مرضى القلب والصيام!
مرضى القلب والصيام!
فرصة ذهبية للتحكم في الضغط والإقلاع عن التدخين
إعداد: د. خـالد عبد الله النمر
الصيام فرصة ذهبية للتحكم في الضغط والدهون الثلاثية والكوليسترول والإقلاع عن التدخين، لكن الذي نراه في كل رمضان أن الدهون ترتفع عند مرضى عيادة القلب، والسبب ليس الصوم، وإنما النمط الغذائي الذي تعوده بعضنا من الإكثار من الدهون والسكريات في رمضان، وقلة الحركة، وكثرة النوم خلال النهار، فيؤدي ذلك إلى ارتفاع السكر والدهون الثلاثية، وازدياد الوزن خلال الشهر الفضيل، ولذلك يُنصَح كل مريض من مرضى القلب قبل دخول الشهر الكريم بأن يناقش مع طبيبه: هل يستطيع الصيام أم لا؟ لأن آباءنا وأمهاتنا كبار في السن، ويعلمون أنهم مقبلون على ربهم، ويريد كل منهم أن يعطي أفضل ما عنده في آخر أيامه طمعا فيما عند الله، لكنه ينسى أو يتناسى خطورة إهمال صحة الأبدان، وأن الصيام فيه مشقة وجهد بدني لا يستطيعه كل شخص، ولذلك أوضح الشارع رخص الإفطار في نهار رمضان، وأن الله سبحانه يحب أن تؤتى رخصه كما تؤتى عزائمه، وأنه سبحانه ما جعل علينا في الدين من حرج، فإذا كان الله سبحانه قد أباح الفطر للمسافر الصحيح، فمن باب أولى كبير السن المصاب بمرض في القلب. فالغالبية العظمى من مرضى القلب يستطيعون الصيام (نحو 90 في المئة منهم)، لكن هناك فئات من مرضى القلب لا ينصحون بالصوم في نهار رمضان، وهم:
أصحاب المرحلتين الثالثة والرابعة من فشل القلب، حيث يعاني المريض ضيق التنفس وهو على فراشه أو عند الذهاب إلى دورة المياه، مع انتفاخ في الأرجل وتجمع السوائل في الرئتين، وأصحاب المرحلتين الثالثة والرابعة من آلام شرايين القلب، حيث يشعر المريض بالألم عند أدنى حركة، ويحتاج إلى الدواء بصفة مستمرة، ومن لديه ضغط غير متحكم فيه، ومن لديه جلطة قلبية خلال ثلاثة أسابيع من حدوثها، ومن لديه ضغط شرياني رئوي شديد غير متحكم فيه.. وهناك أيضا بعض حالات مرض القلب أو الضغط الشديد، الذين يستخدمون الأدوية على مدار الساعة، فإن الصيام قد يؤدي بهم إلى الهلاك ودخول المستشفى؛ بسبب نقص الأملاح أو تجمع السوائل في الجسم، ولذلك فإن المتبع في مثل هذه الحالات أن ننصحهم بعدم الصوم ولا القضاء؛ بسبب طبيعة المرض (مثل فشل القلب)، وإنما يطعم عن كل يوم مسكينا من سائر قوت البلد في ذلك الزمان، وقد قال والدنا الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله «لكن إذا كان المريض لا يرجى برؤه بشهادة الأطباء الثقات، فلا يلزمه الصوم ولا القضاء، وعليه أن يطعم مسكيناً عن كل يوم، وهو نصف صاع بالصاع النبوي من قوت البلد ومقداره كيلو ونصف تقريباً، وهكذا الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة اللذان لا يستطيعان الصوم، يطعمان عن كل يوم نصف صاع من قوت البلد، ولا صوم عليهما ولا قضاء.. ويجوز دفع الكفارة عن جميع رمضان دفعة واحدة
في أول الشهر أو آخره، أو في أثنائه لفقير واحد أو أكثر».
ويُنصَح مريض الضغط بالإكثار من تناول السوائل في فترة الإفطار؛ حتى لا يصاب بالجفاف، وينصح كذلك بتجنب تناول الأطعمة الغنية بالدهون والأملاح والكافيين، وتنظيم طريقة تناوله للطعام، وذلك بالإقلال من الكمية، وتعدد الوجبات الصغيرة، والإقلال من تناول الأملاح والدهون، بحيث يبتعد المريض عن تناول السوائل والسكريات والدهون دفعة واحدة عند الإفطار كما يحدث عند البعض، ما يسبب تلبكا معويا ويزيد احتمالية فشل القلب لمن لديه ضعف في عضلة القلب ابتداء.
