لا.. تؤخر علاج ألـم القــلب!
لا.. تؤخر علاج ألـم القــلب!
التنميل في الذراع ليس من أعراضه
د. خـالد عبد الله النمر
«سعد» شاب عمره 30 سنة يدخن أكثر من 10 سنوات، ويعاني ارتفاعاً بسيطاً في الكلسترول الضار لم يلق له بالاً... وهو يجمع في نمط حياته اليومي الكثير من العادات الصحية السيئة من عدم رياضة وأكل مطاعم وقلة تناول الخضراوات والفواكه والتدخين والإكثار من الشحوم الحيوانية...إلخ، وهو يعمل عملاً مهنياً يحتاج منه الكثير من الجهد والطاقة... أتاه ألم كما يصفه «حرارة شديدة في رأس المعدة»، أخذ مسكنات للألم ومضاد حموضة وأكمل يومه، وفي اليوم الثاني رجع عليه الألم وصار هناك تعرق في فترات متقطعة مع غثيان، ولكنه أخذ دواء حموضة من أحد زملائه وأخذ حبتي بندول. وقال: «بكرة تروح إن شاء الله!!» وعلى الرغم من إصرار زوجته إلا أنه كان يطمئنها أن هذه حموضة المعدة التي تعودت عليها وبتروح. وأنه ليس هناك داع للقلق. وفي اليوم الثالث اشتد عليه الألم وانتشر إلى ذراعه وأصبح مبرحاً. ففزع إلى الطوارئ واستقبله الطاقم الطبي بسرعة وشخص في ذلك الوقت أن لديه جلطة حادة في القلب ولكن لسوء حظه - أو بالأصح لإهماله نفسه - أنه أتى متأخراً بعد تأثر عضلة القلب وتلف الخلايا التي يغذيها ذلك الشريان وأصبحت عضلة القلب لديه ضعيفة لا تتعدى قوة الضخ فيها 30 % - الطبيعي فوق 55 % -!! وكان ذلك صدمة لسعد ولأسرته.. فبلاشك سيغير ذلك باقي معالم حياته تبعاً لما حصل في تلك الأيام الثلاثة...بل سيطول ذلك التأثير أسرته: زوجته وأبناءه برعاية شخص لديه ضعف في القلب ومراجعة المستشفيات وارتشاح السوائل في الرئتين بصورة دورية والتحاليل ومضاعفات الأدوية وتغييرها ومتابعة السيولة.. إلخ، وكان من الممكن لـ»سعد» بعد مشيئة الله أن يتفادى ذلك كله بشيء بسيط من الوعي الصحي وإدراك أهمية الاهتمام بآلام الصدر وأخذها على محمل الجد وزيارة الطوارئ حتى يثبت عكس ذلك.. فالقاعدة الذهبية التي نقولها لمرضانا دوماً: «من الأفضل أن تذهب إلى الطوارئ بألم الصدر ويطلع قلبك سليماً من أنك تجلس في بيتك أو مكتبك وهناك احتمالية جلطة قد تفقد معها حياتك وأنت تؤجل التعامل معها».
ولأهمية هذا الموضوع في الوعي الصحي العام سنتوسع في الحديث عن أعراض القلب وما الأعراض التي يأتي بها تضيق أو انسداد شرايين القلب التاجية «الجلطة أو الذبحة الصدرية». فكما هو معلوم فإن وصف أعراض المريض وشكواه بالتفصيل هي الخطوة الأولى في أي تشخيص لأمراض القلب. وأعراض تضيق أو انسداد شرايين القلب قد تأتي على صفات عدة منها: ألم الصدر، ضيق التنفس، الخفقان، الإغماء، انقطاع التنفس الليلي، انتفاخ الأرجل. مجتمعة أو متفرقة. وأهمها على الإطلاق «ألم الصدر». ولذلك سنبسط بعض المفاهيم الخاصة بألم الصدر على شكل قواعد
الأولى:
إن الغالبية العظمى من آلام الصدر ليس لها علاقة بالقلب حيث ثبت أن 93 % من أسباب آلام الصدر في زيارات المرضى للطوارئ ليست من القلب ولكن بلاشك آلام القلب هي أخطرها على الإطلاق، ولذلك يجب التأكد بإجراء الفحوصات من تخطيط قلب وأنزيمات، وإذا احتاج المريض السونار وفحص جهد القلب حتى يثبت أن القلب ليس مصدر الألم ثم بعد ذلك يحال المريض إلى التخصص الذي يعالجه حسب مصدر الألم: المريء، العظام، العضلات، الرئتان، الأعصاب..إلخ.
