• ×
admin

لغـات خاصة بالنساء

لغـات خاصة بالنساء

فهد الأحمدي

شاهدت قبل أيام "فيديو" قصيراً عن قرية تركية تتعامل بلغة الصفير.. ليست المرة الأولى التي أراه فيها، ولكنها المرة الأولى التي يوحي لي بكتابة مقال (خصوصاً بعد أن علمت عن دور النساء في ظهورها)..

هذه القرية تدعى "كوش كوي" وتقع فوق الجبال المطلة على البحر الأسود.. وبسبب وعورة المنطقة، وعمق الأودية التي تقسمها، ابتكر أهلها لغة تعتمد على الصفير للتفاهم عن بعـد.. فبدل بعث مرسول يصعد الجبال وينزلها، وبدل الصراخ بكلام لا يصل للطرف المقابل من الوادي، طور أهلها لغة صفير خاصة لا يكـاد يفهمها غيرهم (جرى ضمها مؤخراً إلى قائمة اليونسكو للتراث الثقافي).

وهي لغة مشفرة لا تعتمد على الكلمات بل على التصفير بنغمات مختلفة الطول والنوعية، تتضمن معاني كثيرة كـطلب المساعدة أو سرعة الحضور أو فعل أشياء متفق عليها.

الطريف في الموضوع أن لغة الصفير تبرع فيها النساء أكثر من الرجال - وغالباً ما يضطر الرجال إلى الاستعانة بالنساء لترجمة المقصود أو بعـث الصفير المطلوب.. ومهارة النساء في هذه اللغة تجعلني أفترض أنهن من اخترعها أصلاً - إما لاستثناء الرجال أو الطلب من الجارات والقريبات الانتباه للبيت والأطفال لتأخر الأم في الحقول!!

والحقيقة هي أن لغة الصفير التركية ليست اللغة النسائية (أو شبة النسائية) الوحيدة في العالم.. ففي الصين القديمة كانت النساء محرومات من حقوقهن لذا ابتكرن لغـة مشفّرة للتواصل بينهن تسمى لغة النوشو (وإن كان الرجال يدعونها لغة الحقيرات).. نادراً ما يفهمها الأزواج والأبناء وتتوارثها البنات عن أمهاتهن من خلال قـسم ووعد شرف بعدم تعليمها للأزواج أو الأبناء.. وبمرور الأجيال تطورت هذه اللغة بحيث أصبحت تملك أحرفاً ورموزاً تتداولها النساء فيما بينهن أو يطرزنها سراً فوق الأقمشة والملابس.. وكانت لغة النوشو في الصين تخيف الرجال وتوحي لهم بوجود مؤامرة نسائية (خصوصاً أن بعض الملابس النسائية كانت تحمل تعاويذ رجالية) ولهذا السبب تم تحريمها وإعدام ممارساتها أثناء الثورة الثقافية في الستينات..

أمــا في جزر الكاريبي فـما يزال السكان (الأصليون) يستعملون ثلاث لغات من غير المقبول اجتماعياً الإلمام بها كلها.. فهناك مثلاً لغة خاصة بالنساء من العيب أن يتحدث بها - أو حتى يفهمها - الرجال.. ولغة ثانية خاصة بالرجال يتحدثون بها بينهم أو في الاجتماعات الخاصة بالقبيلة، أما اللغة الثالثة فهي الأكثر انتشاراً ويتحدث بها الجميع رجالاً ونساءً وأطفالاً - وتستخدم داخل البيوت وفي الأسوق!!

بقيت ملاحظة أخيرة لاحظتها شخصياً حين يلعب الأطفال مع بعضهم البعض.. فـبمجرد أن يجتمع الجنسان تبدأ "البنات" في التحزب لبعضهن والحديث بطريقة لا يكاد يفهمها "الأولاد"!!

بدأت أعتقد أنها غريزة فطرية لدى النساء!!

الرياض
بواسطة : admin
 0  0  441