داء كرون.. السبب الرئيس له غير معروف!
داء كرون.. السبب الرئيس له غير معروف!
يُسبب ألماً في البطن وإسهالاً شديداً وشعوراً بالتعب وفقدان الوزن
إعداد: د. عبدالعزيز بن محمد العثمان
أصيب أحد زملائي العزيزين على قلبي وهو استشاري متميز في تخصصه الطبي بمرض التهاب الأمعاء، مكث في المسشفيات عدة أشهر فلما زرته في المستشفى تعلمت منه الكثير في لقاء لم يتجاوز الدقائق، علمني أن الطب لا يستطيع معالجة كل الأمراض، وعلمني أن معرفتك بالطب لا تعني عدم إصابتك بأحد الأمراض، وعلمني أن فوق كل ذي علم عليم، وعلمني أن رحمة الله أقرب لكل مخلوق فلا ننسى التوجه إليه في كل أحوالنا مع فعل الأسباب.
هذا الزميل – شفاه الله- عالج في أفضل المستشفيات المحلية والعالمية وأجريت له عدة عمليات استئصال للأمعاء حتى وصل لمرحلة أنه لا يمكن استئصال المزيد، ولا يوجد حالياً علاج نهائي لذلك المرض، وحتى المسكنات يجب تناولها باعتدال تجنبات لاحتمال أضرارها الجانبية.
وددت وأنا أشاهد حالته وأتعجب من قوة إيمانه وصبره على الألم الشديد أن أقدم له كل ما استطيع، وأكتب هذه المقال تقديراً له لرغبته في توعية الناس بتلك الأمراض غير المشهورة والتي ازدادت نسبها في السنوات الأخيرة دون أن تجد مايقابل تلك النسب من اهتمام بحثي لإيجاد علاج لها.
هناك مرضان شائعان لالتهابات الجهاز الهضمي Inflammatory Bowel Disease (IBD) الأول يصيب عادة الأمعاء الدقيقة ولكن قد يصيب أي منطقة من الجهاز الهضمي من الفم إلى فتحة الشرج وهو (داء كرون Crohn›s Disease) والثاني يصيب عادة القولون وهو (التهاب القولون التقرحي Ulcerative Colitis) ولكون مرض كرون هو الشائع فسيكون حديثي متركزاً عليه.
سمي داء كرون على اسم الطبيب الأول الذي وصفه لأول مرة وهو (Crohn Ginzberg Oppenheimer)، ويؤدي هذا المرض إلى ألم في البطن، وإسهال شديد، وشعور بالتعب، وفقدان الوزن وسوء التغذية ثم تتطور المضاعفات إلى تأثيرات أخرى. يظهر داء كرون على شكل تقرحات بداية في الأمعاء الدقيقة والغليظة وقد يحدث في أي جزء من الجهاز الهضمي. وعادة تكون هذه التقرحات في أماكن معينة وبعدها أماكن سليمة ثم تقرحات مرة أخرى، كما أن أعراض المرض وآلامه لا تتواصل عادة بل تحدث على شكل هبات يتخللها فترات خالية تماماً من الاعراض.
يصيب داء كرون الرجال والنساء بنفس النسبة وما زال السبب الرئيسي له غير معروف وإن كانت التأثيرات الوراثية وضعف الجهاز المناعي والإجهاد والتدخين ونمط الحياة الغذائي من محفزات المرض و مسبباته العامة، كان يعتقد أن النظام الغذائي والتوتر النفسي قد يسببانه، لكن الطب الحديث أوجد أن هذه العوامل قد تفاقم الأعراض ولكنها لا تسبب المرض أساساً. تبدأ الأعراض في سن المراهقة وبداية سن الشباب وفي الغالب لا يشعر المريض بهذا المرض إلا بعد فترة طويلة عدة أشهر وأحيانا سنوات. لهذا المرض أسباب وراثية وأخرى بيئية فتزداد نسبة الإصابة بالمرض 10 أضعاف إذا كان هناك قريب في العائلة مصاب بالمرض.
