هل أتناول الأسبرين بعد سن الـ«40» للوقاية؟
هل أتناول الأسبرين بعد سن الـ«40» للوقاية؟
يجب موازنة المنافع والمضار الحالية والمستقبلية
لا يؤخذ الأسبرين إلا بعد استشارة الطبيب ومناقشته
إعداد: د. خـالد عبد الله النمر
انتشرت هذه الأيام مقاطع عن تناول الأسبرين للوقاية من الجلطات، وكثرت الأسئلة حول فائدة أخذ الأسبرين من عدمه لمن تعدوا سن الأربعين سنة كمانع أولي لجلطات الدماغ والقلب ولذلك لابد من توضيح عدة نقاط للقارئ الكريم:
الأسبرين يمنع تكون الجلطة في المراحل الأخيرة من سلسلة تكوين الكلسترول على الشرايين وبالتالي تشقق جدران الكلسترول المترسب على الشرايين ومن ثم ترسب الصفائح الدموية وتكوين الجلطة (هذه النقطة تحديداً هي المرحلة التي يمنعها الأسبرين، وذلك بمنع تكون مادة الثرومبوكسين التي تؤدي لالتصاق الصفائح الدموية وتكوين الخثرة الدموية على الكلسترول المترسب في الشرايين)... ولذلك يفضل كثير من العلماء أن يكون تركيزنا على منع ترسب الكلسترول على الشرايين ابتداءً وليس الانتظار حتى تكون الكلسترول في الشرايين وتشققه، ومن ثم محاولة منع الجلطة في أول مراحل تكوينها.. ويكون منع ترسب الكلسترول على الشرايين - كما هو معروف - بالغذاء الصحي والتمارين وعدم التدخين وأدوية الكلسترول والتحكم بالضغط والسكري.. ومن المسلمات التي تم الاتفاق عليها في جمعية القلب الأميركية 2018 ألا يعطى الأسبرين لجميع الأشخاص فوق سن معينة بدون استثناء لأن الدواء له مضاعفات قد تكون خطيرة، ألا وهي تقرحات الجهاز الهضمي وبالذات المعدة وبالتالي النزيف ويجب موازنة المنافع والمضار الحالية والمستقبلية في ذلك الشخص، ومن ثم اتخاذ القرار المناسب لكل حالة. ويجب أن نفرق بين مفاهيم الوقاية الأولية والوقاية الثانوية ومفهوم العلاج...
فالوقاية الأولية:
هي أخذ الأسبرين للإنسان الصحيح المعافى الذي لم يصب بجلطات سابقة – سواء كان لديه أمراض مزمنة أم لا - للوقاية من جلطات القلب والدماغ وفاعليته في حدود 10 % بالشروط التي سنذكرها في هذا السياق.
أما الوقاية الثانوية:
هي أخذ الأسبرين لمن أصابته جلطة سابقة في قلبه أو دماغه أو ساقيه (شريانية وليست وريدية) وذلك لمنع حدوث الجلطة مرة أخرى.. وفاعليته هنا حوالي 20 % أما العلاج فهو للإنسان الذي لديه جلطة حادة الآن في القلب أو الدماغ ويحتاج لأخذ الأسبرين لتقليل احتمالية وفاته في تلك الجلطة وتوسعها وفاعليته في تلك الحالة حوالي 25 %، وبذلك يتضح أن الأسبرين أكثر فعالية في العلاج منه في الوقاية الثانوية، وفي الوقاية الثانوية منه في الوقاية الأولية وذلك بسبب تناقص الخطورة تدريجياً. وبذلك يتضح أنه لايؤخذ الأسبرين إلا بعد استشارة الطبيب ومناقشة المنافع والمضار المحتملة، وخيارات المريض، ورغباته ومستوى الثقافة الصحية، ومدى قربه أو بعده عن الخدمات الطبية، وتوفر المواصلات له، وبعد ذلك كله ثبوت أن فائدة الأسبرين المرجوة أكبر بكثير من ضرره المحتمل لهذا المريض بالذات في ذلك التوقيت تحديداً، وهذا واجب على الطبيب والمريض على حد سواء، ويعاد تقييم العوامل السابقة كل 4 - 5سنوات، فما كان ممنوعاً قد يصبح واجباً والعكس صحيح وذلك بكبر سن المريض وتغير حالته الصحية مع الوقت وخصوصاً في النساء، وكذلك من هم أكبر من 75سنة في كلا الجنسين وذلك لتفاصيل علمية دقيقة ليس هذا هو موضع شرحها. وينصح بأخذ الأسبرين للوقاية الأولية من