الثانية:
ألم شرايين القلب قد يأتي بصورة تقليدية واضحة كما هو موصوف في كتب الأطباء الأولين وقد يأتي بصورة مخادعة للطبيب والمريض معاً؛ لأنها غير واضحة.. والصورة التقليدية أن يأتي الألم على أشكال يختلف الناس في وصفها منها (حرارة أو ضغط أو ثقل أو شد) بين الثديين يستمر أكثر من خمس دقائق وعادة لا يزيد على عشرين دقيقة - إذا لم يكن جلطة - ويكون معه غثيان وتعرق ولا يزداد مع التنفس ولا مع الكحة ولا مع الالتفاف يميناً أو يساراً، وهو عميق داخل الصدر وليس سطحياً.. وشدته قد تكون بسيطة أو متوسطة أو شديدة.. وقد ينتشر إلى أعلى الرقبة وأسفل اللحيين - ولذلك قد يتوهم بعض الناس أنه ألم ضرس - وقد ينتشر إلى الذراع الأيسر أو الأيمن أو الظهر - تحت الكتف الأيسر أو بين الكتفين - ومن علاماته أيضاً أن بعض المرضى عندما يصفه يضع قبضة يده بين الثديين، كما أنه يزداد مع الجهد البدني أو النفسي ويخف مع الراحة البدنية أو وضع الحبة الموسعة للشرايين تحت اللسان.. أما الصور الخادعة فلها صفات كثيرة: فقد يأتي على شكل آلام في الكتف الأيسر فقط أو ضيقة في التنفس أو ألم في الصدر يخف مع المشي أو على شكل حرقان معدة كما حدث مع صاحبنا «ناصر».. وبالتالي يتضح أن « النغزات» ليست من صفات أعراض شرايين القلب.
الثالثة:
التنميل في الذراع ليس من أعراض القلب.. فالألم عندما ينتشر إلى الذراع قد ينتشر إلى الأيسر أو الأيمن أو كليهما، وغالباً ما يكون بشكل ثقل أو حرارة في الجزء الذي يلي الجسم من الذراع «النصف الأقرب إلى الجسم» ولكن من غير تنميل، فالتنميل من أعراض الأعصاب وليس من أعراض القلب.
الرابعة:
من صفات ألم القلب أنه قد يكون مستمراً، ولكن الغالبية أن يكون بصفة أنه «يروح ويجيء» وذلك بسبب تغيرات في تخثر مجر الدم وإعادة فتحه بإنزيم معين في الجسم البشري وانغلاقه مرة أخرى بسبب الجلطة، ولذلك من التصرفات الخاطئة لبعض المرضى أنه إذا ذهب الألم أيقن بالنجاة وأن ذلك الألم لن يرجع كما حصل مع «سعد» في الأيام الثلاثة الأولى، فيتكاسل للذهاب إلى الطوارئ.
الخلاصة
إن ألم الصدر يجب أن يؤخذ على محمل الجد حتى يثبت عكس ذلك تماماً، وتلك الدقائق تسمى تجاوزاً الدقائق الذهبية؛ لأنها أغلى من ذلك بكثير، فهي تساوي حياة الإنسان، وهي لا تقدر بثمن.