يبدأ المرض بتكون بعض التقرحات السطحية على السطح الداخلي للقناة الهضمية، ثم تتعمق تلك التقرحات وتؤدي إلى تضيق القناة الهضمية وتصلبها، وأكثر المناطق التي تتأثر بمرض كرون هو الجزء الأخير من الأمعاء الدقيقة (الأمعاء اللفائفية) والقولون.
أغلب الأحيان تبدأ الأعراض بسيطة وتتطور ويزداد الألم تدريجياً، وقد لا تظهر الأعراض لعدة أشهر فيكون المرض في حالة كمون وفي بعض الحالات تظهر أعراضه بشكل مفاجئ، ودون سابق إنذار.
ومن أعراض المرض ظهور بعض العلامات التالية:- نوبات إسهال لا تستجيب أحياناً للأدوية – حمى وارتفاع حرارة – رهاق شديد -آلام البطن وتشنجات – ظهور دم في البراز - تقرحات في الفم - فقد الشهية وفقدان الوزن – زيادة الألم بالقرب من فتحة الشرج أو حولها بسبب وجود التهاب الناسور، وقد توجد أعراض أخرى مثل التهاب الجلد، والعيون والمفاصل والكبد أو القناة الصفراوية - تأخر النمو الجسمي أو لدى الأطفال.
مضاعفات المرض
قد يؤدي المرض إلى حالة أو أكثر من المضاعفات التالية:
انسداد الأمعاء وفي هذه الحالة لا بد من إزالة الجزء المسدود جراحياً وبشكل عاجل.
تقرحات الفم والمعدة والشرج ومنطقة الأعضاء التناسلية (العجان).
النواسير وقد تحدث بين الأمعاء والجلد أو بين الأمعاء والأعضاء الأخرى وقد تحدث النواسير في المثانة أو المهبل أو خارج الجلد مما يؤدي إلى التصريف المستمر لمحتويات الأمعاء إلى الجلد، وأكثرها شيوعاً الذي ينشأ بالقرب من المنطقة الشرجية، وقد تكون تلك النواسير خطيرة عند تكون خراجات وتفاقم الالتهابات.
الشق الشرجي وهو تمزق صغير في النسيج المحيط بالشرج ويكون مؤلماً كلما اقترب من الأمعاء لتأثره بحركتها التي تزيد الألم، ويمكن أن يؤدي إلى ناسور بالشرج.
سوء التغذية وهو من المضاعفات الشائعة ويحدث بسبب صعوبة تناول الطعام أو اضعف امتصاص العناصر الغائية من الأمعاء بسبب الايهال والتقلصات وقد يصاب المريض.
فقر الدم بسبب نقص الحديد أو فيتامين بـ 12 واضطرابات الجلد وهشاشة العظام والتهاب المفاصل وأمراض المرارة أو الكبد إعتام عدسة العين والمياه الزرقاء والداء السكري وارتفاع ضغط الدم بالذات مع تناول أدوية الكورتيكوستيرويدات.
سرطان القولون ولهذا ينصح الأطباء بعمل منظار بشكل دوري للتأكد من الحالة.
العلاج
حتى الآن لا يوجد علاجٍ شافٍ لداء كرون، ولكن يمكن أن تقلل بعض الطرق والممارسات والأدوية من علاماته وأعراضه إلى حد كبير، ومن خلال تلك الأساليب العلاجية يستطيع العديد من الأشخاص المصابين بداء كرون التعايش معه جيدًا وتقليل أزماته.
تتضمن الطرق العلاجية استخدام الجراحة والأدوية والتغذية السليمة المناسبة ولكل منها وقته المناسب حسب حالة المريض. ويقرر الطبيب المعالج الجراحة المناسبة لاستئصال الأجزاء المسدودة أو الملتهبة أو المتقرحة وأيضاً الوقت المناسب لاستئصالها، وكذلك الأدوية التي تخفف أعراض المريض مثل مضاد الإسهال، والمضاد الحيوي، ومضادات الالتهاب، ومثبّط لجهاز المناعة، وهنا أعطي فكرة مختصرة عن التغذية المناسبة للمريض.
