الأورام.. نادراً ما تصيب القلب!
الأورام.. نادراً ما تصيب القلب!
أغلبها حميدة ويمكن علاجها مع التشخيص المبكر
د. خـالد عبد الله النمر
قبل أسٍبوع اتصل علي زميل في المهنة لم أره منذ عشرين سنة حيث تفرقت بنا دروب الحياة بعد مقاعد الدراسة الجامعية، فسار كل منا في طريق كما هو ديدنها مع الجميع، وبعد التحية والترحيب والسؤال عن الأهل والأحوال قال لي بنبره يعلوها الحزن "أريد ان أمر عليك غدا في المستشفى"!! فلدي موضوع شخصي اريد ان اتحدث معك فيه.. وكنت في ذلك الوقت أتوقع انها شفاعة لعلاج أحد المرضى من اقاربه أو انه سيسأل عن الحالة القلبية لأحد والديه ولكني تفاجأت كثيرا وكانت صدمة لي انه عندما حضر العيادة كان يتكلم عن نفسه!!
إنه يعاني مرضاً في القلب! بدا زميلي هزيلا شاحب الوجه، وجهه ورأسه مملوءان بالشيب وهو مازال في الاربعينات من عمره.
الصدمة ليست من كونه طبيبا أصيب بالمرض فتلك سنة الله في خلقه والأطباء ليسوا معصومين من الامراض، ولكن هذا الشاب كان مضرب المثل في دفعتنا بكلية الطب بالأكل الصحي والرياضة اليومية واللياقة البدنية العالية!
فقال لي انا اشعر منذ سنتين بنقص في الوزن وحراره في الجسم تأتي في فترات متباينة وخفقان في القلب يأتي ويختفي من دون مقدمات، مررت على كثير من الأطباء وعملت كثيرا من الفحوصات وكانت كلها طبيعية ولكن الان خلال الأيام الماضية تطورت الحالة الى الاغماء المفاجئ ومن دون مقدمات!
وبعد الفحص السريري كان هناك صوت خافت في القلب خارج عن النظم المعتاد للقلب السليم، وعند عمل سونار القلب اتضح ان الزميل يعاني ورما نادرا في القلب اسمه "الميوكسوما" ومن نعم الله سبحانه ان الورم حميد ويسهل ازالته جراحيا.
تم تحويله لإجراء عملية الإزالة، ولكثرة الأسئلة التي سألها الزميل وعائلته عن المرض فضلت ان اعطي نبذه ولمحات بسيطة ومهمة للوعي الصحي عن اورام القلب واهميتها.
أولاً: من نعم الله التي لا تحصى ان القلب نادرا ما يصاب بالأورام مقارنة بباقي أعضاء الجسم واذا حصل فأغلب الأورام التي تصيب القلب ثانوية (يقصد بأوليه أي اورام تنشأ من القلب نفسه ويقصد بالأورام الثانوية أي الأورام التي تنتقل الى القلب من الأعضاء الأخرى المصابة بالسرطان وهذا الانتقال قد يكون عن طريق الدم او بالانتشار المباشر من الأنسجة الملاصقة للقلب واشهر السرطانات التي تنتقل الى القلب هي سرطان الرئتين والثدي وسرطان الجلد الميلانوما وما وسرطان الدم الليوكيميا، واكثر هذه السرطانات خاصية للانتقال الى القلب هي (الميلانوما) حيث يحدث الانتشار الى القلب في 60% من الحالات، مقارنة ب 10% في السرطانات الأخرى.
ومن المعروف علميا ان الأورام الثانوية للقلب أكثر بثلاثين ضعفا من الأورام الأولية التي تنشأ من القلب نفسه.
ثانياً: الأورام الأولية التي تصيب القلب الحميدة 75% أكثر بكثير من السرطانية الأولية (او ما يسميه العامة الخبيثة) 25%، وأشهر اورام القلب الحميدة على الاطلاق هي (الميوكسوما) كما هي في حالة المريض أعلاه.
ثالثاً: اعراض اورام القلب تعتمد على حجم الورم وموقعه ونوعه وهي قد تحدث بخفقان او حرارة في الجسم او جلطات صغيره تنتقل مع الدم الى أعضاء الجسم او نقصان الوزن او ضعف القلب وتجمع السوائل في الرئتين او هبوط الضغط بسبب النزيف في الغشاء المحيط بالقلب مما يسبب ضغطا على عضلة القلب ويمنعها من التمدد او من دون اعراض نهائيا.
رابعاً: أفضل طرائق تشخيص اورام القلب هو سونار القلب حيث يحدد موقع وحجم الورم لكن بعض الأورام بسبب حجمها الصغير او موقعها تحتاج الى تصوير صوتي أدق وهو سونار القلب عن طريق المريء وبعضها يحتاج الى اشعة مقطعة او مغناطيسية للقلب لبيان علاقة الورم بالأنسجة الاخرى المحيطة بالقلب او تقع بالقرب منه مثل الرئتين او الكبد او المعدة او ينتقل الورم عن طريق الوريد البابي السفلي مثل بعض سرطانات الكلى.