الرياض
التنميل في الذراع ليس من أعراضه
د. خـالد عبد الله النمر
«سعد» شاب عمره 30 سنة يدخن أكثر من 10 سنوات، ويعاني ارتفاعاً بسيطاً في الكلسترول الضار لم يلق له بالاً... وهو يجمع في نمط حياته اليومي الكثير من العادات الصحية السيئة من عدم رياضة وأكل مطاعم وقلة تناول الخضراوات والفواكه والتدخين والإكثار من الشحوم الحيوانية...إلخ، وهو يعمل عملاً مهنياً يحتاج منه الكثير من الجهد والطاقة... أتاه ألم كما يصفه «حرارة شديدة في رأس المعدة»، أخذ مسكنات للألم ومضاد حموضة وأكمل يومه، وفي اليوم الثاني رجع عليه الألم وصار هناك تعرق في فترات متقطعة مع غثيان، ولكنه أخذ دواء حموضة من أحد زملائه وأخذ حبتي بندول. وقال: «بكرة تروح إن شاء الله!!» وعلى الرغم من إصرار زوجته إلا أنه كان يطمئنها أن هذه حموضة المعدة التي تعودت عليها وبتروح. وأنه ليس هناك داع للقلق. وفي اليوم الثالث اشتد عليه الألم وانتشر إلى ذراعه وأصبح مبرحاً. ففزع إلى الطوارئ واستقبله الطاقم الطبي بسرعة وشخص في ذلك الوقت أن لديه جلطة حادة في القلب ولكن لسوء حظه - أو بالأصح لإهماله نفسه - أنه أتى متأخراً بعد تأثر عضلة القلب وتلف الخلايا التي يغذيها ذلك الشريان وأصبحت عضلة القلب لديه ضعيفة لا تتعدى قوة الضخ فيها 30 % - الطبيعي فوق 55 % -!! وكان ذلك صدمة لسعد ولأسرته.. فبلاشك سيغير ذلك باقي معالم حياته تبعاً لما حصل في تلك الأيام الثلاثة...بل سيطول ذلك التأثير أسرته: زوجته وأبناءه برعاية شخص لديه ضعف في القلب ومراجعة المستشفيات وارتشاح السوائل في الرئتين بصورة دورية والتحاليل ومضاعفات الأدوية وتغييرها ومتابعة السيولة.. إلخ، وكان من الممكن لـ»سعد» بعد مشيئة الله أن يتفادى ذلك كله بشيء بسيط من الوعي الصحي وإدراك أهمية الاهتمام بآلام الصدر وأخذها على محمل الجد وزيارة الطوارئ حتى يثبت عكس ذلك.. فالقاعدة الذهبية التي نقولها لمرضانا دوماً: «من الأفضل أن تذهب إلى الطوارئ بألم الصدر ويطلع قلبك سليماً من أنك تجلس في بيتك أو مكتبك وهناك احتمالية جلطة قد تفقد معها حياتك وأنت تؤجل التعامل معها».
ولأهمية هذا الموضوع في الوعي الصحي العام سنتوسع في الحديث عن أعراض القلب وما الأعراض التي يأتي بها تضيق أو انسداد شرايين القلب التاجية «الجلطة أو الذبحة الصدرية». فكما هو معلوم فإن وصف أعراض المريض وشكواه بالتفصيل هي الخطوة الأولى في أي تشخيص لأمراض القلب. وأعراض تضيق أو انسداد شرايين القلب قد تأتي على صفات عدة منها: ألم الصدر، ضيق التنفس، الخفقان، الإغماء، انقطاع التنفس الليلي، انتفاخ الأرجل. مجتمعة أو متفرقة. وأهمها على الإطلاق «ألم الصدر». ولذلك سنبسط بعض المفاهيم الخاصة بألم الصدر على شكل قواعد
الأولى:
إن الغالبية العظمى من آلام الصدر ليس لها علاقة بالقلب حيث ثبت أن 93 % من أسباب آلام الصدر في زيارات المرضى للطوارئ ليست من القلب ولكن بلاشك آلام القلب هي أخطرها على الإطلاق، ولذلك يجب التأكد بإجراء الفحوصات من تخطيط قلب وأنزيمات، وإذا احتاج المريض السونار وفحص جهد القلب حتى يثبت أن القلب ليس مصدر الألم ثم بعد ذلك يحال المريض إلى التخصص الذي يعالجه حسب مصدر الألم: المريء، العظام، العضلات، الرئتان، الأعصاب..إلخ.