أما تغيير مواعيد الأدوية في رمضان بالنسبة لمرضى القلب، فلكل حالة تفاصيلها، ولا يمكن الحكم على جميع المرضى بالمعيار نفسه.. حتى المريض نفسه تتغير حالته من يوم لآخر، فقد يستطيع الصوم في أول رمضان ثم يفطر فيما تبقى منه، وقد يحصل العكس، فيفطر في أوله ويصوم في آخره.. فالحكم يتغير تبعا للعلة كما يقول أهل الفقه.. ورمضان في المناطق الحارة تلامس درجة الحرارة الخمسين درجة مئوية مع نسبة عالية من الجفاف في بعض تلك المناطق، وستكون ساعات الصيام في حدود 15 إلى 16 ساعة، ولذلك فإن أغلب الصائمين يفقد 1.5 في المئة من وزنه سوائل قبل الإفطار، فما بالك إذا كان عمله يدويا في الشمس خلال النهار، مثل عمال البناء والنظافة ورجال الأمن، وكذلك إذا كان يأخذ مدرات للبول!! ولذلك ننصح المرضى بأخذ أدوية الضغط بعد التراويح مباشرة؛ لأنه يكون قد استرجع كمية كافية من السوائل لجسمه، وقد رأيت من يأخذ جهلا أدوية الضغط مباشرة بعد الفطور، فيغمى عليه أثناء التراويح؛ لأنه اجتمع عليه نقص السوائل وقمة تركيز الدواء في الدم، خصوصا في أول أيام الشهر الكريم.. أما باقي الأدوية التي لا تؤثر في الضغط فيمكن أخذها بعد الفطور مباشرة.
وبالنسبة لزيارة البيت العتيق خلال رمضان، فننصح بأن يتم الترتيب لها بعد المشاورة مع الطبيب، وأن يفطر مريض القلب؛ لأنه اجتمع عليه المرض والسفر، وأن تكون عمرته ليلا، وأن يتجنب الزحام نهائيا، فإن ذلك يؤذي مريض القلب من ناحية زيادة الجهد على القلب، وصعوبة تناول دواء الأزمة القلبية، الذي يأخذه تحت اللسان، إضافة إلى صعوبة وصول الإسعاف إليه لمن يريد إنقاذه في حالة الإغماء أو الجلطة، وعليه أن يتجنب الوقوف الطويل؛ لأن ذلك يؤدي إلى تورم الرجلين، خصوصا من يستخدم أدوية مثل الاملور... ومن النصائح المهمة جدا ألا يعتمر وحده نهائيا، بل يجب أن يكون معه شخص يعرف أدويته وتاريخه المرضي في حال حدوث طوارئ، وأن يستخدم العربات أثناء السعي والطواف تفاديا لإجهاد القلب أثناء الحر الشديد.
وأخيرا، فإن شهر رمضان شهر طاعة وعبادة وصحة، فاغتنم منه ما استطعت، أما بالنسبة إلى المريض فننصح أن يراعي أهله ظروفه، ويساعدوه على اتخاذ قرار الصوم من عدمه حسب توجيه الطبيب المعالج.
الرياض
فرصة ذهبية للتحكم في الضغط والإقلاع عن التدخين
إعداد: د. خـالد عبد الله النمر
الصيام فرصة ذهبية للتحكم في الضغط والدهون الثلاثية والكوليسترول والإقلاع عن التدخين، لكن الذي نراه في كل رمضان أن الدهون ترتفع عند مرضى عيادة القلب، والسبب ليس الصوم، وإنما النمط الغذائي الذي تعوده بعضنا من الإكثار من الدهون والسكريات في رمضان، وقلة الحركة، وكثرة النوم خلال النهار، فيؤدي ذلك إلى ارتفاع السكر والدهون الثلاثية، وازدياد الوزن خلال الشهر الفضيل، ولذلك يُنصَح كل مريض من مرضى القلب قبل دخول الشهر الكريم بأن يناقش مع طبيبه: هل يستطيع الصيام أم لا؟ لأن آباءنا وأمهاتنا كبار في السن، ويعلمون أنهم مقبلون على ربهم، ويريد كل منهم أن يعطي أفضل ما عنده في آخر أيامه طمعا فيما عند الله، لكنه ينسى أو يتناسى خطورة إهمال صحة الأبدان، وأن الصيام فيه مشقة وجهد بدني لا يستطيعه كل شخص، ولذلك أوضح الشارع رخص الإفطار في نهار رمضان، وأن الله سبحانه يحب أن تؤتى رخصه كما تؤتى عزائمه، وأنه سبحانه ما جعل علينا في الدين من حرج، فإذا كان الله سبحانه قد أباح الفطر للمسافر الصحيح، فمن باب أولى كبير السن المصاب بمرض في القلب. فالغالبية العظمى من مرضى القلب يستطيعون الصيام (نحو 90 في المئة منهم)، لكن هناك فئات من مرضى القلب لا ينصحون بالصوم في نهار رمضان، وهم:
أصحاب المرحلتين الثالثة والرابعة من فشل القلب، حيث يعاني المريض ضيق التنفس وهو على فراشه أو عند الذهاب إلى دورة المياه، مع انتفاخ في الأرجل وتجمع السوائل في الرئتين، وأصحاب المرحلتين الثالثة والرابعة من آلام شرايين القلب، حيث يشعر المريض بالألم عند أدنى حركة، ويحتاج إلى الدواء بصفة مستمرة، ومن لديه ضغط غير متحكم فيه، ومن لديه جلطة قلبية خلال ثلاثة أسابيع من حدوثها، ومن لديه ضغط شرياني رئوي شديد غير متحكم فيه.. وهناك أيضا بعض حالات مرض القلب أو الضغط الشديد، الذين يستخدمون الأدوية على مدار الساعة، فإن الصيام قد يؤدي بهم إلى الهلاك ودخول المستشفى؛ بسبب نقص الأملاح أو تجمع السوائل في الجسم، ولذلك فإن المتبع في مثل هذه الحالات أن ننصحهم بعدم الصوم ولا القضاء؛ بسبب طبيعة المرض (مثل فشل القلب)، وإنما يطعم عن كل يوم مسكينا من سائر قوت البلد في ذلك الزمان، وقد قال والدنا الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله «لكن إذا كان المريض لا يرجى برؤه بشهادة الأطباء الثقات، فلا يلزمه الصوم ولا القضاء، وعليه أن يطعم مسكيناً عن كل يوم، وهو نصف صاع بالصاع النبوي من قوت البلد ومقداره كيلو ونصف تقريباً، وهكذا الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة اللذان لا يستطيعان الصوم، يطعمان عن كل يوم نصف صاع من قوت البلد، ولا صوم عليهما ولا قضاء.. ويجوز دفع الكفارة عن جميع رمضان دفعة واحدة
في أول الشهر أو آخره، أو في أثنائه لفقير واحد أو أكثر».