خامساً: اما العلاج فتعمد على نوع الورم النسيجي ومرحلته ومدى تأثر القلب به حيث ان غالبية الأورام الأولية تحتاج الى ازالتها جراحيا وبعد ذلك يحدد فحص نوع النسيج إذا كان مما يستجيب للعلاج الكيماوي او الاشعاعي.
وإذا أزال مريضنا أعلاه الورم جراحيا فسيتابع في عيادة القلب كل سنة للتأكد من عدم رجوع الورم مرة أخرى وان كان ذلك نادرا في الاورام الحميدة وينصح المريض بممارسة حياته طبيعيا.
سادساً:
هناك نوع اخر من مرضى الأورام يمرون كثير على عيادة القلب وهم من يحتاجون في علاجهم الى علاج كيمياوي او اشعاعي يضعف عضلة القلب مثل الدوكسوربوسين وهو احد أنواع العلاج الكيمائي لسرطان الدم الليمفاوي حيث يجب على طبيب الأورام ان ينسق مع طبيب القلب بتقويم العضلة قبل بدء العلاج ثم متابعة اداء عضلة القلب اثناء العلاج وبالتالي التحكم في جرعات العلاج الكيماوي التي قد تصل الى إيقافه نهائيا اذا هبط اداء عضلة القلب الى اقل من 30%.
ونشدد كثيرا على مرضى الأورام بمتابعة عيادة القلب وخصوصا من يأخذ أنواعا معينه من العلاج الكيمائي، فقد رأيت حالات كثيرة اتت الى عيادة القلب بعد حصول الضعف الشديد فأصبح يعاني مرضه الأصلي سرطان الدم الليمفاوي وضعف عضلة القلب الشديد الذي قد يكون اخطر عليه بكثير من مرضه الأساسي الذي كان يعانيه.
والخلاصة
اورام القلب امراض نادرة واغلبها حميدة ويمكن علاجها ولكن لابد من التشخيص المبكر والتعامل الصحيح مع هذه الحالات وللوعي الصحي دور كبير في تسليط الضوء على كيفية اكتشفها مبكرا ومعالجتها وتفادي المضاعفات الجانبية للعلاج الكيماوي والاشعاعي على القلب.
ادام الله عليكم لباس العفو والعافية.
الرياض
أغلبها حميدة ويمكن علاجها مع التشخيص المبكر
د. خـالد عبد الله النمر
قبل أسٍبوع اتصل علي زميل في المهنة لم أره منذ عشرين سنة حيث تفرقت بنا دروب الحياة بعد مقاعد الدراسة الجامعية، فسار كل منا في طريق كما هو ديدنها مع الجميع، وبعد التحية والترحيب والسؤال عن الأهل والأحوال قال لي بنبره يعلوها الحزن "أريد ان أمر عليك غدا في المستشفى"!! فلدي موضوع شخصي اريد ان اتحدث معك فيه.. وكنت في ذلك الوقت أتوقع انها شفاعة لعلاج أحد المرضى من اقاربه أو انه سيسأل عن الحالة القلبية لأحد والديه ولكني تفاجأت كثيرا وكانت صدمة لي انه عندما حضر العيادة كان يتكلم عن نفسه!!
إنه يعاني مرضاً في القلب! بدا زميلي هزيلا شاحب الوجه، وجهه ورأسه مملوءان بالشيب وهو مازال في الاربعينات من عمره.
الصدمة ليست من كونه طبيبا أصيب بالمرض فتلك سنة الله في خلقه والأطباء ليسوا معصومين من الامراض، ولكن هذا الشاب كان مضرب المثل في دفعتنا بكلية الطب بالأكل الصحي والرياضة اليومية واللياقة البدنية العالية!
فقال لي انا اشعر منذ سنتين بنقص في الوزن وحراره في الجسم تأتي في فترات متباينة وخفقان في القلب يأتي ويختفي من دون مقدمات، مررت على كثير من الأطباء وعملت كثيرا من الفحوصات وكانت كلها طبيعية ولكن الان خلال الأيام الماضية تطورت الحالة الى الاغماء المفاجئ ومن دون مقدمات!
وبعد الفحص السريري كان هناك صوت خافت في القلب خارج عن النظم المعتاد للقلب السليم، وعند عمل سونار القلب اتضح ان الزميل يعاني ورما نادرا في القلب اسمه "الميوكسوما" ومن نعم الله سبحانه ان الورم حميد ويسهل ازالته جراحيا.
تم تحويله لإجراء عملية الإزالة، ولكثرة الأسئلة التي سألها الزميل وعائلته عن المرض فضلت ان اعطي نبذه ولمحات بسيطة ومهمة للوعي الصحي عن اورام القلب واهميتها.