لا يوجد غذاء معين يخفف أعراض مرض كرون، وعندما نضع خطة علاجية غذائية لمريض كرون نسأله بالتفصيل عن الأغذية التي تهيج المرض ونطلب منه أن يتجنبها، ولكل شخص أغذية معينة تهيج المرض وأخرى تهدئه، لهذا لا نعمم برنامجاً معيناً أو غذاء محدداً لؤلئك المرضى، ولكن يجب التركيز على توفير كل العناصر الغذائية الكبرى والصغرى للمريض ونقرر ذلك مع المتابعة فمثلاً عند وجود نقص في امتصاص العناصر الغذائية فإنه يجب رفع نسبة السعرات والبروتينات واعطائه مكملات غذائية مناسبة بالذات فيتامين (د) الذي ثبتت فائدته لهؤلاء المرضى، أو أغذية غنية بتلك العناصر بدون أن تهيج الحالة، وغالباً نبدأ مع المريض بالغذاء السائل مع بعض الأغذية الجاهزة عالية البروتين وعالية الطاقة مع التغذية الانبوبية أو الوريدية حتى تستقر حالته. تعتمد تغذية مريض كرون على تعديل نمط حياته وتغذيته بشكل مستمر وتجنب المسببات الرئيسية للمرض مثل التدخين والمشروبات الكحولية أو تلك التي تفاقم تهيج المرض مثل الدهون والألياف والأطعمة الحارّة الحريفة (مثل الفلفل والبهارات)، ومنتجات الألبان، وغيرها من الأغذية التي تهيج الجهاز الهضمي أو تسبب له أي نوع من عدم التحمل وتلك تختلف من مريض لآخر، فمثلاً بعض المرضى يتحسس من بعض الفواكه مثل الكيوي وآخر يتحسس من بعض الخضروات والبعض تسبب له البقول انتفاخات وغازات وهكذا، ولهذا يصعب تحديد أغذية تناسب الجميع، ولهذا يحتاج المريض متابعة دقيقة لنمط حياة المريض وسلوكه الحياتي اليومي من قبل أخصائي التغذية العلاجية لاكتشاف الأغذية والحالات التي تفاقم المرض وتلك التي تهدئه وتخفف أعراضه، وليس من الضروري تجنب الغذاء الذي يثير الحالة تماماً بل إيجاد طريقة طبخ أو سلق أو تحميص تخفف تأثيراته السلبية ولهذا نقترح على المريض عمل تجارب طبخ مختلفة على الأغذية التي يحبها فعندما يخف تهييجها للجهاز الهضمي يمكن اعتمادها والاستمرار عليها. يستخدم أخصائي التغذية العلاجية طريقة تسجيل الغذاء اليومي وهو جدول يسجل فيه المريض جميع الأكل بالوقت ويكتب ملاحظاته عندما تتفاقم الحالة أو تهدأ، وبعد أسبوع أو أسبوعين يراجعها أختصاصي التغذية العلاجية لتحديد الأغذية التي تهيج الجهاز الهضمي من تلك التي تهدئه وبهذا يتم بناء برنامج يسير عليه المريض طوال حياته، ويجب إشراك بعض أفراد الأسرة في عمل ذلك البرنامج بالذات من سيقوم بإعداد الوجبات.
أغلب مرضى كرون تتحسن حالتهم الصحية عند تقليل أو تجنب منتجات الألبان ويكتشف المريض تلك العلاقة بعد تناول تلك المنتجات وحدوث إسهال وألم في البطن وغازات حيث يعجز الجهاز الهضمي للمريض عن هضم سكر اللاكتوز مما يزيد من شدة هذه الأعراض، وقد وجد أن هذه الأعراض تتحسن بعد الحد من تناول منتجات الألبان.
من الأطعمة التي يجب تجنبها أو تقليلها هي الأغذية الدهنية حيث يصعب على الجهاز الهضمي المريض هضم وامتصاص الدهون بشكل طبيعي، مما يزيد من مشكلة الإسهال. لذلك ينصح بتجنب تناول الحليب أو اللبن او الزبادي كامل الدسم، والزبدة والسمن والمايونيز والمارجرين، والكريمة والأطعمة المقلية والشحوم الحيوانية واللحوم الحمراء والوجبات السريعة.
