• ×
admin

تبا لهذه «الأسباب» المدمرة..؟!

تبا لهذه «الأسباب» المدمرة..؟!

صدقة يحي فاضل

يصاب المراقب العربي لما يجرى في منطقتنا العربية بالحزن والأسى والإحباط... بسبب سوء وسلبية وخطورة الأحداث التي تشهدها هذه المنطقة -بصفة عامة- على مدار الساعة... خلافات، صراعات، حروب، قتل، تدمير، تفاقم حلقة «الفقر – الجهل – المرض»، إرهاب... إلخ. إنها -باختصار- أكثر مناطق العالم اضطرابا وعدم استقرار، في الوقت الحالي. ومعظم ما يجرى فيها يدمى قلوب الأصدقاء، ويفرح الأعداء والكارهين، ويزيدهم غبطة وشماتة. كما أنه لا يسر ولا يرضي أي انسان ذي ضمير سوي، وعقل رشيد، أينما كان.
ولا شك أن «أسباب» ما معظم هذه المنطقة فيه من قلاقل ومحن ومآس قد أشبعت ذكرا وبحثا ودراسة، حتى أصبحت معروفة ومحددة علميا وعالميا. وكاتب هذه الأسطر أسهب -في كثير من المقالات والمناسبات- في ذكر (وتفصيل) أهم هذه الأسباب، في رأيه ورأي غيره (الأسباب الذاتية والأسباب الخارجية). ولذلك، قد يكون من المناسب تجنب التكرار، وتجاوز الأسباب، وتسليط بعض الضوء على أحد، أو بعض الجوانب الأخرى للوضع العام لهذه المنطقة المريضة سياسيا، وليكن جانب «المستقبل»، بأهم أبعاده. إنه مستقبل أقل ما يقال عنه إنه غامض، بسبب المرض السياسي لأغلب المنطقة. نعم، معظم المنطقة مريض سياسيا... لأن وضعه العام (السياسي) غير طبيعي، وغير منطقي. والمريض سياسيا لا يشفيه إلا دواء سياسي.
حتى هنا تظهر الأهمية القصوى لتشخيص الحالة، ومعرفة وفهم «الأسباب»، لكون معرفة الأسباب الحقيقية تسهل طريق علاج وحل أي إشكالية، وفهم توجهاتها المستقبلية. فإذا شخصت الأعراض (تشخيصا سليما) عرف المرض، وإذا عرف المرض، عرف العلاج. وتناول العلاج يعتمد على مدى وطبيعة إرادة التداوي، ومدى جدية الرغبة فيه، من قبل المعنيين. وقد شخصت حالة المنطقة، وعرف داؤها، بل ودواؤها. ولكن الدواء ما زال عزيزا وصعب المنال، وفي بعض الحالات مرفوض. لذلك، فإن المستقبل يظل صعبا.
****
إن من غير المنطقي أن يسلط الضوء على أي جانب من جوانب الوضع العام لهذه المنطقة، أو غيرها، دون ملامسة «الأسباب»، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. فعندما نحاول تلمس طبيعة مستقبل هذه المنطقة، ومسار الأحداث الراهنة فيها، فإن ذلك يدخلنا إلى ساحة «الأسباب»، ولو من الباب الخلفي. وإن تطرقنا إلى مسألة الخسائر البشرية والمادية اليومية والسنوية الناتجة عن اضطراب وعدم استقرار أغلب المنطقة... محاولين معرفة مسارها (زيادة أو نقصانا) نجد أنفسنا قد اقتحمنا أسوار «الأسباب».
وباختصار، فإن الحديث عن الوضع السياسي العام بالمنطقة، سواء في الماضي أو الحاضر، أو المستقبل، وسواء من زاوية «ما هو كائن»، أو زاوية «ما يجب أن يكون»، أو «سيكون»، يجر (تلقائيا) للتطرق إلى الأسباب. ولذا، لا يمكن كتابة أي شيء ذي معنى عما يجري في هذه المنطقة (الجريحة والعزيزة والهامة) بعيدا عن «أسباب» ما هي فيه من مرض سياسي خطير... وكم نتمنى، نحن محبي هذه المنطقة، ومن قدر لهم أن يعيشوا فيها، ألا يكون مرضها السياسي هذا مزمنا، أو أبديا، وأن يكون الشفاء منه ممكنا وقريبا، إذا أزيلت أسبابه قريبا. لا نملك الآن إلا أن نقول: تبا لهذه الأسباب... ولنتساءل دائما: كيف الخلاص منها، أو كيف يتم تحييدها، ومتى...؟! لقد طال انتظار العلاج، ومن ثم طال انتظار الشفاء.

عكاظ
بواسطة : admin
 0  0  3222