أولاً: من نعم الله التي لا تحصى ان القلب نادرا ما يصاب بالأورام مقارنة بباقي أعضاء الجسم واذا حصل فأغلب الأورام التي تصيب القلب ثانوية (يقصد بأوليه أي اورام تنشأ من القلب نفسه ويقصد بالأورام الثانوية أي الأورام التي تنتقل الى القلب من الأعضاء الأخرى المصابة بالسرطان وهذا الانتقال قد يكون عن طريق الدم او بالانتشار المباشر من الأنسجة الملاصقة للقلب واشهر السرطانات التي تنتقل الى القلب هي سرطان الرئتين والثدي وسرطان الجلد الميلانوما وما وسرطان الدم الليوكيميا، واكثر هذه السرطانات خاصية للانتقال الى القلب هي (الميلانوما) حيث يحدث الانتشار الى القلب في 60% من الحالات، مقارنة ب 10% في السرطانات الأخرى.
ومن المعروف علميا ان الأورام الثانوية للقلب أكثر بثلاثين ضعفا من الأورام الأولية التي تنشأ من القلب نفسه.
ثانياً: الأورام الأولية التي تصيب القلب الحميدة 75% أكثر بكثير من السرطانية الأولية (او ما يسميه العامة الخبيثة) 25%، وأشهر اورام القلب الحميدة على الاطلاق هي (الميوكسوما) كما هي في حالة المريض أعلاه.
ثالثاً: اعراض اورام القلب تعتمد على حجم الورم وموقعه ونوعه وهي قد تحدث بخفقان او حرارة في الجسم او جلطات صغيره تنتقل مع الدم الى أعضاء الجسم او نقصان الوزن او ضعف القلب وتجمع السوائل في الرئتين او هبوط الضغط بسبب النزيف في الغشاء المحيط بالقلب مما يسبب ضغطا على عضلة القلب ويمنعها من التمدد او من دون اعراض نهائيا.
رابعاً: أفضل طرائق تشخيص اورام القلب هو سونار القلب حيث يحدد موقع وحجم الورم لكن بعض الأورام بسبب حجمها الصغير او موقعها تحتاج الى تصوير صوتي أدق وهو سونار القلب عن طريق المريء وبعضها يحتاج الى اشعة مقطعة او مغناطيسية للقلب لبيان علاقة الورم بالأنسجة الاخرى المحيطة بالقلب او تقع بالقرب منه مثل الرئتين او الكبد او المعدة او ينتقل الورم عن طريق الوريد البابي السفلي مثل بعض سرطانات الكلى.
خامساً: اما العلاج فتعمد على نوع الورم النسيجي ومرحلته ومدى تأثر القلب به حيث ان غالبية الأورام الأولية تحتاج الى ازالتها جراحيا وبعد ذلك يحدد فحص نوع النسيج إذا كان مما يستجيب للعلاج الكيماوي او الاشعاعي.
وإذا أزال مريضنا أعلاه الورم جراحيا فسيتابع في عيادة القلب كل سنة للتأكد من عدم رجوع الورم مرة أخرى وان كان ذلك نادرا في الاورام الحميدة وينصح المريض بممارسة حياته طبيعيا.
سادساً:
هناك نوع اخر من مرضى الأورام يمرون كثير على عيادة القلب وهم من يحتاجون في علاجهم الى علاج كيمياوي او اشعاعي يضعف عضلة القلب مثل الدوكسوربوسين وهو احد أنواع العلاج الكيمائي لسرطان الدم الليمفاوي حيث يجب على طبيب الأورام ان ينسق مع طبيب القلب بتقويم العضلة قبل بدء العلاج ثم متابعة اداء عضلة القلب اثناء العلاج وبالتالي التحكم في جرعات العلاج الكيماوي التي قد تصل الى إيقافه نهائيا اذا هبط اداء عضلة القلب الى اقل من 30%.
ونشدد كثيرا على مرضى الأورام بمتابعة عيادة القلب وخصوصا من يأخذ أنواعا معينه من العلاج الكيمائي، فقد رأيت حالات كثيرة اتت الى عيادة القلب بعد حصول الضعف الشديد فأصبح يعاني مرضه الأصلي سرطان الدم الليمفاوي وضعف عضلة القلب الشديد الذي قد يكون اخطر عليه بكثير من مرضه الأساسي الذي كان يعانيه.
والخلاصة
اورام القلب امراض نادرة واغلبها حميدة ويمكن علاجها ولكن لابد من التشخيص المبكر والتعامل الصحيح مع هذه الحالات وللوعي الصحي دور كبير في تسليط الضوء على كيفية اكتشفها مبكرا ومعالجتها وتفادي المضاعفات الجانبية للعلاج الكيماوي والاشعاعي على القلب.
ادام الله عليكم لباس العفو والعافية.
الرياض