الوعي البيئي ليس ترفاً..
الوعي البيئي ليس ترفاً..
أيمـن الـحـمـاد
من علامات التحضر في أي مجتمع حفاظه على البيئة وعنايته بها، وفي النمط الغربي والأوروبي تحديداً شكّل المهتمون بالبيئة جماعات ضغط قوية قادرة على ممارسة تأثير كبير في الرأي العام، وقد بلغت مرحلة من النضج أن أصبح لها قدرة على المنافسة في المجال السياسي فأصبحت ممثلة في البرلمان والمجالس الأخرى.
وتؤمن العديد من المجموعات في أوروبا بأبدية المعركة في سبيل الحفاظ على كوكب الأرض من عبث الإنسان وتهوّره وطيشه الصناعي والتقني واختراعاته التي يصادف أنها تكون مؤذية بالبيئة وسكان الكوكب، لذا نجد أن تلك الجماعات -التي تلقّب نفسها بالجماعات الخضراء- تستنفر قدراتها في حال أقدمت أو عبّرت جهة ما عن نيتها القيام بمشروعات تهدد بيئتها أو تحد من الغطاء الأخضر لها.
لذا -وبفضل تلك الجهود طويلة الأمد- بات الحفاظ على البيئة دافعاً رئيسياً لدى الكثير من الناس في الغرب، فتجد بعضهم على سبيل المثال تخلّى عن فكرة امتلاك سيارة خاصة، والسبب هو ما تنتجه العودام من كربون يضر بالبيئة، بالرغم من أنه قد لا يكون من تابعي تلك الأحزاب أو الجماعات، لكن مستوى الوعي لدى الفرد أو المواطن هناك بلغ مرحلة النضوج البيئي، لذا عندما نذهب لكثير من الدول الأوروبية لا نرى المتنزهات في حال يرثى لها بعد المتنزهين، بل هي في حالة نظافة دائمة، ولكل قاعدة شواذ، ولا يشمل الوعي فقط العناية بالغطاء النباتي؛ بل يشمل تفاصيل دقيقة تمتد إلى أسلوب الحياة في المنازل والتخلص من النفايات.. وإن من اللافت والمثير للإعجاب تحفيز المجتمع على ثقافة العناية بالبيئة، وإعادة التدوير، فأمام كل مركز تمويني تقريباً تجد آلات للتخلص من العلب البلاستيكية، وبقدر ما تعطيها تمنحك مقابلاً مالياً، وغيرها من الأفكار الإبداعية.
في خضم ذلك يجدر بنا التساؤل: ماذا قدمنا لبيئتنا في المملكة؟ هل نتصرف بشكل ينم عن وعي بأهمية الحفاظ على البيئة كمظهر تحضري أم نتصرف خلاف ذلك؟ إن نظرة قريبة للمحيط القريب في المدرسة أو الجامعات تجد أننا مازلنا بعيدين عن مفاهيم العناية بالبيئة، فما بالنا بالوعي البيئي، إن ذلك لا شك منوط بالعائلة في المقام الأول كمصدر لأخلاقياتنا، فالعناية بالبيئة والوعي بأهميتها أمرٌ مكتسب، وإن المناظر المؤسفة التي يخلّفها الطلاب بعد يوم دراسي، أو المتنزهين بعد انقضاء رحلاتهم، يخبرنا عن هامشية البيئة في حياتنا، لكن التناقض الذي يبديه البعض ممن يمتعض من فوضوية المساحات البرية أو المتنزهات أو حتى الفصول الدراسية، لا يدرك أنه شريك أساسي في ما وصلت إليه الأمور، فتربية النشء على رعاية البيئة، ومدى تأثير الأضرار بالبيئة على صورة بلادنا ومرافقها ومقدراتها المالية والمادية، وانعكاس ذلك على مستقبلنا الاقتصادي، وخصوصاً ذلك المتعلق بالسياحة والتجارة، سيضع الفرد في بلادنا أمام مسؤولية كبيرة، باعتبار أن الرأفة بالبيئة من الأذى جزء من احترامنا للقانون في المقام الأول، وجزء من صيانة مقدرات الدولة.. ولا شك أن ما نقرأه ونشاهده من تعدّ على البيئة والثروات في بلادنا باعث على الإحباط، ويأتي ضمن مسألة تفضيل خرق القوانين وعدم التقيد بالأنظمة.. فعلى الرغم من صدور بعض التشريعات التي تمس الاحتطاب الجائر والصيد النادر من الحيوان، إلا أننا وحتى في هذه الجزئية التي تمس موضوع البيئة العريض، نلحظ بين فترة وأخرى من يخرق النظام بكل أريحية، وإن عقوبة صارمة تجاه هؤلاء المتهورين سيردع البقية.
إن النظر للحفاظ على البيئة من منظور سطحي بوصفه ترفاً هو أمر كارثي، وإن حصر تأثيره في بضعة أنشطة تتعلق بالأفراد هو ضحالة في التعاطي مع هذه القضية، فمدى التأثيرات البيئية معقد لدرجة طال فيها مفاصل الدول وحكوماتها.. وحول ذلك نلتقي في مقال آخر..
