن خلق الله آدم، ما هو محزن ومؤلم حقا، هو هذه الاستجابات السريعة التي يلقاها من الناس تلبية لمطالبه الوقحة!!
لقد بلغت الوقاحة بالشيطان حدا مكنه من تزيين قتل الأخ لأخيه، وتلك وإن كانت عادته القديمة منذ ظهور الأخوة الأولى على وجه الأرض، إلا أن أبناء آدم المعاصرين لم يتعظوا من قسوة المرارة التي أصابت أخاهم الأكبر بعد أن قتل أخاه، وظلوا يتبعون الشيطان فيما يزينه لهم من قتال بينهم. وهل كان الشيطان يطمح إلى شيء أكبر من هذا؟!
بقي سؤال كثيرا ما حيرتني الإجابة عليه: حين ينجح الشيطان في تحقيق مآربه، هل هو ينجح لفرط ذكائه ودهائه، أم أنه ينجح لغباوة مستحكمة في من يتبعه؟.

عكاظ
بواسطة : admin
 0  0  2200