قصة الحضارة
قصة الحضارة
فهد عامر الأحمدي
كتب كثيرة حاولت اختصار التاريخ وجمع أشلاء الماضي .. ظهرت مثل هذه المحاولات في الحضارة الهندية والصينية والإسلامية ــ ومعظم الثقافات المكتوبة ..
ويلقب هيرودوت اليوناني بأبو التاريخ كونه أول من كتب قبل 2500 عام عن تاريخ المنطقة المحيطة بالبحر المتوسط (وهو بالمناسبة صاحب المقولة الشهيرة: مصر هبة النيل)...
أما في العصر الإسلامي فهناك كتاب البداية والنهاية لابن كثير.. تحدث فيه عن خلق الانسان والكون والحياة (منذ البداية) وحتى قيام الساعة وبعث الأموات (في النهاية).. قـام بجهد عظيم، ولكنه في رأيي تنظيري ــ أكثر منه تاريخيا ــ وينطلق من منظور إسلامي خاص.. يعتمد كثيرا على الظنون، والأساطير، وقصص الاسرائيليات، وليس البحث الميداني، والفحص الأثري، ومقارنة المصادر (وهي أهم عناصر توثيق أي حدث تاريخي)..
أما في عصرنا الحديث، فحاولت كل دولة إخراج (موسوعة وطنية) تشرح فيها وجهة نظرها التاريخية.. خذ كمثال الموسوعة البريطانية التي قرأتها في سن مبكرة، وجعلتني أعـتقد (لفترة) أن معظم الإنجازات العظيمة يقف وراءها "الانجليز" .. لم أدرك هذه الحقيقة إلا بعد إطلاعي على الموسوعة الفرنسية، والموسوعة الألمانية، فـلاحظت محاولات مماثلة لتحوير كل منتج إنساني لجنسية الموسوعة ذاتها..
وليس أدل على محاولات احتكار التاريخ، من وجود موسوعة أمريكية، وموسوعة كندية، وموسوعة أسترالية تشترك في لغتها الإنجليزية مع "الموسوعة البريطانية"، ولكنها تختلف معها في كثير من الأفكار، والولاءات الوطنية...
الكتاب الذي أثق فيه فعلا هو (قصة الحضارة) للفيلسوف والمؤرخ ويل ديورانت ..
أثق فيه لأن مؤلفه أستاذ جامعي فرد، وليس دولة أو مؤسسة قومية .. لأنه يتحدث عن جميع الحضارات بشكل متوازن، ولا يرتكز على وجهة نظر وحيدة .. عمل على كتابه (بمساعدة زوجته دوريل) بشكل ميداني، ومن خلال منهج علمي موثق .. طاف بأوربا عام 1912 وعام 1927، ثم مصر والشرق الأدنى عام ،1930 وزار اليابان، ومنشوريا، وسيبيريا، وروسيا عام 1932 (وكل هذا قبل أن يتفرغ لتأليف الكتاب)...
حين بدأ مشروعه الضخم، كان يتوقع أن يختصر تاريخ العالم بسرعة في كتابين أو ثلاثة.. غير أن مشروعه توسع وتشعب لدرجه لم ينته منه إلا عام 1975 في أكثر من أحد عشر مجلدا (يتضمن كل مجلد خمس كتب)..
... المفارقة، أن ديورانت توقف عند القرن التاسع عشر، ولم يتحدث عن التاريخ الأميركي نفسه، لأنه (حسب رأيه) تبلور في أوربا، وساهم في صنعه كل العالم!!
... ولعشاق التاريخ أشير إلى أن قصة الحضارة (ومجلداتها الأحد عشرة) أصبحت اليوم مفتوحة الحقوق ويمكنك ــ إن أردت ــ سماعها أو تنزيلها بالكامل من الـنت..
الرياض
فهد عامر الأحمدي
كتب كثيرة حاولت اختصار التاريخ وجمع أشلاء الماضي .. ظهرت مثل هذه المحاولات في الحضارة الهندية والصينية والإسلامية ــ ومعظم الثقافات المكتوبة ..
ويلقب هيرودوت اليوناني بأبو التاريخ كونه أول من كتب قبل 2500 عام عن تاريخ المنطقة المحيطة بالبحر المتوسط (وهو بالمناسبة صاحب المقولة الشهيرة: مصر هبة النيل)...
أما في العصر الإسلامي فهناك كتاب البداية والنهاية لابن كثير.. تحدث فيه عن خلق الانسان والكون والحياة (منذ البداية) وحتى قيام الساعة وبعث الأموات (في النهاية).. قـام بجهد عظيم، ولكنه في رأيي تنظيري ــ أكثر منه تاريخيا ــ وينطلق من منظور إسلامي خاص.. يعتمد كثيرا على الظنون، والأساطير، وقصص الاسرائيليات، وليس البحث الميداني، والفحص الأثري، ومقارنة المصادر (وهي أهم عناصر توثيق أي حدث تاريخي)..
أما في عصرنا الحديث، فحاولت كل دولة إخراج (موسوعة وطنية) تشرح فيها وجهة نظرها التاريخية.. خذ كمثال الموسوعة البريطانية التي قرأتها في سن مبكرة، وجعلتني أعـتقد (لفترة) أن معظم الإنجازات العظيمة يقف وراءها "الانجليز" .. لم أدرك هذه الحقيقة إلا بعد إطلاعي على الموسوعة الفرنسية، والموسوعة الألمانية، فـلاحظت محاولات مماثلة لتحوير كل منتج إنساني لجنسية الموسوعة ذاتها..
وليس أدل على محاولات احتكار التاريخ، من وجود موسوعة أمريكية، وموسوعة كندية، وموسوعة أسترالية تشترك في لغتها الإنجليزية مع "الموسوعة البريطانية"، ولكنها تختلف معها في كثير من الأفكار، والولاءات الوطنية...
الكتاب الذي أثق فيه فعلا هو (قصة الحضارة) للفيلسوف والمؤرخ ويل ديورانت ..
أثق فيه لأن مؤلفه أستاذ جامعي فرد، وليس دولة أو مؤسسة قومية .. لأنه يتحدث عن جميع الحضارات بشكل متوازن، ولا يرتكز على وجهة نظر وحيدة .. عمل على كتابه (بمساعدة زوجته دوريل) بشكل ميداني، ومن خلال منهج علمي موثق .. طاف بأوربا عام 1912 وعام 1927، ثم مصر والشرق الأدنى عام ،1930 وزار اليابان، ومنشوريا، وسيبيريا، وروسيا عام 1932 (وكل هذا قبل أن يتفرغ لتأليف الكتاب)...
حين بدأ مشروعه الضخم، كان يتوقع أن يختصر تاريخ العالم بسرعة في كتابين أو ثلاثة.. غير أن مشروعه توسع وتشعب لدرجه لم ينته منه إلا عام 1975 في أكثر من أحد عشر مجلدا (يتضمن كل مجلد خمس كتب)..
... المفارقة، أن ديورانت توقف عند القرن التاسع عشر، ولم يتحدث عن التاريخ الأميركي نفسه، لأنه (حسب رأيه) تبلور في أوربا، وساهم في صنعه كل العالم!!
... ولعشاق التاريخ أشير إلى أن قصة الحضارة (ومجلداتها الأحد عشرة) أصبحت اليوم مفتوحة الحقوق ويمكنك ــ إن أردت ــ سماعها أو تنزيلها بالكامل من الـنت..
الرياض