حمّل دماغك على شريحة إلكترونية
حمّل دماغك على شريحة إلكترونية
فهد عامر الأحمدي
قبل مائة عام تقريبا عاش في سان فرانسسكو عالم مشهور في الباثولوجي (علم مسببات الأمراض) يدعى ألبرت إبرامز.. عمل معظم حياته في تطوير تقنيات تشخيص الأمراض في مختبرات كوبر الطبية.. وحين وصل لسن الخمسين خرج بفرضية غريبة تدعي أن لكل مرض ذبذبة كهربائية وذاكرة خاصة يمكن قياسها وتحديد طبيعتها من خلال عينة دموية تؤخذ من المريض تتضمن سجله الطبي.
ولتسهيل مهمة الأطباء اخترع صندوقا صغيرا دعاه الدينمايزر (Dynamizer) يكشف المرض بمجرد وضع عينة الدم وسط (قبة مقلوبة) فوقه.. وعلى جانب الصندوق يوجد عدادان؛ يشير الأول إلى مستوى تبخر الدم والثاني الى طبيعة الذبذبة واسم المرض. وبسرعة انقسم الوسط الطبي ما بين مؤيد لفكرة الدكتور إبرامز ومابين متهم إياه بالدجل والشعوذة.. ورغم أن الجمعية الطبية الأميركية والجمعية الملكية البريطانية رفضتا الاعتراف بفرضيته وفعالية جهازه الجديد، انتشر في الصيدليات وبين عامة الناس، بل وعرض بعض المحسنين توزيع كميات كبيرة منه على المدارس ومراكز الصحة العامة..
ورغم أن جهاز إبرامز اختفى حاليا من الصيدليات، عادت الفكرة ذاتها بوجه جديد وأسلوب مختلف. فنحن نعيش حاليا في عصر الأجهزة الذكية والشرائح الإلكترونية وبرامج الهواتف الصحية.. وهناك محاولات لزرع هذه التقنيات (داخل جسد الانسان) للتفاعل معه وتنزيل البيانات المهمة عنه.. ومن الأفكار المطروحة زرع رقيقة الكترونية في الدماغ يُسجل عليها كل ما يخص الانسان منذ طفولته وحتى وفاته. وهذا الجهاز سيكون بمثابة (صندوق أسود) خاص بحامله يحتفظ بسجله الطبي وتاريخه المرضي، بل وحتى أفكاره ومعارفه وتجاربه التي يمكن تنزيلها على الكمبيوتر وعرضها على شاشات التلفزيون..
ويعتقد أن هذه الفكرة ستنجز بشكل كامل قبل عام 2020 عطفا على التجارب الناجحة التي تتم عليها هذه الأيام.. أما المرحلة الأكثر تقدما فستكون دمج المعلومات المخزنة من الشخص البالغ في مورثات المواليد الجدد بحث يولد الطفل وقد احتوى دماغه على معارف الشخص المتوفى..
… ورغم أن هذه الفرضية تبدو حديثة ومستقبلية؛ إلا أنها أصبحت متوقعة منذ اكتشف عالم فرنسي فى القرن الماضي إمكانية شبك وتحفيز الأعصاب بتيار كهربائي متناوب.. فهذا الاكتشاف اثبت (ليس فقط إمكانية تسجيل السيالات العصبية على شريحة الكترونية) بل وإمكانية الدمج مستقبلا بين الأعضاء الحيوية فى الانسان والاجهزه الإلكترونية الاصطناعية.. واليوم نجح الأطباء في زرع أجهزة تعويضية كثيرة في أجساد المرضى.. فهناك مثلا زرع رقائق الكترونية بغرض استعادة حواس مفقودة مثل السمع والبصر والشم، كما أمكنهم حل مشكلة عدم الاحساس بالطرف الاصطناعي لدى المعوقين من خلال زرع شرائح تحسن مهارة المشي والإحساس وأداء المهام الحركية..
وبناء عليه؛ لا أستبعد أن يعمد حفيدك مستقبلا إلى شبك سلك في رأسه (يشبه شاحن الجوال) لينزل على كمبيوتره جميع المشاهد التي رآها في حفلة تخرجه الأخيرة.
