يا سعدهم .. يا هناهم!
يا سعدهم .. يا هناهم!
محمد أحمد الحساني
خلص مؤتمر طبي خليجي عقد في الآونة الأخيرة في محافظة جدة، حضره خبراء وأطباء، إلى أن الإصابات بمرض السكري في دول مجلس التعاون الخليجي هي الأعلى بين دول العالم، وهذه المعلومات سبق لي سماع شيء منها أو قراءة سطور عنها في أوقات سابقة، بل إن زميلا لي في نادي السكري كان يرى أن السؤال الواجب توجيهه إلى أية مجموعة من الناس تلتقي في إدارة أو مناسبة هو أن يكون على النحو الآتي: أيكم غير مصاب بداء السكري؟ لاحتمال كون المصابين هم أكثر عددا والأصحاء هم الأقل عددا، والأمر نفسه أصبح ينطبق على أفراد الأسرة الواحدة من الجد حتى آخر حفيد، إلى الحد الذي أمست جميع الأسر تحتضن مصابا بالسكري أو أكثر من مصاب فما هي أسباب انتشار هذا المرض المدمر الذي تؤدي مضاعفاته الخطيرة إلى عدة أمراض أخرى منها الجلطات بجميع أنواعها من مخ وقلب وساق وفشل كلوي وضعف في الأعصاب وتدمير لشبكة العين ونحوها من المضاعفات المدمرة القاتلة حتى وصف السكري بأنه القاتل الصامت الأول في العالم وبعده في الترتيب الصامت الثاني السرطان!
ولعل الإنسان يتساءل عن أسباب احتلال مواطني دول مجلس التعاون الخليجي لمراتب متقدمة في أعداد المصابين بمرض السكري على الرغم من أن العديد من شعوب العالم «تغبط» حتى لا نقول تحسد، دول الخليج على ما لديها من دخل مادي بترولي وأعداد قليلة من السكان حتى بات إخوان لنا من دول عربية يغنون كلما شاهدونا «نتدحرج» أمامهم من كثرة النعمة: «يا سعدهم .. يا هناهم شبعوا وبلغوا مناهم»، ولو أنهم علموا أن قلة الحركة والأكل الزائد قد رفع نسبة المصابين بالسكري بين أبناء دول الخليج حتى غدا بعضهم مثل «الفقمة» لو علموا ما حل بنا لما غنوا لنا: يا سعدهم يا هناهم، بل ربما وجدناهم يرثون لأحوالنا ويسألون الله ألا يصيبهم بما أصابنا لأن بعضنا حول النعمة إلى نقمة وظن أن السعادة والحضارة تشغيل الفك والقواطع والمريء والبلعوم والمعدة والأمعاء أربعا وعشرين ساعة على طريق الثلث الأول للطعام والثاني للطعام والثالث للطعام والشراب والنفس على الله!
المصدر: صحيفة عكاظ