الثانية:
ألم شرايين القلب قد يأتي بصورة تقليدية واضحة كما هو موصوف في كتب الأطباء الأولين وقد يأتي بصورة مخادعة للطبيب والمريض معاً؛ لأنها غير واضحة.. والصورة التقليدية أن يأتي الألم على أشكال يختلف الناس في وصفها منها (حرارة أو ضغط أو ثقل أو شد) بين الثديين يستمر أكثر من خمس دقائق وعادة لا يزيد على عشرين دقيقة - إذا لم يكن جلطة - ويكون معه غثيان وتعرق ولا يزداد مع التنفس ولا مع الكحة ولا مع الالتفاف يميناً أو يساراً، وهو عميق داخل الصدر وليس سطحياً.. وشدته قد تكون بسيطة أو متوسطة أو شديدة.. وقد ينتشر إلى أعلى الرقبة وأسفل اللحيين - ولذلك قد يتوهم بعض الناس أنه ألم ضرس - وقد ينتشر إلى الذراع الأيسر أو الأيمن أو الظهر - تحت الكتف الأيسر أو بين الكتفين - ومن علاماته أيضاً أن بعض المرضى عندما يصفه يضع قبضة يده بين الثديين، كما أنه يزداد مع الجهد البدني أو النفسي ويخف مع الراحة البدنية أو وضع الحبة الموسعة للشرايين تحت اللسان.. أما الصور الخادعة فلها صفات كثيرة: فقد يأتي على شكل آلام في الكتف الأيسر فقط أو ضيقة في التنفس أو ألم في الصدر يخف مع المشي أو على شكل حرقان معدة كما حدث مع صاحبنا «ناصر».. وبالتالي يتضح أن « النغزات» ليست من صفات أعراض شرايين القلب.
الثالثة:
التنميل في الذراع ليس من أعراض القلب.. فالألم عندما ينتشر إلى الذراع قد ينتشر إلى الأيسر أو الأيمن أو كليهما، وغالباً ما يكون بشكل ثقل أو حرارة في الجزء الذي يلي الجسم من الذراع «النصف الأقرب إلى الجسم» ولكن من غير تنميل، فالتنميل من أعراض الأعصاب وليس من أعراض القلب.
الرابعة:
من صفات ألم القلب أنه قد يكون مستمراً، ولكن الغالبية أن يكون بصفة أنه «يروح ويجيء» وذلك بسبب تغيرات في تخثر مجر الدم وإعادة فتحه بإنزيم معين في الجسم البشري وانغلاقه مرة أخرى بسبب الجلطة، ولذلك من التصرفات الخاطئة لبعض المرضى أنه إذا ذهب الألم أيقن بالنجاة وأن ذلك الألم لن يرجع كما حصل مع «سعد» في الأيام الثلاثة الأولى، فيتكاسل للذهاب إلى الطوارئ.
الخلاصة
إن ألم الصدر يجب أن يؤخذ على محمل الجد حتى يثبت عكس ذلك تماماً، وتلك الدقائق تسمى تجاوزاً الدقائق الذهبية؛ لأنها أغلى من ذلك بكثير، فهي تساوي حياة الإنسان، وهي لا تقدر بثمن.
الرياض