الرياض
فهد عامر الأحمدي
قبل مائة عام تقريبا عاش في سان فرانسسكو عالم مشهور في الباثولوجي (علم مسببات الأمراض) يدعى ألبرت إبرامز.. عمل معظم حياته في تطوير تقنيات تشخيص الأمراض في مختبرات كوبر الطبية.. وحين وصل لسن الخمسين خرج بفرضية غريبة تدعي أن لكل مرض ذبذبة كهربائية وذاكرة خاصة يمكن قياسها وتحديد طبيعتها من خلال عينة دموية تؤخذ من المريض تتضمن سجله الطبي.
ولتسهيل مهمة الأطباء اخترع صندوقا صغيرا دعاه الدينمايزر (Dynamizer) يكشف المرض بمجرد وضع عينة الدم وسط (قبة مقلوبة) فوقه.. وعلى جانب الصندوق يوجد عدادان؛ يشير الأول إلى مستوى تبخر الدم والثاني الى طبيعة الذبذبة واسم المرض. وبسرعة انقسم الوسط الطبي ما بين مؤيد لفكرة الدكتور إبرامز ومابين متهم إياه بالدجل والشعوذة.. ورغم أن الجمعية الطبية الأميركية والجمعية الملكية البريطانية رفضتا الاعتراف بفرضيته وفعالية جهازه الجديد، انتشر في الصيدليات وبين عامة الناس، بل وعرض بعض المحسنين توزيع كميات كبيرة منه على المدارس ومراكز الصحة العامة..
ورغم أن جهاز إبرامز اختفى حاليا من الصيدليات، عادت الفكرة ذاتها بوجه جديد وأسلوب مختلف. فنحن نعيش حاليا في عصر الأجهزة الذكية والشرائح الإلكترونية وبرامج الهواتف الصحية.. وهناك محاولات لزرع هذه التقنيات (داخل جسد الانسان) للتفاعل معه وتنزيل البيانات المهمة عنه.. ومن الأفكار المطروحة زرع رقيقة الكترونية في الدماغ يُسجل عليها كل ما يخص الانسان منذ طفولته وحتى وفاته. وهذا الجهاز سيكون بمثابة (صندوق أسود) خاص بحامله يحتفظ بسجله الطبي وتاريخه المرضي، بل وحتى أفكاره ومعارفه وتجاربه التي يمكن تنزيلها على الكمبيوتر وعرضها على شاشات التلفزيون..
ويعتقد أن هذه الفكرة ستنجز بشكل كامل قبل عام 2020 عطفا على التجارب الناجحة التي تتم عليها هذه الأيام.. أما المرحلة الأكثر تقدما فستكون دمج المعلومات المخزنة من الشخص البالغ في مورثات المواليد الجدد بحث يولد الطفل وقد احتوى دماغه على معارف الشخص المتوفى..
… ورغم أن هذه الفرضية تبدو حديثة ومستقبلية؛ إلا أنها أصبحت متوقعة منذ اكتشف عالم فرنسي فى القرن الماضي إمكانية شبك وتحفيز الأعصاب بتيار كهربائي متناوب.. فهذا الاكتشاف اثبت (ليس فقط إمكانية تسجيل السيالات العصبية على شريحة الكترونية) بل وإمكانية الدمج مستقبلا بين الأعضاء الحيوية فى الانسان والاجهزه الإلكترونية الاصطناعية.. واليوم نجح الأطباء في زرع أجهزة تعويضية كثيرة في أجساد المرضى.. فهناك مثلا زرع رقائق الكترونية بغرض استعادة حواس مفقودة مثل السمع والبصر والشم، كما أمكنهم حل مشكلة عدم الاحساس بالطرف الاصطناعي لدى المعوقين من خلال زرع شرائح تحسن مهارة المشي والإحساس وأداء المهام الحركية..
وبناء عليه؛ لا أستبعد أن يعمد حفيدك مستقبلا إلى شبك سلك في رأسه (يشبه شاحن الجوال) لينزل على كمبيوتره جميع المشاهد التي رآها في حفلة تخرجه الأخيرة.
الرياض