الأغذية التي تحتوي على كميات ألياف عالية مفيدة للأصحاء ولكنها ضارة لمرضى كرون بما فيها بعض الخضراوات والفواكه الطازجة والحبوب الكاملة، وللحصول على أغلب فوائدها وتجنب مضارها يجب طهيها جيداً أو سلقها أو عصرها. ومن الأغذية التي تثير وتهيج الجهاز الهضمي بشكل أكبر من غيرها ويجب تجنبها، الخضراوات من عائلة الكرنب مثل القرنبيط والبروكلي، والتي تحتوي على كمية عالية من الألياف مثل الذرة (البوب كورن) والخضروات والفواكه المجففة بالذات الأجاص أو البرقوق والمكسرات والبذور وأيضاً الأغذية التي تنتج غازات مثل البقول والبصل والفجل. والأغذية الغنية بالبهارات والتوابل، ويفضل تقليل الملح والأغذية المملحة.
المشروبات والمأكولات التي تحتوي على الكافيين مثل القهوة والشاي والشوكولاته، وأيضا تجنب والمشروبات الغازية.
ننصح المرضى بتقليل كمية الوجبات وتوزيعها على اليوم بمعدل 5-6 وجبات صغيرة في اليوم، فكميات الطعام الكبيرة تفاقم الحالة وتزيد مضاعفاتها.
شرب الماء بكميات صغيرة ومكررة طوال اليوم مفيد جداً لمرضى كرون بالذات مع استمرار الإسهال، كما يمكن وصف بعض المكملات الغذائية مثل الفيتامنيات والمعادن إذا نقصت معدلاتها في الدم مثل فيتامينات (أ ، د ، هـ ، ك، ب12 ، وحمض الفوليك)، ومن المعادن (الحديد والكالسيوم و الزنك).
هناك بعض الوصفات الغذائية والعشبية التي قد تفيد بعض المرضى الحلبة حيث يتم طحن حبيباتها، وأخذ ملعقة متوسطة الحجم، وإضافتها للأكل أو إلى نصف كوب من الماء البارد، وتحرك بالملعقة حتى تصبح على هيئة مزيج، ويتم تناولها ثلاثة مرات في اليوم الواحد.
زيت بذرة الكتان وزيت السمك غنيان بالحمض الدهني أوميجا 3 والذي يفيد في تقليل الالتهابات ولهذا يفيدان مرضى كرون، كما أن الأغذية الغنية بالبكتيريا النافعة (Probiotic) تفيد مرضى تقرحات القولون (ulcerative colitis).
نبات الصبار مفيد لعلاج بعض أنواع التقرّحات التي تصيب الجهاز الهضمي ويساعد على التحامها، ولهذا يفيد مرضى كرون، وذلك من خلال تناول كمية من عصارة أوراق الصبار تعصر الأوراق ويجمع عصيرها اللزج في علبة زجاجية ويؤخذ منه مقدار ملعقة كبيرة ثلاث مرات في اليوم.
عشبة القنفذ الأرجوانية وتعد هذه العشبة من أهم النباتات التي تدخل في علاج كثير من الأمراض، لأنها تحتوي على مواد لها فاعلية كبيرة في تقوية جهاز المناعة، ولها استعمالات على نطاق واسع في علاج تقرحات الفم، ويتم استعمالها بإضافة ملعقة صغيرة من مسحوق الجذور إلى كوب واحد من الماء المغلي ويترك حتى يبرد ثم يتم تصفيتها وتناولها مرتين في صباح كل يوم ومرة عند الذهاب للنوم. ومن الأعشاب المفيدة نبات الأرقطيون ويتم استعمال جذورها أيضاً بعد طحنها، وأخذ معلقة صغيرة، وإضافتها إلى كوب من الماء المغلي ويترك ليبرد، وبعد ذلك تتم تصفيته وتناوله على ثلاث مرات في اليوم.
