• ×
admin

فلسفة الزهد.. إرثٌ عظيم لأولي الجهد

فلسفة الزهد.. إرثٌ عظيم لأولي الجهد

أحمد عبدالرحمن العرفج

أُحبُّ الزُّهد، وأَحتَرم الزَّاهدين، وأَتمنَّى أَنْ أَصير مِنهم، مَع أَنَّ هَذه الدَّرجَات تَحتَاج إلَى أُولي العَزْم مِن الرِّجَال، ولَا أَظنَّني أُصنِّف نَفسي مِن هَذه القَبيلَة الزَّاهِدَة..!

الزُّهد -فِي أَعلَى مَراتبه وأَقوَاها- أَنْ تَترفَّع عَن الأَشيَاء؛ وأَنتَ قَادِر عَلى نَيلهَا، وأَنْ تَبتَعد عَن المَال الحَرَام، رَغم قُدرتك عَلَى الفَوز بِهِ، وأَنْ تَتورَّع عَن المَعَاصِي، رَغم إغرَائِهَا، وسهُولة الوقُوع فِيهَا، ولَذّة ارتكَابهَا..!

فِي تُرَاثِنَا العَربي صُورٌ كَثيرة مِن الزُّهد، لَن أَتحدَّث فِيهَا عَن الرَّسول -صَلَّى الله عَليه وبَارك- وصَحَابته، فهَؤلَاء كَانوا قَريبين مِن مشكَاة النبوَّة، وتَأثُّرهم بِهَا قَوي، وتشرّبهم إيَّاها استَحوَذ عَلَى كُلِّ تَفكيرهم، لِذَلك لَن أَتعرَّض إلَى زُهدهم، بَل سأَتَّجه إلَى التَّابعين لَهم بإحسَان، ومِن أُولئك العَالِم الزَّاهد «محمد بن سيرين»، الذي ضَربَ أَروَع الأَمثِلَة فِي غَضِّ البَصر، حَيثُ قَال: (إنِّي لأَرَى المَرأَةَ فِي المَنَام، فأَعلَم أَنَّهَا لَا تَحلُّ لِي، فأَصرف نَظرِي عَنهَا)..!

هَذا مِثَالٌ سَاطِع لعَالِمٍ جَليل، وإذَا أَرَدتم مِن عقد السّلف جَوهرَة أُخرَى، فإليكُم مَا قَاله الشَّيخ «معروف الكرخي»، حَيثُ يَقول: (غُضوا أَبصَارَكُم ولَو عَن شَاةِ أُنثَى)..!

ونَقل الإمَام «ابن القيم الجوزية»؛ فِي كِتَابه «مَدَارج السَّالكين» أَنَّه قِيل: (الزُّهد هو النَّظَر إلَى الدُّنيَا بعَينِ الزَّوَال، وهو عزُوف النَّفس عَن الدُّنيَا بلَا تَكلُّف)..!

وقَال «سفيان الثوري»: (الزُّهْدُ فِي الدُّنْيَا قِصَرُ الْأَمَلِ، لَيْسَ بِأَكْلِ الْغَلِيظِ، وَلَا لبْسِ الْعَبَاءِ)..!

وسَمعتُ شَيخ الإسلَام «ابن تيمية» –

رَحمه الله- يَقول: (الزُّهد تَرْك مَا لَا يَنفَع فِي الآخِرَة. والوَرَع تَرْك مَا تَخَاف ضَرره فِي الآخِرَة)..!

حَسنًا.. مَاذَا بَقي؟!

بَقي القَول: إنَّني أَرجُو مِن الله؛ أَنْ يَرزقني الزُّهد والقَنَاعَة، فِيمَا يَخصُّ الدُّنيَا وأَحوَالهَا. أَمَّا فِي العِلْم والمَعرفَة، فأَنَا مِمَّن جَاء فِي الحَديث وَصفه: بأنَّه لَا يَشبَع، أَي طَالِب العِلْم النَّهِم..!!

المدينة
بواسطة : admin
 0  0  762