• ×
admin

رائد الجراحة الطبية

رائد الجراحة الطبية

د. أحمد عبد القادر المهندس

يظهر اسم الجراح والعالم الأندلسي أبو القاسم خلف بن عباس الزهراوي (1030- 1106) كعلم بارز في فضاء الجراحة والطب. ويعتبر الزهراوي أول من وضع أسساً جديدة للجراحة، والتي كانت الأساس في أوروبا على مدار أكثر من خمسة قرون.

ولعل أفضل ما قدمه الزهراوي للجراحة والطب هو منهجه العلمي الصارم لممارسة العمل الجراحي. وقد فرق بين الجراحة وغيرها من الموضوعات الطبية، وأن هذا العلم يقوم على التشريح، وجعل الجراحة علماً مستقلاً بذاته.

ألف الزهراوي عدداً من الكتب أهمها موسوعته الطبية (التصريف فيمن عجز عن التأليف)، والتي تتكون من 30 جزءاً. وتختص الموسوعة بالجراحة والطب الباطني والصيدلة وغيرها، واتبع في تأليفها التنظيم الجيد والتبويب الحسن. وصف ورسم أكثر من 200 آلة جراحية من اختراعه، ساعدت كثيراً في وضع أسس علم الجراحة الحديث في أوروبا. كانت أدوات الجراحة مصنوعة من الذهب والفضة، ولا تصلح غالباً إلا للجراحات السطحية، فكان على الزهراوي أن يبتكر آلات جراحية مناسبة من فلز لا يصدأ، وهو الحديد المطلي، وربما كان مطعماً على شكل الصلب. وابتكر المقص الجراحي والمشرط في العمليات الجراحية. واخترع آلة المشراخ وذلك لإخراج الجنين الميت من رحم أمه، وعلم تلاميذه الخياطة التجميلية، وذلك برتق الجروح من الداخل بحيث لا تكون مرئية.

وفي جراحة العظام ابتكر أدوات التجبير ومعالجة الكسور وبتر الأعضاء، كما وصف الأعراض الناتجة عن إصابات العمود الفقري، ووصف كيفية إعادة الأجزاء المكسورة من العظام إلى مكانها. ووصف في موسوعته الطبية كيفية قلع الأسنان واستخراج جذور الأضراس، وعلاج كسور الفكين. وفي الجراحة النسائية كتب عن طرق إجراء الولادات المتعسرة، وكيفية إخراج المشيمة الملتصقة، واستخراج الجنين الميت. واستعمل الزهراوي البنج الموضعي، والبنج العام الذي يؤخذ عن طريق الفم، وذلك لتخفيف الألم الذي يمكن أن يعانيه المريض بشدة.

ومن أبرز ما قدمه الزهراوي للجراحة صناعة الخيوط الخاصة للجروح، واستخدمها في جراحة الأمعاء، حيث صنعها من أمعاء الحيوانات. وكان الزهراوي واعياً بأهمية التعقيم في الجراحة، حيث كان يعقم آلاته قبل أن يستخدمها بمادة الصفراء قبل إجراء العمليات. وقد أثبت الطب الحديث أن هذه المادة تقلل من وجود البكتريا.

ووصف بدقة عمل القسطرة في الجراحة، وتمكن من إيقاف نزيف الدم أثناء العمليات الجراحية، وذلك بربط الشرايين.

لقد ارتقى الزهراوي بالجراحة ووضعها كعلم طبي مستقل، واحتفت به دائرة المعارف البريطانية، واعتبرته أعظم جراح في العالم. وظلت اختراعاته ومصنفاته واكتشافاته مرجعاً في أوروبا لأكثر من خمسة قرون. لقد سعدت البشرية بالزهراوي كرائد للجراحة الطبية وأحد عباقرة الأطباء والعلماء المسلمين.

الرياض
بواسطة : admin
 0  0  1116