الرياض
يُسبب ألماً في البطن وإسهالاً شديداً وشعوراً بالتعب وفقدان الوزن
إعداد: د. عبدالعزيز بن محمد العثمان
أصيب أحد زملائي العزيزين على قلبي وهو استشاري متميز في تخصصه الطبي بمرض التهاب الأمعاء، مكث في المسشفيات عدة أشهر فلما زرته في المستشفى تعلمت منه الكثير في لقاء لم يتجاوز الدقائق، علمني أن الطب لا يستطيع معالجة كل الأمراض، وعلمني أن معرفتك بالطب لا تعني عدم إصابتك بأحد الأمراض، وعلمني أن فوق كل ذي علم عليم، وعلمني أن رحمة الله أقرب لكل مخلوق فلا ننسى التوجه إليه في كل أحوالنا مع فعل الأسباب.
هذا الزميل – شفاه الله- عالج في أفضل المستشفيات المحلية والعالمية وأجريت له عدة عمليات استئصال للأمعاء حتى وصل لمرحلة أنه لا يمكن استئصال المزيد، ولا يوجد حالياً علاج نهائي لذلك المرض، وحتى المسكنات يجب تناولها باعتدال تجنبات لاحتمال أضرارها الجانبية.
وددت وأنا أشاهد حالته وأتعجب من قوة إيمانه وصبره على الألم الشديد أن أقدم له كل ما استطيع، وأكتب هذه المقال تقديراً له لرغبته في توعية الناس بتلك الأمراض غير المشهورة والتي ازدادت نسبها في السنوات الأخيرة دون أن تجد مايقابل تلك النسب من اهتمام بحثي لإيجاد علاج لها.
هناك مرضان شائعان لالتهابات الجهاز الهضمي Inflammatory Bowel Disease (IBD) الأول يصيب عادة الأمعاء الدقيقة ولكن قد يصيب أي منطقة من الجهاز الهضمي من الفم إلى فتحة الشرج وهو (داء كرون Crohn›s Disease) والثاني يصيب عادة القولون وهو (التهاب القولون التقرحي Ulcerative Colitis) ولكون مرض كرون هو الشائع فسيكون حديثي متركزاً عليه.
سمي داء كرون على اسم الطبيب الأول الذي وصفه لأول مرة وهو (Crohn Ginzberg Oppenheimer)، ويؤدي هذا المرض إلى ألم في البطن، وإسهال شديد، وشعور بالتعب، وفقدان الوزن وسوء التغذية ثم تتطور المضاعفات إلى تأثيرات أخرى. يظهر داء كرون على شكل تقرحات بداية في الأمعاء الدقيقة والغليظة وقد يحدث في أي جزء من الجهاز الهضمي. وعادة تكون هذه التقرحات في أماكن معينة وبعدها أماكن سليمة ثم تقرحات مرة أخرى، كما أن أعراض المرض وآلامه لا تتواصل عادة بل تحدث على شكل هبات يتخللها فترات خالية تماماً من الاعراض.
يصيب داء كرون الرجال والنساء بنفس النسبة وما زال السبب الرئيسي له غير معروف وإن كانت التأثيرات الوراثية وضعف الجهاز المناعي والإجهاد والتدخين ونمط الحياة الغذائي من محفزات المرض و مسبباته العامة، كان يعتقد أن النظام الغذائي والتوتر النفسي قد يسببانه، لكن الطب الحديث أوجد أن هذه العوامل قد تفاقم الأعراض ولكنها لا تسبب المرض أساساً. تبدأ الأعراض في سن المراهقة وبداية سن الشباب وفي الغالب لا يشعر المريض بهذا المرض إلا بعد فترة طويلة عدة أشهر وأحيانا سنوات. لهذا المرض أسباب وراثية وأخرى بيئية فتزداد نسبة الإصابة بالمرض 10 أضعاف إذا كان هناك قريب في العائلة مصاب بالمرض.
