طبيبة سعودية (مريضة ومطلقة).. الخبر والصورة
طبيبة سعودية (مريضة ومطلقة).. الخبر والصورة!
د. شروق الفواز
لم أصدق الخبر الذي نشر في إحدى الصحف عن طبيبة سعودية تشتكي فيه هم المرض والإهمال والدين!
ذكرت الصحيفة أنها كانت استشارية في أمراض الجهاز الهضمي والكبد وأنها عملت في هذا التخصص لسنوات حتى فاجأها مرض السرطان وأقعدها عن العمل بعد أن تداعت صحتها وهي لا تزال في عقدها الرابع.
والحقيقة أن الخبر بحد ذاته لم يلفت نظري مثلما فعلت الصورة المصاحبة له والتي تظهر امرأة كسيرة محتشمة في عباءتها تفترش الأرض، وفي يدها صور التقارير والأشعة التي تخص حالتها.
صورة مؤثرة جدا ومعبرة، لكنها مستفزة لأنها تناقض الواقع المفترض.
طبيبة سعودية متخصصة تضطر للصحافة لتشتكي حالها في هيئة استجداء!
المرض ابتلاء لا يفرق في اختياره بين فئات الناس المختلفة لكن كيف تؤول الحاجة بطبيبة للاستجداء؟
لم ينفعها علمها ولا مكانتها العلمية ولا خبرتها الطبية ولم تقِها من التردي وظروف الحياة الصعبة!
الخبر فصل في حالة الطبيبة وذكر أنها مدينة وتعيش في حالة اكتئاب وصدمة نفسية ليس بسبب المرض وضيق ذات اليد وحسب، بل بسبب عدم الاحترام والإهمال من قبل الجهة التي خدمتها لسنوات!
ولست أدري على من نضع باللائمة، هل نلوم ظروفها الاجتماعية لأنها مطلقة وليس لها سند؟!
أم نلوم الجهة التي تعمل بها لأنها لم تحفظ لمنسوبيها المكانة الملائمة فامتصت شبابهم وجهدهم ثم أهملتهم بعد أن أقعدهم المرض وأعيتهم الظروف؟
أم نلوم الوضع المالي لتلك الطبيبة السعودية ودخلها الشهري الذي لم يكن كافيا باحتياجاتها ولا احتياجات أبنائها الذين تعولهم، والذين لم يبق منهم سوى ابنة تقيم مع والدتها في منزل متواضع استأجرته لهما جمعية السرطان؟
ما رأي القراء في ذلك ألا يبدو الخبر غير منطقي ومستفز؟
ما رأي وزارة الصحة وطبيبة من منسوباتها تلجأ للصحافة لتشتكي ضيق حالها؟
دعوني أصغ عباراتي بأسلوب أكثر صراحة.
(طبيبة سعودية في نهاية عقدها الرابع مدينة ولا تملك سكنا تؤوي إليه، فتستأجر لها جمعية خيرية سكنا وتنشر صورتها البائسة لتشكو حالتها المؤلمة لأنها كما ذكر الخبر تخشىأن تطرد من بيتها إذا لم يجدد لها عقد الإيجار)!! ؟
لو تمعن حكيم في هذا الخبر لتعجب من هذا الزمان الذي لا تضمن الشهادة ولا العلم ولا الخبرة الأمان لصاحبها.
ما هو شعور الطبيبات والأطباء السعوديين تجاه حال زميلتهن التي تحمل نفس اللواء والرسالة واللقب.
وما هو تعليق وزير الصحة على صورة تلك الطبيبة السعودية المعبرة والخبر الذي نشر على الملأ ليحكي لنا حالها والذي احترنا في وصفه هل نقول ارحموا عزيز قوم ذل أم ارحموا طبيبة سعودية طلقت؟
من لم يقتنع بالمقال فليبحث عن الخبر والصورة لأنها تحكي وبصدق ما عجز عن وصفه المقال!
المصدر: صحيفة الرياض