تتوفر فيهم "جميع" الشروط التالية: الرجال فوق الخمسين سنة والنساء فوق الستين سنة وكذلك ليس لديه عوارض قرحة في الجهاز الهضمي أو نزيف سابق في الدماغ أو المعدة أو أجزاء الجسم الأخرى أو قابلية معلومة للنزيف مثل الهيموفيليا وأمراض تليف الكبد أو نقص الصفائح الدموية أقل من ثلاثين ألفاً. وأن يعلم أنه من الممكن أن يحصل للشخص نزيف في المعدة أو الاثني عشر بسبب الأسبرين وأن ذلك الشخص يفضل الوقاية من جلطة القلب مقابل التعرض لاحتمالية نزيف المعدة الذي يمكن أن يكون في بعض حالاته أخطر من بعض جلطات القلب وأن يعلم كذلك أن الفارق الإحصائي بين فائدة الوقاية وخطورة المضاعفات متقارب جداً في هذه المجموعة من الناس، وليس لديه حساسية معلومة للأسبرين ويكون احتمال إصابته بجلطة في القلب خلال السنة القادمة أكثر حسب معادلة فرمنقهام أو معادلة الجمعيه الأميركية للقلب أكثرمن 1 % ويكون لدى الشخص القدرة والاستعداد على أخذ الدواء يومياً والاستمرار عليه لسنوات طويلة في سبيل الحصول على منفعة الوقاية. أما من من ينصح بأخذ الأسبرين للوقاية الثانوية فمن لديهم جلطات سابقة في القلب أو الدماغ أو جلطات شريانية في الساقين وأن تكون نسبة النزيف لديه في المعدة أو أجزاء الجسم الأخرى أقل من فائدته من أخذ الدواء. والخلاصة: إن الأسبرين دواء فعال في علاج من لديهم جلطات حادة وكذلك في الوقاية الثانوية.. أما الوقاية الأولية فهو موضوع يجب أن توزن فيه المنافع والمضار في كل حالة على حدة حسب الشروط التي ذكرتها آنفاً وبعد نقاش مستفيض بين المريض وطبيبه ومتابعة مستمرة لأنه ببساطة منافع الدواء ومضاره المحتملة متقاربة كثيراً عند هؤلاء المرضى.
الرياض
يجب موازنة المنافع والمضار الحالية والمستقبلية
لا يؤخذ الأسبرين إلا بعد استشارة الطبيب ومناقشته
إعداد: د. خـالد عبد الله النمر
انتشرت هذه الأيام مقاطع عن تناول الأسبرين للوقاية من الجلطات، وكثرت الأسئلة حول فائدة أخذ الأسبرين من عدمه لمن تعدوا سن الأربعين سنة كمانع أولي لجلطات الدماغ والقلب ولذلك لابد من توضيح عدة نقاط للقارئ الكريم:
الأسبرين يمنع تكون الجلطة في المراحل الأخيرة من سلسلة تكوين الكلسترول على الشرايين وبالتالي تشقق جدران الكلسترول المترسب على الشرايين ومن ثم ترسب الصفائح الدموية وتكوين الجلطة (هذه النقطة تحديداً هي المرحلة التي يمنعها الأسبرين، وذلك بمنع تكون مادة الثرومبوكسين التي تؤدي لالتصاق الصفائح الدموية وتكوين الخثرة الدموية على الكلسترول المترسب في الشرايين)... ولذلك يفضل كثير من العلماء أن يكون تركيزنا على منع ترسب الكلسترول على الشرايين ابتداءً وليس الانتظار حتى تكون الكلسترول في الشرايين وتشققه، ومن ثم محاولة منع الجلطة في أول مراحل تكوينها.. ويكون منع ترسب الكلسترول على الشرايين - كما هو معروف - بالغذاء الصحي والتمارين وعدم التدخين وأدوية الكلسترول والتحكم بالضغط والسكري.. ومن المسلمات التي تم الاتفاق عليها في جمعية القلب الأميركية 2018 ألا يعطى الأسبرين لجميع الأشخاص فوق سن معينة بدون استثناء لأن الدواء له مضاعفات قد تكون خطيرة، ألا وهي تقرحات الجهاز الهضمي وبالذات المعدة وبالتالي النزيف ويجب موازنة المنافع والمضار الحالية والمستقبلية في ذلك الشخص، ومن ثم اتخاذ القرار المناسب لكل حالة. ويجب أن نفرق بين مفاهيم الوقاية الأولية والوقاية الثانوية ومفهوم العلاج...