يبدأ المرض بتكون بعض التقرحات السطحية على السطح الداخلي للقناة الهضمية، ثم تتعمق تلك التقرحات وتؤدي إلى تضيق القناة الهضمية وتصلبها، وأكثر المناطق التي تتأثر بمرض كرون هو الجزء الأخير من الأمعاء الدقيقة (الأمعاء اللفائفية) والقولون.
أغلب الأحيان تبدأ الأعراض بسيطة وتتطور ويزداد الألم تدريجياً، وقد لا تظهر الأعراض لعدة أشهر فيكون المرض في حالة كمون وفي بعض الحالات تظهر أعراضه بشكل مفاجئ، ودون سابق إنذار.
ومن أعراض المرض ظهور بعض العلامات التالية:- نوبات إسهال لا تستجيب أحياناً للأدوية – حمى وارتفاع حرارة – رهاق شديد -آلام البطن وتشنجات – ظهور دم في البراز - تقرحات في الفم - فقد الشهية وفقدان الوزن – زيادة الألم بالقرب من فتحة الشرج أو حولها بسبب وجود التهاب الناسور، وقد توجد أعراض أخرى مثل التهاب الجلد، والعيون والمفاصل والكبد أو القناة الصفراوية - تأخر النمو الجسمي أو لدى الأطفال.
مضاعفات المرض
قد يؤدي المرض إلى حالة أو أكثر من المضاعفات التالية:
انسداد الأمعاء وفي هذه الحالة لا بد من إزالة الجزء المسدود جراحياً وبشكل عاجل.
تقرحات الفم والمعدة والشرج ومنطقة الأعضاء التناسلية (العجان).
النواسير وقد تحدث بين الأمعاء والجلد أو بين الأمعاء والأعضاء الأخرى وقد تحدث النواسير في المثانة أو المهبل أو خارج الجلد مما يؤدي إلى التصريف المستمر لمحتويات الأمعاء إلى الجلد، وأكثرها شيوعاً الذي ينشأ بالقرب من المنطقة الشرجية، وقد تكون تلك النواسير خطيرة عند تكون خراجات وتفاقم الالتهابات.
الشق الشرجي وهو تمزق صغير في النسيج المحيط بالشرج ويكون مؤلماً كلما اقترب من الأمعاء لتأثره بحركتها التي تزيد الألم، ويمكن أن يؤدي إلى ناسور بالشرج.
سوء التغذية وهو من المضاعفات الشائعة ويحدث بسبب صعوبة تناول الطعام أو اضعف امتصاص العناصر الغائية من الأمعاء بسبب الايهال والتقلصات وقد يصاب المريض.
فقر الدم بسبب نقص الحديد أو فيتامين بـ 12 واضطرابات الجلد وهشاشة العظام والتهاب المفاصل وأمراض المرارة أو الكبد إعتام عدسة العين والمياه الزرقاء والداء السكري وارتفاع ضغط الدم بالذات مع تناول أدوية الكورتيكوستيرويدات.
سرطان القولون ولهذا ينصح الأطباء بعمل منظار بشكل دوري للتأكد من الحالة.
العلاج
حتى الآن لا يوجد علاجٍ شافٍ لداء كرون، ولكن يمكن أن تقلل بعض الطرق والممارسات والأدوية من علاماته وأعراضه إلى حد كبير، ومن خلال تلك الأساليب العلاجية يستطيع العديد من الأشخاص المصابين بداء كرون التعايش معه جيدًا وتقليل أزماته.
تتضمن الطرق العلاجية استخدام الجراحة والأدوية والتغذية السليمة المناسبة ولكل منها وقته المناسب حسب حالة المريض. ويقرر الطبيب المعالج الجراحة المناسبة لاستئصال الأجزاء المسدودة أو الملتهبة أو المتقرحة وأيضاً الوقت المناسب لاستئصالها، وكذلك الأدوية التي تخفف أعراض المريض مثل مضاد الإسهال، والمضاد الحيوي، ومضادات الالتهاب، ومثبّط لجهاز المناعة، وهنا أعطي فكرة مختصرة عن التغذية المناسبة للمريض.
