• ×
admin

متوسط الأعمار.. نظرة إيجابية

متوسط الأعمار.. نظرة إيجابية

سهيل بن حسن قاضي

إذا كان القرن العشرون الماضي قد شهد متوسط أعمار نسبياً بين شعوب العالم وصل إلى 48 عاماً كحد أقصى فإن القرن الحالي شهد تحسناً ملموساً وإن كان مختلفاً من مجتمع لآخر. ووفقاً لإدارة الشئون الاقتصادية والاجتماعية 2017م بالأمم المتحدة فإن متوسط العمر المتوقع في المملكة ارتفع بشكل ملحوظ وأصبح يزيد على المتوسط العالمي بنحو 3 سنوات ليصل إلى 73.5 سنة للذكور و76.5 للإناث وفقاً لأحدث بيانات المنظمة. الهند على وجه الخصوص التي قد تصبح في وقت قريب أكبر بلد في العالم من حيث عدد السكان، انخفضت فيها معدلات الوفيات وقد خطت تلك البلاد خطوات واسعة في معدل وفيات الأطفال والبالغين منذ 1990م وبلغ معدل الانخفاض السنوي 3.7% وبالتالي ارتفع متوسط الأعمار في الهند إلى 68 سنة. هناك دول صعدت على تفوقها في متوسط الأعمار إلى معدلات تستحق الإشادة بها ولكنها في مجملها ليست دولاً عديدة ويرجع السبب في ذلك للآثار السلبية للتليف الكبدي الناجم أساساً عن تناول الكحول، وكذلك الحال في زيادة حالات الوفاة بسبب نقص المناعة (الإيدز) لا سيما في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى ومعدل أقل في غرب وشرق الصحراء الكبرى.

العديد من الدراسات الحديثة أكدت أن أكبر الزيادات في الوفيات المبكرة منذ عام 1990م سببها مرض السكري وأمراض القلب وأمراض الكلى المزمنة ومرض الزهايمر.

ما بين عام 1990م وعام 2013م كانت هناك دراسة واسعة ضمت مجموعة من 700 باحث من مختلف دول العالم بقيادة جامعة واشنطن حول عدد الوفيات من جراء أكثر من مائتي مرض وجد أن أعلى الأمراض القاتلة هي نقص التروية القلبية، السكتة الدماغية، الالتهاب الرئوي، سرطان الرئة، مرض الزهايمر، إصابات الطرق، فيروس نقص المناعة المكتسبة ومرض السكري.

في صحيح الترمذي قال رسول الله صلوات الله عليه (أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين، وأقلهم من يجوز ذلك)، فهي من حكمة الله سبحانه يطيل أعمار من يشاء من عباده ويقصر من أعمار من يشاء منهم، وقال الطوسي رحمه الله: «ومن رحمة الله بهذه الأمة أن جعلهم في آخر الزمان، وجعل أعمارهم قصيرة وضاعف لهم الثواب». ويقول العلماء أن الله عوّضهم بليالٍ وأزمنة وأمكنة ومناسبات تتضاعف فيها الأجور كليلةِ القدر وعشر ذي الحجة، وصيام عرفة وغير ذلك، وفي الحديث «خيركم من طال عمره وحسن عمله». فالإنسان كلما طال عمره في طاعة الله زاد قرباً إلى الله وزاد رفعة في الآخرة، وليس هناك ما يتعارض مع الحديث السابق «أعمار أمتي...» إلخ، فالمراد أن يستحث المرء أن الرحيل قادم وعليه أن يعجل في الصالحات، وهناك الآية الكريمة: «حتى إذا بلغ أشُدَّه وبلغ أربعين سنة قال ربِّ أوزعني أن أشكرَ نعمتَك التي أنعمتَ عليَّ»..، وليس معنى الآية أن هذا السن هو حد الحساب والعقاب وإنما معناه سن استيفاء كمال العقل والفهم.

ولنا أن نحمد الله على ما أنعم على هذه البلاد من رعاية صحية وجهود حثيثة أعانت على تبوُّئِها مركزاً متقدماً في متوسط الأعمار بين الدول كما أشرنا إلى ذلك وهي نظرة إيجابية مقارنة لما كنا عليه قبل نصف قرن.

المدينة
بواسطة : admin
 0  0  954