المدينة
المدينة
د. فهد لماجد
هذا الاسم الجميل «المدينة» بين الوقت والآخر تأخذني الفكرة فيه «المدينة» ياله من اسم ! ويالها من دلالات حين غير النبي صلى الله عليه وسلم اسم الجهة التي هاجر إليها من يثرب إلى المدينة. هذا التغيير التاريخي الذي يعني ولادة أمة جديدة لها شريعتها التي تنظم حياتها ولها قيمها وأخلاقها ما يجعلها أرقى أمم الأرض ليس في جانب العقيدة الصافية فحسب، بل حتى في جانب الذوق العام الذي يجعلها تراعي أدق التفاصيل التي ترفع ذائقتها، وتحسِّن من شروط عيشها وحياتها ما يجعلها مقصداً للهجرة والاستقرار.
ما الذي تعنيه يثرب؟ قيل في ذلك أقوال كلها تدل على معانٍ ليست بذاك، مثل: أن يثرب مأخوذ من الثرب وهو الفساد، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحب الاسم الحسن، ويكره الاسم القبيح، ولذلك غيَّر النبي صلى الله عليه وسلم هذا الاسم إلى «المدينة» ليصبح علماً مميزاً عبر التاريخ والجغرافيا، وقال النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك حديثاً معبراً عن هذا التغيير: «يقولون يثرب، وهي المدينة». وحتى لا يرجع الناس إلى الاسم القديم نهى عن ذلك نهياً قاطعاً كما في بعض الأحاديث، ووصل الأمر إلى أن يكون إثماً وخطيئة، كما في الحديث الذي رواه أحمد: (من سمى المدينة يثرب فليستغفر الله، هي طابة هي طابة).
وأعتقد أن لهذا التغيير دلالات كما أنها عظيمة، فهي جذرية وعميقة، وبحسب اطلاعي لم تنل دلالات هذا التغيير حقها من الدراسة والنظر! لا سيما في الجانب الحضاري، ومن أراد أن يقرأ هذه الدلالات بشكل يتميز بالعمق، فلا بد أن ينظر في مجموع العمل الذي قام به النبي عليه الصلاة والسلام وصحابته الكرام لتأسيس هذه المدينة الجديدة، فاسم «المدينة» عنوان بارز ورمزي له دلالاته.
ابتدأ النبي صلى الله عليه وسلم ببناء المسجد الجامع الذي لم يكن مكاناً للصلاة فقط وإنما للتوجيه والتعليم والشورى، أطلق أيضاً الأخوة بين المهاجرين والأنصار وهي تعني فيما تعنيه بناء الصف الداخلي، وتوثيق اللحمة. اهتم بثلاثة أمور هي ركائز أساس لتأسيس المدنحب المدينة، وسعة الرزق فيها، والصحة العامة) فقال في حديث صحيح معروف: (اللهم حبِّب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد، اللهم بارك لنا في صاعنا وفي مدنا، وصحِّحها لنا، وانقل حماها إلى الجحفة).
أيضاً: حرص النبي صلى الله عليه وسلم على توسيع نطاق المدينة، ولذلك لما أراد بنو سلمة أن يتحولوا إلى قرب المسجد، كره النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، قال الراوي: كره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تُعرى المدينة، وقال (يا بني سلمة ألا تحتسبون آثاركم فأقاموا) ومعنى (أن تُعرى المدينة) أن تخلو من السكان ومن ثم تنكشف، وهذا مقصد أمني.
المهم: أننا بحاجة إلى قراءات أوسع لتغيير هذا الاسم من يثرب إلى المدينة، وهذه القراءات ستكون مهمة -في نظري- لعموم العالم الإسلامي لإعادة الوهج الحضاري لأمة: «اقرأ» وأمة: «المدينة.
الرياض
د. فهد لماجد
هذا الاسم الجميل «المدينة» بين الوقت والآخر تأخذني الفكرة فيه «المدينة» ياله من اسم ! ويالها من دلالات حين غير النبي صلى الله عليه وسلم اسم الجهة التي هاجر إليها من يثرب إلى المدينة. هذا التغيير التاريخي الذي يعني ولادة أمة جديدة لها شريعتها التي تنظم حياتها ولها قيمها وأخلاقها ما يجعلها أرقى أمم الأرض ليس في جانب العقيدة الصافية فحسب، بل حتى في جانب الذوق العام الذي يجعلها تراعي أدق التفاصيل التي ترفع ذائقتها، وتحسِّن من شروط عيشها وحياتها ما يجعلها مقصداً للهجرة والاستقرار.
ما الذي تعنيه يثرب؟ قيل في ذلك أقوال كلها تدل على معانٍ ليست بذاك، مثل: أن يثرب مأخوذ من الثرب وهو الفساد، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحب الاسم الحسن، ويكره الاسم القبيح، ولذلك غيَّر النبي صلى الله عليه وسلم هذا الاسم إلى «المدينة» ليصبح علماً مميزاً عبر التاريخ والجغرافيا، وقال النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك حديثاً معبراً عن هذا التغيير: «يقولون يثرب، وهي المدينة». وحتى لا يرجع الناس إلى الاسم القديم نهى عن ذلك نهياً قاطعاً كما في بعض الأحاديث، ووصل الأمر إلى أن يكون إثماً وخطيئة، كما في الحديث الذي رواه أحمد: (من سمى المدينة يثرب فليستغفر الله، هي طابة هي طابة).
وأعتقد أن لهذا التغيير دلالات كما أنها عظيمة، فهي جذرية وعميقة، وبحسب اطلاعي لم تنل دلالات هذا التغيير حقها من الدراسة والنظر! لا سيما في الجانب الحضاري، ومن أراد أن يقرأ هذه الدلالات بشكل يتميز بالعمق، فلا بد أن ينظر في مجموع العمل الذي قام به النبي عليه الصلاة والسلام وصحابته الكرام لتأسيس هذه المدينة الجديدة، فاسم «المدينة» عنوان بارز ورمزي له دلالاته.
ابتدأ النبي صلى الله عليه وسلم ببناء المسجد الجامع الذي لم يكن مكاناً للصلاة فقط وإنما للتوجيه والتعليم والشورى، أطلق أيضاً الأخوة بين المهاجرين والأنصار وهي تعني فيما تعنيه بناء الصف الداخلي، وتوثيق اللحمة. اهتم بثلاثة أمور هي ركائز أساس لتأسيس المدنحب المدينة، وسعة الرزق فيها، والصحة العامة) فقال في حديث صحيح معروف: (اللهم حبِّب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد، اللهم بارك لنا في صاعنا وفي مدنا، وصحِّحها لنا، وانقل حماها إلى الجحفة).
أيضاً: حرص النبي صلى الله عليه وسلم على توسيع نطاق المدينة، ولذلك لما أراد بنو سلمة أن يتحولوا إلى قرب المسجد، كره النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، قال الراوي: كره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تُعرى المدينة، وقال (يا بني سلمة ألا تحتسبون آثاركم فأقاموا) ومعنى (أن تُعرى المدينة) أن تخلو من السكان ومن ثم تنكشف، وهذا مقصد أمني.
المهم: أننا بحاجة إلى قراءات أوسع لتغيير هذا الاسم من يثرب إلى المدينة، وهذه القراءات ستكون مهمة -في نظري- لعموم العالم الإسلامي لإعادة الوهج الحضاري لأمة: «اقرأ» وأمة: «المدينة.
الرياض