• ×
admin

ذكاءات أجيالنا في هواء طلق!

ذكاءات أجيالنا في هواء طلق!

د.محمد المسعودي

كم أطلقت لخيالك العنان في تأمل مفاتن الطبيعة وظواهرها المختلفة؟ وشعرت بالاسترخاء وصفاء الذهن وتجدد الطاقة الداخليّة وحس الإبداع بينما لسان حالك يردد.. تبارك من للحُسن قد خلقا!

إن كنت كذلك، فهناك نوعٌ من الذكاء يعكس حساسيّة وروح مرهفة لدى الشخص تجاه بيئته الطبيعية وأنت منهم، والأشخاص الموهوبون في "الذكاء الطبيعي" أو البيئي كما يسميه "هاورد جاردنر" صاحب نظرية الذكاءات المتعددة، تجد غالباً لديهم فضولاً فطريّاً وميلاً جارفاً وحباً عميقاً للتعرف على ظواهر الكون واستكشاف العالم الطبيعي من حولهم، مع رغبة ملحّة في فهم سلوك الكائنات الأخرى وأشكالها المختلفة وأسرار حياتها.. كيف تعيش؟ تتكاثر؟ وتحافظ على بقائها؟

يتأثر عشاق العالم الطبيعي بكل ما فيه من خوارق ولمسات ساحرة كالمطر والرعد والبرق وصوت رياح الخماسين وقوس قزح وكسوف الشمس وأطوار القمر.. ولديهم ولعٌ شديدٌ باقتناء النباتات النادرة في حديقة البيت والطيور والحيوانات الأليفة، وتبلغ ذروة عشق الطبيعة ببعضهم إلى تربية الحيوانات الخطيرة والمفترسة كالأفاعي والنمور..!

إنه "الذكاء الطبيعي" الذي يظهر عند الأطفال منذ سن مبكرة؛ حيث تغريهم الكائنات الحيّة كالقطط والطيور والأرانب والكلاب، ويحبون معرفة كل شيء عنها.

كما نجدهم محبين للتواجد في الطبيعة، مستمتعين بمشاهدة الآثار والمعالم السياحية، مغرمين بجمع أوراق الشجر والأحجار والأصداف وغيرها من الأشياء الطبيعية، يتابعون برامج الحيوانات، تأسرهم الكوارث الطبيعية كالفيضانات والزلازل والبراكين، يحبون التنزه واللعب بالحدائق العامة وحدائق الحيوان والمتاحف المائية ومتاحف النباتات.. وفي عُمرٍ متقدم، يهوون الزراعة والصيد واقتناء الحيوانات الأليفة في منازلهم!

مهمٌ أن يتجلى دور "التربية والتعليم" ليتوقفا جليّاً عند تنمية هذا الذكاء لدى المتعلمين وعدم خبوءه لديهم في ظل الثورات التقنية وسحرها الطاغي، من خلال عدة عمليات تربوية تطبيقية كالرحلات الميدانية، زيارة المتاحف الطبيعية، تقديم الدروس اليومية في الهواء الطلق، المشاركة في حملات تشجير المدارس، وزراعة حدائقها الخاصة بها، وعبر "استراتيجية التأمل" وربط المحتوى العلمي بالبيئة الخارجية، والقيام بمشروعات ترتبط بالنبات والحيوان وظواهر الطبيعة والبحث والكتابة عنها.. فمن منا لا يتذكر "أسبوع الشجرة" الذي أهمل دهراً، وما تركه تأثيراً وجمالاً وأثراً؟!

ولعلي أختم بالإشارة إلى أنه كثيراً ما يطمح "العاشقون" للعالم الطبيعي أن يصبحوا علماء في المستقبل، وباحثين، ومقدمي برامج طبيعية ونشرات جوية، وأصحاب جمعيات كالرفق بالحيوان، ومتخصصين في العلوم المختلفة كالأحياء والفيزياء والجيولوجيا وعلم الفضاء.. وفي مقدور "تعليمنا" تأسيس مئات العقول البيئية باكتشاف وإثراء الذكاء الطبيعي في واقعنا التربوي.

الرياض
بواسطة : admin
 0  0  674