أورام الثــدي.. 90% حميــدة
أورام الثــدي.. 90% حميــدة
الفحص الطبي الروتيني ضروري لكل امرأة بلغت الأربعين
أحمد الزبيدي
كانت تحب أولادها وتخاف عليهم وتفديهم بروحها وهم كذلك أولادها. لقد بذلت أم هاني الغالي والرخيص من أجل تربية أطفالها الخمسة اليتامى الذين رحل عنهم والدهم وتركهم مع هذه المرأة التي مهما عملوا فلن يوفوها حق ساعة سهرت من أجلهم تعمل وتكد وتشقى من أجل أن يعيشوا بهناء وسعادة. كابدت أم هاني الصعاب من أجل هؤلاء الخمسة فقد بذلت من صحة وعمرها الى أن تخرج الكبير من الكلية الحربية وأصبح الثاني معلماً ومدير مدرسة وتخرج بنتيها من كليتي الطب وطب الأسنان وصار الصغير رجل أعمال بارزاً في مجاله. تعلمت أم هاني ان تكون امرأة قوية الشكيمة، صبورة وكتومة، لا تشكو لأحدٍ همها أو مرضها، قانعة بما أعطاها ربها. عاشت الحياة بحلوها ومرها الى أن أتى بصبرها بثمار نجاح تربيتها لأولادها.
في يوم زواج ابنها الأصغر، أحست أم هاني بقساوة في ثديها الأيسر وكانت تشعر أنه ليس طبيعياً وكان الأمر يقلقها، إلا أنها لم تشأ أن تخرب فرحة الجميع في يوم زواج آخر العنقود حبيب قلبها ابنها الصغير، كما أن كانت تحب كل أبنائها ولا تريد أن تزعجهم وتقلقهم بشأنها. تجاهلت أم هاني الموضوع، فقد كانت تكره الذهاب الى عيادة الطبيب وتكره أن يشغلها وبعدها أي شيء عن العناية بأبنائها وتلك الكتلة التي في صدرها تكبر وهي تقول إنه لربما يكون حليباً متحجراً. لم تكن تشعر أم هاني بأي ألم، مما ساعدها على أن تتجاهله. مرت الأيام وهذا المرض ينحت في جسدها فأفقدها شهيتها وأثر على وزنها فشحب وجهها وبدت تظهر آثاره على قوامها، عندها انتبهت ابنتها الطبيبة. سألتها بنتها عما ألم بها. حاولت أم هاني أن تتهرب من الإجابة ولكن هيهات فقد ربت أبناءً محبين مخلصين لو طلبت منهم بأن يلقوا أنفسهم من فوق برج المملكة ما ترددوا. فقد أصرت على أن تعرف ما بأمها وكيف لا وهي البنت الحانية والطبيبة الحاذقة المدربة. ألحت البنت على أمها الى أن اخبرتها بما بها. كشفت الدكتورة على أمها فرأت ما أحزنها. رأت ورماً كبيراً قد أكل جزءاً من جلد صدر أمها ولمست عقداً كبيرة في إبط أمها الأيسر. ذهلت الدكتورة من صبر أمها وتحملها لهذا المرض وأشفقت عليها وحزنت لها وعليها وعلى نفسها وعلى أخوتها. تمالكت نفسها أمام أمها ورتبت لها موعداً على عجل مع أطباء الجراحة والأورام. وعندما عادت لغرفتها انفجرت بكاءً حزناً على من وهبتهم الحياة الآمنة الكريمة بعد الله سبحانه وتعالى. وبدت تلوم نفسها أنها لم تلاحظ ما حدث لحبابة عينها وسكينة روحها - أمها - وصرخت آه ليته أنا من كان بها ما بها. إنه ورم سرطاني في ثدي أمها ذلك الثدي الذي سقاها من لبنها. بل إن ورم متقدم جداً يجعل العلاج معه صعباً بذكرى مؤلمة وبتجربة مريرة.
لقد فات عليها أن تأخذ أمها للفحص الروتيني الذي تبنته الدولة لكل أنثى بلغت الأربعين مجاناً بل وحرصت عليه لأن أورام الثدي هي أكثر الأورام شيوعًا عند النساء، وإن كان 90% منها أوراماً حميدةً، إلا أن 15% من أورام الثدي هي أورام سرطانية. ففي أميركا هناك حوالي مائة وثمانين ألف حالة جديدة لسرطان الثدي، وأكثر من أربعين ألف حالة وفاة بسبب هذا السرطان سنويًا. وتشير الإحصاءات الأميركية إلى أن واحدة من كل ثماني أو عشر نساء تصاب بسرطان الثدي.