لا يوجد غذاء معين يخفف أعراض مرض كرون، وعندما نضع خطة علاجية غذائية لمريض كرون نسأله بالتفصيل عن الأغذية التي تهيج المرض ونطلب منه أن يتجنبها، ولكل شخص أغذية معينة تهيج المرض وأخرى تهدئه، لهذا لا نعمم برنامجاً معيناً أو غذاء محدداً لؤلئك المرضى، ولكن يجب التركيز على توفير كل العناصر الغذائية الكبرى والصغرى للمريض ونقرر ذلك مع المتابعة فمثلاً عند وجود نقص في امتصاص العناصر الغذائية فإنه يجب رفع نسبة السعرات والبروتينات واعطائه مكملات غذائية مناسبة بالذات فيتامين (د) الذي ثبتت فائدته لهؤلاء المرضى، أو أغذية غنية بتلك العناصر بدون أن تهيج الحالة، وغالباً نبدأ مع المريض بالغذاء السائل مع بعض الأغذية الجاهزة عالية البروتين وعالية الطاقة مع التغذية الانبوبية أو الوريدية حتى تستقر حالته. تعتمد تغذية مريض كرون على تعديل نمط حياته وتغذيته بشكل مستمر وتجنب المسببات الرئيسية للمرض مثل التدخين والمشروبات الكحولية أو تلك التي تفاقم تهيج المرض مثل الدهون والألياف والأطعمة الحارّة الحريفة (مثل الفلفل والبهارات)، ومنتجات الألبان، وغيرها من الأغذية التي تهيج الجهاز الهضمي أو تسبب له أي نوع من عدم التحمل وتلك تختلف من مريض لآخر، فمثلاً بعض المرضى يتحسس من بعض الفواكه مثل الكيوي وآخر يتحسس من بعض الخضروات والبعض تسبب له البقول انتفاخات وغازات وهكذا، ولهذا يصعب تحديد أغذية تناسب الجميع، ولهذا يحتاج المريض متابعة دقيقة لنمط حياة المريض وسلوكه الحياتي اليومي من قبل أخصائي التغذية العلاجية لاكتشاف الأغذية والحالات التي تفاقم المرض وتلك التي تهدئه وتخفف أعراضه، وليس من الضروري تجنب الغذاء الذي يثير الحالة تماماً بل إيجاد طريقة طبخ أو سلق أو تحميص تخفف تأثيراته السلبية ولهذا نقترح على المريض عمل تجارب طبخ مختلفة على الأغذية التي يحبها فعندما يخف تهييجها للجهاز الهضمي يمكن اعتمادها والاستمرار عليها. يستخدم أخصائي التغذية العلاجية طريقة تسجيل الغذاء اليومي وهو جدول يسجل فيه المريض جميع الأكل بالوقت ويكتب ملاحظاته عندما تتفاقم الحالة أو تهدأ، وبعد أسبوع أو أسبوعين يراجعها أختصاصي التغذية العلاجية لتحديد الأغذية التي تهيج الجهاز الهضمي من تلك التي تهدئه وبهذا يتم بناء برنامج يسير عليه المريض طوال حياته، ويجب إشراك بعض أفراد الأسرة في عمل ذلك البرنامج بالذات من سيقوم بإعداد الوجبات.
أغلب مرضى كرون تتحسن حالتهم الصحية عند تقليل أو تجنب منتجات الألبان ويكتشف المريض تلك العلاقة بعد تناول تلك المنتجات وحدوث إسهال وألم في البطن وغازات حيث يعجز الجهاز الهضمي للمريض عن هضم سكر اللاكتوز مما يزيد من شدة هذه الأعراض، وقد وجد أن هذه الأعراض تتحسن بعد الحد من تناول منتجات الألبان.
من الأطعمة التي يجب تجنبها أو تقليلها هي الأغذية الدهنية حيث يصعب على الجهاز الهضمي المريض هضم وامتصاص الدهون بشكل طبيعي، مما يزيد من مشكلة الإسهال. لذلك ينصح بتجنب تناول الحليب أو اللبن او الزبادي كامل الدسم، والزبدة والسمن والمايونيز والمارجرين، والكريمة والأطعمة المقلية والشحوم الحيوانية واللحوم الحمراء والوجبات السريعة.
