• ×
admin

هذيان المربعانية!

هذيان المربعانية!

خلف الحربي

دخل موسم (المربعانية) فجأة كعادته ليجتاح البرد القارس العديد من مدن البلاد وخصوصا في المناطق الشمالية التي انخفضت درجات الحرارة فيها إلى ما دون الصفر، فأخرج الناس ثيابهم الشتوية من الخزائن وبدأوا بالتحرك ببطء شديد خوفا من تجمد أطرافهم، وبما أن هجمة البرد المفاجئة أشد وقعا على الدماغ في بعض الأحيان من ضربة الشمس الحارقة لأن الأخيرة تعطل العقل فيخر صاحبها على الأرض في ثوان معدودات، أما هجمة البرد على العقل فتحول الإنسان إلى حكيم زمانه، لأنه بسبب تعطل حركته لا يستخدم إلا عقله فقط للتفكير الصامت ليحل جميع مشاكل العالم وهو جالس في بيته، والحكمة دون عمل أشد ضررا على الإنسان من الهذيان.. فليس ثمة شيء أسوأ من أن يعرف الإنسان مواضع الخلل ولا يتحرك قيد أنملة لإصلاحها!.
***
تم الإعلان عن انطلاق المرحلة الثالثة من برنامج الابتعاث، وهذا خبر دافئ في هذه الظروف المتجمدة، فبرغم أن مشروع (وظيفتك بعثتك) لم تتضح ملامحه حتى الآن ولم تظهر بعد إيجابياته من سلبياته، إلا أن استمرار برنامج الابتعاث في هذه الظروف الاقتصادية غير المشجعة يؤكد التمسك بهذا المشروع الرائد الذي يدعم أحلامنا بغد مختلف، ولا يخفى على أحد أن برنامج الابتعاث تعرض لحملات عديدة كان آخرها محاولات استغلال بعض الحوادث أو الجرائم التي يتعرض لها بعض المبتعثين والمبتعثات للتشكيك في جدوى الابتعاث، وهذا منطق مضحك فعلا لأن أعداد المبتعثين تفوق المائة ألف مبتعث ووقوع حادثة ما أو حادثتين أو حتى عشرة حوادث في العام الواحد لا يشكل نسبة تستحق الوقوف عندها في مقابل عشرات الآلاف من المبتعثين الذين يضعون تحصيلهم العلمي نصب أعينهم دائما ويحرصون على سمعة بلادهم، هذا بخلاف أخبار المبتعثين والمبتعثات الذين يحصدون جوائز علمية مرموقة في دول الابتعاث.. لذلك فإن الوقوف الطويل عند حادثة هنا أو جريمة هناك للتحذير من خطر الابتعاث هو شكل من أشكال هذيان المربعانية!.
***
وزارة الإسكان سحبت عددا هائلا من مشاريع الإسكان المتعثرة من بعض المقاولين ووعدت بأن تنهي مشاريعها خلال مدة لا تتجاوز السنتين.. ولأن هذا ليس الوعد الأول للوزارة فإننا لن نحسب الأيام والليالي بانتظار أن تحقق وعدها، ولكن نذكرها بمسؤوليتها الوطنية وأن ثمة أسرا كثيرة ستقضي (مربعانيتين) إضافيتين في مساكن غير مناسبة، وأي خلل في هذا الوعد سيزيد عدد (مربعانيات) العمر الضائع وسوف يساهم فعلا في تجمد الضمير ووصوله إلى درجات تحت الصفر.

عكاظ
بواسطة : admin
 0  0  2793