الرياض
أيمـن الـحـمـاد
من علامات التحضر في أي مجتمع حفاظه على البيئة وعنايته بها، وفي النمط الغربي والأوروبي تحديداً شكّل المهتمون بالبيئة جماعات ضغط قوية قادرة على ممارسة تأثير كبير في الرأي العام، وقد بلغت مرحلة من النضج أن أصبح لها قدرة على المنافسة في المجال السياسي فأصبحت ممثلة في البرلمان والمجالس الأخرى.
وتؤمن العديد من المجموعات في أوروبا بأبدية المعركة في سبيل الحفاظ على كوكب الأرض من عبث الإنسان وتهوّره وطيشه الصناعي والتقني واختراعاته التي يصادف أنها تكون مؤذية بالبيئة وسكان الكوكب، لذا نجد أن تلك الجماعات -التي تلقّب نفسها بالجماعات الخضراء- تستنفر قدراتها في حال أقدمت أو عبّرت جهة ما عن نيتها القيام بمشروعات تهدد بيئتها أو تحد من الغطاء الأخضر لها.
لذا -وبفضل تلك الجهود طويلة الأمد- بات الحفاظ على البيئة دافعاً رئيسياً لدى الكثير من الناس في الغرب، فتجد بعضهم على سبيل المثال تخلّى عن فكرة امتلاك سيارة خاصة، والسبب هو ما تنتجه العودام من كربون يضر بالبيئة، بالرغم من أنه قد لا يكون من تابعي تلك الأحزاب أو الجماعات، لكن مستوى الوعي لدى الفرد أو المواطن هناك بلغ مرحلة النضوج البيئي، لذا عندما نذهب لكثير من الدول الأوروبية لا نرى المتنزهات في حال يرثى لها بعد المتنزهين، بل هي في حالة نظافة دائمة، ولكل قاعدة شواذ، ولا يشمل الوعي فقط العناية بالغطاء النباتي؛ بل يشمل تفاصيل دقيقة تمتد إلى أسلوب الحياة في المنازل والتخلص من النفايات.. وإن من اللافت والمثير للإعجاب تحفيز المجتمع على ثقافة العناية بالبيئة، وإعادة التدوير، فأمام كل مركز تمويني تقريباً تجد آلات للتخلص من العلب البلاستيكية، وبقدر ما تعطيها تمنحك مقابلاً مالياً، وغيرها من الأفكار الإبداعية.
في خضم ذلك يجدر بنا التساؤل: ماذا قدمنا لبيئتنا في المملكة؟ هل نتصرف بشكل ينم عن وعي بأهمية الحفاظ على البيئة كمظهر تحضري أم نتصرف خلاف ذلك؟ إن نظرة قريبة للمحيط القريب في المدرسة أو الجامعات تجد أننا مازلنا بعيدين عن مفاهيم العناية بالبيئة، فما بالنا بالوعي البيئي، إن ذلك لا شك منوط بالعائلة في المقام الأول كمصدر لأخلاقياتنا، فالعناية بالبيئة والوعي بأهميتها أمرٌ مكتسب، وإن المناظر المؤسفة التي يخلّفها الطلاب بعد يوم دراسي، أو المتنزهين بعد انقضاء رحلاتهم، يخبرنا عن هامشية البيئة في حياتنا، لكن التناقض الذي يبديه البعض ممن يمتعض من فوضوية المساحات البرية أو المتنزهات أو حتى الفصول الدراسية، لا يدرك أنه شريك أساسي في ما وصلت إليه الأمور، فتربية النشء على رعاية البيئة، ومدى تأثير الأضرار بالبيئة على صورة بلادنا ومرافقها ومقدراتها المالية والمادية، وانعكاس ذلك على مستقبلنا الاقتصادي، وخصوصاً ذلك المتعلق بالسياحة والتجارة، سيضع الفرد في بلادنا أمام مسؤولية كبيرة، باعتبار أن الرأفة بالبيئة من الأذى جزء من احترامنا للقانون في المقام الأول، وجزء من صيانة مقدرات الدولة.. ولا شك أن ما نقرأه ونشاهده من تعدّ على البيئة والثروات في بلادنا باعث على الإحباط، ويأتي ضمن مسألة تفضيل خرق القوانين وعدم التقيد بالأنظمة.. فعلى الرغم من صدور بعض التشريعات التي تمس الاحتطاب الجائر والصيد النادر من الحيوان، إلا أننا وحتى في هذه الجزئية التي تمس موضوع البيئة العريض، نلحظ بين فترة وأخرى من يخرق النظام بكل أريحية، وإن عقوبة صارمة تجاه هؤلاء المتهورين سيردع البقية.
إن النظر للحفاظ على البيئة من منظور سطحي بوصفه ترفاً هو أمر كارثي، وإن حصر تأثيره في بضعة أنشطة تتعلق بالأفراد هو ضحالة في التعاطي مع هذه القضية، فمدى التأثيرات البيئية معقد لدرجة طال فيها مفاصل الدول وحكوماتها.. وحول ذلك نلتقي في مقال آخر..
الرياض