أما في السعودية فقد بلغ عدد حالات سرطان الثدي المسجلة في السجل الوطني للأورام 1239 والذي شكل نسبة 26% بالنسبة إلى بقية السرطانات عند النساء (4773)، بمعدل حدوث معايير عمريًا 21 حالة لكل مائة ألف امرأة. كانت المنطقة الشرقية الأعلى معدل بواقع 30 حالة لكل مائة ألف امرأة تليها مكة المكرمة (29 حالة لكل مائة ألف امرأة) ثم الرياض (25 حالة لكل مائة ألف امرأة) فتبوك (22 حالة لكل مائة ألف امرأة) ثم القصيم (17 حالة لكل مائة ألف امرأة) وبمتوسط عمر بلغ 47 سنة عند تشخيص السرطان عالمياً، يعتبر سرطان الثدي النوع الرائد عند النساء حيث يمثل25% من حالات السرطان. وفي عام 2012 سُجلت 1680000 حالة و522000 حالة وفاة وهو أكثر شيوعاً في البلاد المتقدمة وتصيب النساء أكثر 100 مرة من الرجال.
لا نعلم علماً مؤكداً لماذا يحدث السرطان في البشر عامةً ولكن نعتقد أن هناك أسباباً قد تؤدي لحدوث سرطان الثدي عند بني البشر فهو ليس حصراً على النساء بل قد يصيب الرجال ولكنه في النساء أكثر فمما نعلمه عما نظنه مسبباً له: الوراثة، الالتهابات الفيروسية، نوعية الأكل، العلاج بالإشعاع لأي مرض آخر، العلاجات الهرمونية. ومما تعلمناه حديثاً أن هنالك عوامل تزيد من إمكانية الإصابة به أهما التقدم في العمر والحمل بعد سن الثلاثين وابتداء الدورة الشهرية قبل سن الثانية عشرة واستمرارها (الدورة الشهرية) لما بعد سن الخمسين والسمنة لها نصيب بالإصابة بهذا المرض وأخيراً حدوث سرطان الثدي عند أحد الأقارب المقربين من الدرجة الأولى. وسنكمل في قابل الأيام قصة أم هاني, ورحلتها مع السرطان.. بإذن الله..
الرياض
الفحص الطبي الروتيني ضروري لكل امرأة بلغت الأربعين
أحمد الزبيدي
كانت تحب أولادها وتخاف عليهم وتفديهم بروحها وهم كذلك أولادها. لقد بذلت أم هاني الغالي والرخيص من أجل تربية أطفالها الخمسة اليتامى الذين رحل عنهم والدهم وتركهم مع هذه المرأة التي مهما عملوا فلن يوفوها حق ساعة سهرت من أجلهم تعمل وتكد وتشقى من أجل أن يعيشوا بهناء وسعادة. كابدت أم هاني الصعاب من أجل هؤلاء الخمسة فقد بذلت من صحة وعمرها الى أن تخرج الكبير من الكلية الحربية وأصبح الثاني معلماً ومدير مدرسة وتخرج بنتيها من كليتي الطب وطب الأسنان وصار الصغير رجل أعمال بارزاً في مجاله. تعلمت أم هاني ان تكون امرأة قوية الشكيمة، صبورة وكتومة، لا تشكو لأحدٍ همها أو مرضها، قانعة بما أعطاها ربها. عاشت الحياة بحلوها ومرها الى أن أتى بصبرها بثمار نجاح تربيتها لأولادها.