فالوقاية الأولية:
هي أخذ الأسبرين للإنسان الصحيح المعافى الذي لم يصب بجلطات سابقة – سواء كان لديه أمراض مزمنة أم لا - للوقاية من جلطات القلب والدماغ وفاعليته في حدود 10 % بالشروط التي سنذكرها في هذا السياق.
أما الوقاية الثانوية:
هي أخذ الأسبرين لمن أصابته جلطة سابقة في قلبه أو دماغه أو ساقيه (شريانية وليست وريدية) وذلك لمنع حدوث الجلطة مرة أخرى.. وفاعليته هنا حوالي 20 % أما العلاج فهو للإنسان الذي لديه جلطة حادة الآن في القلب أو الدماغ ويحتاج لأخذ الأسبرين لتقليل احتمالية وفاته في تلك الجلطة وتوسعها وفاعليته في تلك الحالة حوالي 25 %، وبذلك يتضح أن الأسبرين أكثر فعالية في العلاج منه في الوقاية الثانوية، وفي الوقاية الثانوية منه في الوقاية الأولية وذلك بسبب تناقص الخطورة تدريجياً. وبذلك يتضح أنه لايؤخذ الأسبرين إلا بعد استشارة الطبيب ومناقشة المنافع والمضار المحتملة، وخيارات المريض، ورغباته ومستوى الثقافة الصحية، ومدى قربه أو بعده عن الخدمات الطبية، وتوفر المواصلات له، وبعد ذلك كله ثبوت أن فائدة الأسبرين المرجوة أكبر بكثير من ضرره المحتمل لهذا المريض بالذات في ذلك التوقيت تحديداً، وهذا واجب على الطبيب والمريض على حد سواء، ويعاد تقييم العوامل السابقة كل 4 - 5سنوات، فما كان ممنوعاً قد يصبح واجباً والعكس صحيح وذلك بكبر سن المريض وتغير حالته الصحية مع الوقت وخصوصاً في النساء، وكذلك من هم أكبر من 75سنة في كلا الجنسين وذلك لتفاصيل علمية دقيقة ليس هذا هو موضع شرحها. وينصح بأخذ الأسبرين للوقاية الأولية من تتوفر فيهم "جميع" الشروط التالية: الرجال فوق الخمسين سنة والنساء فوق الستين سنة وكذلك ليس لديه عوارض قرحة في الجهاز الهضمي أو نزيف سابق في الدماغ أو المعدة أو أجزاء الجسم الأخرى أو قابلية معلومة للنزيف مثل الهيموفيليا وأمراض تليف الكبد أو نقص الصفائح الدموية أقل من ثلاثين ألفاً. وأن يعلم أنه من الممكن أن يحصل للشخص نزيف في المعدة أو الاثني عشر بسبب الأسبرين وأن ذلك الشخص يفضل الوقاية من جلطة القلب مقابل التعرض لاحتمالية نزيف المعدة الذي يمكن أن يكون في بعض حالاته أخطر من بعض جلطات القلب وأن يعلم كذلك أن الفارق الإحصائي بين فائدة الوقاية وخطورة المضاعفات متقارب جداً في هذه المجموعة من الناس، وليس لديه حساسية معلومة للأسبرين ويكون احتمال إصابته بجلطة في القلب خلال السنة القادمة أكثر حسب معادلة فرمنقهام أو معادلة الجمعيه الأميركية للقلب أكثرمن 1 % ويكون لدى الشخص القدرة والاستعداد على أخذ الدواء يومياً والاستمرار عليه لسنوات طويلة في سبيل الحصول على منفعة الوقاية. أما من من ينصح بأخذ الأسبرين للوقاية الثانوية فمن لديهم جلطات سابقة في القلب أو الدماغ أو جلطات شريانية في الساقين وأن تكون نسبة النزيف لديه في المعدة أو أجزاء الجسم الأخرى أقل من فائدته من أخذ الدواء. والخلاصة: إن الأسبرين دواء فعال في علاج من لديهم جلطات حادة وكذلك في الوقاية الثانوية.. أما الوقاية الأولية فهو موضوع يجب أن توزن فيه المنافع والمضار في كل حالة على حدة حسب الشروط التي ذكرتها آنفاً وبعد نقاش مستفيض بين المريض وطبيبه ومتابعة مستمرة لأنه ببساطة منافع الدواء ومضاره المحتملة متقاربة كثيراً عند هؤلاء المرضى.
الرياض