ويُنصَح مريض الضغط بالإكثار من تناول السوائل في فترة الإفطار؛ حتى لا يصاب بالجفاف، وينصح كذلك بتجنب تناول الأطعمة الغنية بالدهون والأملاح والكافيين، وتنظيم طريقة تناوله للطعام، وذلك بالإقلال من الكمية، وتعدد الوجبات الصغيرة، والإقلال من تناول الأملاح والدهون، بحيث يبتعد المريض عن تناول السوائل والسكريات والدهون دفعة واحدة عند الإفطار كما يحدث عند البعض، ما يسبب تلبكا معويا ويزيد احتمالية فشل القلب لمن لديه ضعف في عضلة القلب ابتداء.
أما تغيير مواعيد الأدوية في رمضان بالنسبة لمرضى القلب، فلكل حالة تفاصيلها، ولا يمكن الحكم على جميع المرضى بالمعيار نفسه.. حتى المريض نفسه تتغير حالته من يوم لآخر، فقد يستطيع الصوم في أول رمضان ثم يفطر فيما تبقى منه، وقد يحصل العكس، فيفطر في أوله ويصوم في آخره.. فالحكم يتغير تبعا للعلة كما يقول أهل الفقه.. ورمضان في المناطق الحارة تلامس درجة الحرارة الخمسين درجة مئوية مع نسبة عالية من الجفاف في بعض تلك المناطق، وستكون ساعات الصيام في حدود 15 إلى 16 ساعة، ولذلك فإن أغلب الصائمين يفقد 1.5 في المئة من وزنه سوائل قبل الإفطار، فما بالك إذا كان عمله يدويا في الشمس خلال النهار، مثل عمال البناء والنظافة ورجال الأمن، وكذلك إذا كان يأخذ مدرات للبول!! ولذلك ننصح المرضى بأخذ أدوية الضغط بعد التراويح مباشرة؛ لأنه يكون قد استرجع كمية كافية من السوائل لجسمه، وقد رأيت من يأخذ جهلا أدوية الضغط مباشرة بعد الفطور، فيغمى عليه أثناء التراويح؛ لأنه اجتمع عليه نقص السوائل وقمة تركيز الدواء في الدم، خصوصا في أول أيام الشهر الكريم.. أما باقي الأدوية التي لا تؤثر في الضغط فيمكن أخذها بعد الفطور مباشرة.
وبالنسبة لزيارة البيت العتيق خلال رمضان، فننصح بأن يتم الترتيب لها بعد المشاورة مع الطبيب، وأن يفطر مريض القلب؛ لأنه اجتمع عليه المرض والسفر، وأن تكون عمرته ليلا، وأن يتجنب الزحام نهائيا، فإن ذلك يؤذي مريض القلب من ناحية زيادة الجهد على القلب، وصعوبة تناول دواء الأزمة القلبية، الذي يأخذه تحت اللسان، إضافة إلى صعوبة وصول الإسعاف إليه لمن يريد إنقاذه في حالة الإغماء أو الجلطة، وعليه أن يتجنب الوقوف الطويل؛ لأن ذلك يؤدي إلى تورم الرجلين، خصوصا من يستخدم أدوية مثل الاملور... ومن النصائح المهمة جدا ألا يعتمر وحده نهائيا، بل يجب أن يكون معه شخص يعرف أدويته وتاريخه المرضي في حال حدوث طوارئ، وأن يستخدم العربات أثناء السعي والطواف تفاديا لإجهاد القلب أثناء الحر الشديد.
وأخيرا، فإن شهر رمضان شهر طاعة وعبادة وصحة، فاغتنم منه ما استطعت، أما بالنسبة إلى المريض فننصح أن يراعي أهله ظروفه، ويساعدوه على اتخاذ قرار الصوم من عدمه حسب توجيه الطبيب المعالج.
الرياض