• ×
admin

الشوربة في رمضان

الشوربة في رمضان

د. شريفة بنت محمد العبودي

من أفضل الأمور التي تعزز الصحة اكتساب عادات مفيدة تصبح مع مرور الوقت أساليب حياة، أي عادات يستمر عليها الإنسان. وهناك الكثير جداً من العادات المفيدة (كالتقليل من استهلاك الأطعمة المكررة مثل السكر الأبيض والدقيق الأبيض، أو التقليل من اللحوم، أو الاكثار من الخضراوات... الخ). وسأقترح هنا تعزيز القيمة الغذائية لأطباق الشوربة باستخدام الكشك.

والكشك مادة غذائية معروفة منذ القِدم في بلاد الشام وفي بلدان غرب آسيا. وهو من المونة التي كان السكان يحضرونها في الصيف لتكون طعاماً لهم في الشتاء. ووهناك طرق عديدة لإعداد الكشك تختلف باختلاف المناطق، وأدرج هنا أكثرها شيوعاً. فالكشك يُصنع من برغل (قمح مجروش/جريش) يُغسل بماء دافئ ثم يُصفّى من الماء ويُضاف إليه ضعف حجمه لبن حامض (لكل كأس برغل أو جريش كأسان من اللبن) وكمية من الملح الخشن ويحرّك معه جيداً، ثم يُغطى ويُترك في مكان دافئ (وليس في الثلاجة) لمدة ثلاثة أيام مع تحريكه مرّة أو مرتين في اليوم حتى يتشرّب البرغل اللبن ويتخمّر الكشك. ثم يفرك الخليط جيداً ويشكّل على هيئة كرات تُصفّ في صينيّة واسعة أو على حصير نظيف وتُغطى بشرشف خفيف وتترك في مكان متجدد الهواء لمدّة تسعة أيام حتى تستمر مدة تخمرها وتجفّ تماما. وبعدها تدقّ الكرات بالهاون أو بالمفرمة حتى تصبح مسحوقاً ناعماً. وإعداد الكشك بالمنزل ممكن وسهل كما شرحنا أعلاه. وهو يباع أيضاً جاهزاً في محلات بيع المنتجات السورية والأردنيّة والفلسطينية، ولكن قد يكون في بعض الأحيان مغشوشا بإضافة الدقيق الأبيض إليه، أو بتحضيره دون أن يترك ليختمر وليجف لمدّة كافية تسمح بنمو الأحياء الدقيقة النافعة فيه، أو بتجفيفه في الأفران لاختصار مدّة التجفيف مما يقضي على الأحياء الدقيقة النافعة فيه.

والكشك إذن من الأطعمة المخمّرة الغنيّة بالبروبايوتيك (الأحياء الدقيقة النافعة). ومع انه يحضّر من قمح ولبن الا انه لا يسبب أعراض عدم تقبّل القمح أو أعراض عدم تقبّل منتجات الألبان، فعمليّة التخمير الطويلة تجعل مكونات الكشك أسهل هضماً. ويحتوي الكشك كذلك على البروتينات التي تساعد على النمو وعلى تجديد الخلايا. ويحتوي على الألياف سهلة الهضم التي تمنع الإمساك، وعلى الألياف الغنيّة بفيتامينات ب المركبة سهلة الامتصاص بفعل عملية التخمير، وبه نشويات تمدّ الجسم بالطاقة. وبه كالسيوم يساهم في بناء عظام الصغار ومنع هشاشة عظام الكبار. وبالكشك أملاح معدنيّة ضروريّة لأداء الجهاز العصبي.

وإضافة بضع ملاعق من هذا المسحوق المليء بالنكهة والفائدة إلى شوربة الشوفان أو شوربة الخضراوات أو شوربة الفطر أو شوربة الجريش يُكثّف الشوربة، ويكسبها حموضة محبّبة، ويغني بطعمه المميز عن إضافة اللحم أو مكعبات مرقة الدجاج أو الدقيق الأبيض إلى الشوربة ويجعلها ألذّ وأكثر فائدة.

ولنا في تراث نجد شبيه بالكشك وهو المسمّنة التي اندثر استخدامها للأسف. والمسمّنة تُعدّ من جريش (من قمح اللقيمي) يطهى بلبن حامض وبصل مقطّع حتى يشرب ماءه وتنهرس حباته. ثم يُبعد عن النار وتضاف إليه كمية من التمر المزالة نواه وأقماعه، وعندما يبرد الخليط يُهرس جيداً حتى يذوب التمر تماما في المسمنة. وبعدها يضاف مسحوق الكمون ومسحوق الليمون الأسود إلى المسمنة وتخلط معها، ثم تشكّل، مثل الكشك، على هيئة كرات بحجم البيضة الصغيرة وتترك لتجف مثل الكشك. وبعد جفافها تماماً تدقّ بالهاون لتصبح مسحوقاً يضاف إلى السمن أو الزبد الذي يجمل به سطح الجريش.

الرياض
بواسطة : admin
 0  0  1952