الأغذية التي تحتوي على كميات ألياف عالية مفيدة للأصحاء ولكنها ضارة لمرضى كرون بما فيها بعض الخضراوات والفواكه الطازجة والحبوب الكاملة، وللحصول على أغلب فوائدها وتجنب مضارها يجب طهيها جيداً أو سلقها أو عصرها. ومن الأغذية التي تثير وتهيج الجهاز الهضمي بشكل أكبر من غيرها ويجب تجنبها، الخضراوات من عائلة الكرنب مثل القرنبيط والبروكلي، والتي تحتوي على كمية عالية من الألياف مثل الذرة (البوب كورن) والخضروات والفواكه المجففة بالذات الأجاص أو البرقوق والمكسرات والبذور وأيضاً الأغذية التي تنتج غازات مثل البقول والبصل والفجل. والأغذية الغنية بالبهارات والتوابل، ويفضل تقليل الملح والأغذية المملحة.
المشروبات والمأكولات التي تحتوي على الكافيين مثل القهوة والشاي والشوكولاته، وأيضا تجنب والمشروبات الغازية.
ننصح المرضى بتقليل كمية الوجبات وتوزيعها على اليوم بمعدل 5-6 وجبات صغيرة في اليوم، فكميات الطعام الكبيرة تفاقم الحالة وتزيد مضاعفاتها.
شرب الماء بكميات صغيرة ومكررة طوال اليوم مفيد جداً لمرضى كرون بالذات مع استمرار الإسهال، كما يمكن وصف بعض المكملات الغذائية مثل الفيتامنيات والمعادن إذا نقصت معدلاتها في الدم مثل فيتامينات (أ ، د ، هـ ، ك، ب12 ، وحمض الفوليك)، ومن المعادن (الحديد والكالسيوم و الزنك).
هناك بعض الوصفات الغذائية والعشبية التي قد تفيد بعض المرضى الحلبة حيث يتم طحن حبيباتها، وأخذ ملعقة متوسطة الحجم، وإضافتها للأكل أو إلى نصف كوب من الماء البارد، وتحرك بالملعقة حتى تصبح على هيئة مزيج، ويتم تناولها ثلاثة مرات في اليوم الواحد.
زيت بذرة الكتان وزيت السمك غنيان بالحمض الدهني أوميجا 3 والذي يفيد في تقليل الالتهابات ولهذا يفيدان مرضى كرون، كما أن الأغذية الغنية بالبكتيريا النافعة (Probiotic) تفيد مرضى تقرحات القولون (ulcerative colitis).
نبات الصبار مفيد لعلاج بعض أنواع التقرّحات التي تصيب الجهاز الهضمي ويساعد على التحامها، ولهذا يفيد مرضى كرون، وذلك من خلال تناول كمية من عصارة أوراق الصبار تعصر الأوراق ويجمع عصيرها اللزج في علبة زجاجية ويؤخذ منه مقدار ملعقة كبيرة ثلاث مرات في اليوم.
عشبة القنفذ الأرجوانية وتعد هذه العشبة من أهم النباتات التي تدخل في علاج كثير من الأمراض، لأنها تحتوي على مواد لها فاعلية كبيرة في تقوية جهاز المناعة، ولها استعمالات على نطاق واسع في علاج تقرحات الفم، ويتم استعمالها بإضافة ملعقة صغيرة من مسحوق الجذور إلى كوب واحد من الماء المغلي ويترك حتى يبرد ثم يتم تصفيتها وتناولها مرتين في صباح كل يوم ومرة عند الذهاب للنوم. ومن الأعشاب المفيدة نبات الأرقطيون ويتم استعمال جذورها أيضاً بعد طحنها، وأخذ معلقة صغيرة، وإضافتها إلى كوب من الماء المغلي ويترك ليبرد، وبعد ذلك تتم تصفيته وتناوله على ثلاث مرات في اليوم.
الرياض