كاوست «توطين التقنية»
كاوست «توطين التقنية»
عبدالله عبدالباقي
كاوست «KAUST»، هو الاسم المختصر لجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية King Abdullah University of Science And Technology، هذا الاسم الذي أصبح على كل لسان في كافة جامعات العالم المرموقة والعريقة وأصبحت معه بلدة ثول معروفة أيضا في أرجاء العالم، وهي لا تكاد ترى على الخريطة، كما حدثنا الأستاذ الكبير / نظمي النصر الشاب الوطني الفاعل الذي كلف بتأسيس هذه الجامعة العملاقة وكان بالفعل نموذجا وطنيا للإخلاص والتفاني والعمل المثابر والمستمر، تحت إشراف معالي وزير البترول والثروة المعدنية «علي بن إبراهيم النعيمي»، وحيث يقف خلف كل هذا الإنجاز خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز رجل الإنجازات الذي لو اقتصرت أعماله على تأسيس هذه الجامعة وبهذا الزمن القياسي لكفاه فخرا.
لقد سمعنا جميعا عن هذه الجامعة المنتظرة، لكن وبعد الدعوة الكريمة التي وجهت لنا ككتاب وصحافيين، ورؤيتنا وتلمسنا لهذا الإنجاز الكبير، أصبح الحديث عن الجامعة وإبراز مواصفاتها الفريدة التي تجعلها في مصاف الجامعات العريقة مثار افتخار واعتزاز لكل الوطن وكل الحريصين على تقدمه ونمائه.
لقد كان هاجسنا جميعا في نقاشنا مع «الدكتور جميل الدندني» أحد المشرفين على هذا الصرح هو ضمانة استمرار الرؤيا والأهداف والتطلعات لهذه الجامعة، وكيف يمكن أن تؤثر هي على محيطها وعلى الجامعات الأخرى، وتذكرنا جميعا جامعة الملك فهد للبترول والمعادن التي بدأت متميزة ومتفردة لكنها في نهاية المطاف دخلت مع نادي الجامعات الأخرى، وخسرت ذلك التميز، لكن الرد كان مطمئنا، وأود أن أشارككم السمع والرؤيا لتلك الردود.
«كاوست» مؤسسة أكاديمية غير ربحية مستقلة لها شخصيتها القانونية وتتمتع بالاستقلال المالي «عبر وقف يبلغ عدة بلايين من الدولارات» والإداري والأكاديمي، ولها الصلاحية الكاملة لتحقيق أهدافها المتمثلة في تنويع الاقتصاد السعودي من خلال اقتصاد المعرفة والمساعدة على تحسين وتطوير حياة الشعب السعودي، وتلتزم «كاوست»، بمبادئ تأسيسها والتي منها إنشاء مجتمع دولي من العلماء يكرسون جهودهم للعلوم المتقدمة وتوفير الحرية للباحثين وللإبداع والتجريب، وتوفير حرية الحصول على المعلومات، وتبادل المعارف والمهارات والخبرات لتحقيق النمو والازدهار واحتضان وحماية حرية البحث والفكر والنقاش في ما يتعلق بالعمل العلمي.
«كاوست» لديها خطتها البحثية التي تركز على أربعة محاور استراتيجية هي الموارد البشرية والطاقة والبيئة، العلوم والهندسة البيلوجية، علم هندسة المواد، والرياضيات التطبيقية والعلوم الحاسوبية، ولها مجلس أمناء يتألف من عشرين عضوا من شخصيات عالمية رائدة في الأوساط الأكاديمية والعلمية والمالية والصناعية والحياة العامة يترأسه معالي الوزير «علي بن إبراهيم النعيمي»، يتولى تعيين رئيس الجامعة والموافقة على تعيين كبار المسؤولين الإداريين وأعضاء هيئة التدريس بناء على توصية من رئيس الجامعة، كما أنه يعتمد القواعد التي تنظم الشؤون الأكاديمية والمالية والإدارية، وتقديم الدعم للمسؤولين عن إدارة أعمالها اليومية.
بها مراكز الأبحاث ذات الطبيعة الاستراتيجية كالحفز الكيميائي والعلوم الحيوية الحاسوبية والنمذجة الهندسية والتطوير العلمي والأغشية والطاقة الشمسية والطاقة البديلة للعلوم والهندسة وحينومات الإجهاد في النبات، وعلوم وهندسة البحر الأحمر، كما أنها تنشئ مركز الأبحاث البحرية والمحيطات ومركز تاريخ العلوم والتقنية الإسلامية، ولها أقسام أكاديمية هي قسم علوم الأرض وعلوم وهندسة البيئة، وقسم العلوم والهندسة الحيوية، قسم الرياضيات وعلوم وهندسة الحاسوب، وقسم العلوم والهندسة الفيزيائية والكيميائية.
لقد عقدت الجامعة شراكات للأبحاث الأكاديمية مع مؤسسات علمية مميزة من ضمنها «معهد وودز هول لعلوم المحيطات»و «المعهد الفرنسي للبترول»و «جامعة كاليفورنيا» و «جامعة هونج كونج للعلوم والتقنية» و «جامعة سنغافورة الوطنية» وغيرها .. وهناك شراكات مع القطاع الخاص كمركز أبحاث جنرال إليكتريك، وشركة أرامكو السعودية وشركة آي بي أم، ومدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية.
سوف تمنح «كاوست» درجات علمية في الدراسات العليا فقط، وخطة الأبحاث هي أساس البرامج التعليمية على مستوى درجتي الماجستير والدكتوراه.
عند زيارتنا للجامعة كانت المعجزة التي أشرف عليها وخطط لها وأدارها أبناء الوطن، حيث تم إنجاز 90 في المائة من الحرم الجامعي و 90 في المائة من المنطقة السكنية و 98 في المائة من مناطق الخدمات، وكانت ورشة العمل قائمة حيث يعمل ليل نهار ما يقارب 20 إلى 40 ألف عامل بشكل يومي من كل جنسيات الأرض، وحيث الصرح الصديق للبيئة والمبني من صخورها وترابها وحيث المعالجة العلمية لمشكلة الجو الحار والاستخدام الأمثل للمياه، حيث تفاجأ وأنت تخطو داخل الجامعة بأن الجو مختلف، نتيجة استخدام تقنيات معالجة لحرارة الجو، وحيث تتوزع المباني بطريقة فاعلة ومؤثرة تجمع الحرم الأكاديمي ومركز العلوم والتكنولوجيا ومركز الابتكار والأحياء السكنية.
الحديث عن هذا الصرح العظيم يحتاج الكثير، ولابد من الحديث مرات ومرات عن حلم خادم الحرمين الشريفين الذي يتحقق من خلال توطين التقنية الذي أصبح على الأبواب، فشكرا من كل الوطن لصاحب ومحقق هذا الحلم العظيم.
المصدر: صحيفة عكاظ