في يوم زواج ابنها الأصغر، أحست أم هاني بقساوة في ثديها الأيسر وكانت تشعر أنه ليس طبيعياً وكان الأمر يقلقها، إلا أنها لم تشأ أن تخرب فرحة الجميع في يوم زواج آخر العنقود حبيب قلبها ابنها الصغير، كما أن كانت تحب كل أبنائها ولا تريد أن تزعجهم وتقلقهم بشأنها. تجاهلت أم هاني الموضوع، فقد كانت تكره الذهاب الى عيادة الطبيب وتكره أن يشغلها وبعدها أي شيء عن العناية بأبنائها وتلك الكتلة التي في صدرها تكبر وهي تقول إنه لربما يكون حليباً متحجراً. لم تكن تشعر أم هاني بأي ألم، مما ساعدها على أن تتجاهله. مرت الأيام وهذا المرض ينحت في جسدها فأفقدها شهيتها وأثر على وزنها فشحب وجهها وبدت تظهر آثاره على قوامها، عندها انتبهت ابنتها الطبيبة. سألتها بنتها عما ألم بها. حاولت أم هاني أن تتهرب من الإجابة ولكن هيهات فقد ربت أبناءً محبين مخلصين لو طلبت منهم بأن يلقوا أنفسهم من فوق برج المملكة ما ترددوا. فقد أصرت على أن تعرف ما بأمها وكيف لا وهي البنت الحانية والطبيبة الحاذقة المدربة. ألحت البنت على أمها الى أن اخبرتها بما بها. كشفت الدكتورة على أمها فرأت ما أحزنها. رأت ورماً كبيراً قد أكل جزءاً من جلد صدر أمها ولمست عقداً كبيرة في إبط أمها الأيسر. ذهلت الدكتورة من صبر أمها وتحملها لهذا المرض وأشفقت عليها وحزنت لها وعليها وعلى نفسها وعلى أخوتها. تمالكت نفسها أمام أمها ورتبت لها موعداً على عجل مع أطباء الجراحة والأورام. وعندما عادت لغرفتها انفجرت بكاءً حزناً على من وهبتهم الحياة الآمنة الكريمة بعد الله سبحانه وتعالى. وبدت تلوم نفسها أنها لم تلاحظ ما حدث لحبابة عينها وسكينة روحها - أمها - وصرخت آه ليته أنا من كان بها ما بها. إنه ورم سرطاني في ثدي أمها ذلك الثدي الذي سقاها من لبنها. بل إن ورم متقدم جداً يجعل العلاج معه صعباً بذكرى مؤلمة وبتجربة مريرة.
لقد فات عليها أن تأخذ أمها للفحص الروتيني الذي تبنته الدولة لكل أنثى بلغت الأربعين مجاناً بل وحرصت عليه لأن أورام الثدي هي أكثر الأورام شيوعًا عند النساء، وإن كان 90% منها أوراماً حميدةً، إلا أن 15% من أورام الثدي هي أورام سرطانية. ففي أميركا هناك حوالي مائة وثمانين ألف حالة جديدة لسرطان الثدي، وأكثر من أربعين ألف حالة وفاة بسبب هذا السرطان سنويًا. وتشير الإحصاءات الأميركية إلى أن واحدة من كل ثماني أو عشر نساء تصاب بسرطان الثدي.
أما في السعودية فقد بلغ عدد حالات سرطان الثدي المسجلة في السجل الوطني للأورام 1239 والذي شكل نسبة 26% بالنسبة إلى بقية السرطانات عند النساء (4773)، بمعدل حدوث معايير عمريًا 21 حالة لكل مائة ألف امرأة. كانت المنطقة الشرقية الأعلى معدل بواقع 30 حالة لكل مائة ألف امرأة تليها مكة المكرمة (29 حالة لكل مائة ألف امرأة) ثم الرياض (25 حالة لكل مائة ألف امرأة) فتبوك (22 حالة لكل مائة ألف امرأة) ثم القصيم (17 حالة لكل مائة ألف امرأة) وبمتوسط عمر بلغ 47 سنة عند تشخيص السرطان عالمياً، يعتبر سرطان الثدي النوع الرائد عند النساء حيث يمثل25% من حالات السرطان. وفي عام 2012 سُجلت 1680000 حالة و522000 حالة وفاة وهو أكثر شيوعاً في البلاد المتقدمة وتصيب النساء أكثر 100 مرة من الرجال.
لا نعلم علماً مؤكداً لماذا يحدث السرطان في البشر عامةً ولكن نعتقد أن هناك أسباباً قد تؤدي لحدوث سرطان الثدي عند بني البشر فهو ليس حصراً على النساء بل قد يصيب الرجال ولكنه في النساء أكثر فمما نعلمه عما نظنه مسبباً له: الوراثة، الالتهابات الفيروسية، نوعية الأكل، العلاج بالإشعاع لأي مرض آخر، العلاجات الهرمونية. ومما تعلمناه حديثاً أن هنالك عوامل تزيد من إمكانية الإصابة به أهما التقدم في العمر والحمل بعد سن الثلاثين وابتداء الدورة الشهرية قبل سن الثانية عشرة واستمرارها (الدورة الشهرية) لما بعد سن الخمسين والسمنة لها نصيب بالإصابة بهذا المرض وأخيراً حدوث سرطان الثدي عند أحد الأقارب المقربين من الدرجة الأولى. وسنكمل في قابل الأيام قصة أم هاني, ورحلتها مع السرطان.. بإذن الله..
الرياض