• ×
admin

داء السكري: حان الوقت للعمل

داء السكري: حان الوقت للعمل


أ. د. محمد خضر عريف

استفحال الداء الحلو المرّ، كما يحلو لي أن أسمّيه ويسمّيه غيري، لم يعد يخفى على أحد، ولكن ما قد يخفى على الكثير من ضحاياه والناس عامة حجم هذا الاستفحال، وضخامته، وخطورته التي تدعونا جميعًا للهتاف بصوت واحد: حان وقت العمل. ولكي نقدر خطر هذا الداء العضال، وفداحته، علينا أن نستمع إلى ما صرّح به الدكتور جين كلاود رئيس الاتحاد الدولي للسكري في كلمته للمؤتمر الدولي الخليجي الثالث للسكري الذي انعقد لأول مرة في المملكة العربية السعودية، واستضافته الشؤون الصحية بالحرس الوطني برعاية سمو الأمير الدكتور خالد بن فيصل بن تركي آل سعود وكيل الحرس الوطني للقطاع الغربي، في يوم الاثنين 24/2/1431هـ، وحضره المدير العام التنفيذي للشؤون الصحية بالحرس الوطني معالي الدكتور بندر بن عبدالمحسن القناوي، ونخبة من المسؤولين والخبراء والأطباء من داخل المملكة وخارجها. وقد جاء في تصريح د. كلاود: أن داء السكري سيؤدي إلى قتل أربعة ملايين شخص هذا العام فقط، كما أنه سيصيب (285) مليون شخص حول العالم. وهذا العدد يتوقع أن يزداد ليصل إلى أكثر من نصف مليار نسمة بحلول 2030م.. إذا استمر على معدلاته الحالية دون تنفيذ خطة محكمة للتصدّي له، وما يهمنا كثيرًا في تصريح رئيس الاتحاد الدولي للسكري أن الشرق الاوسط وشمال إفريقيا تحتل المرتبة الثانية في معدلات انتشار المرض، حيث يعيش ما يقرب من 10% من البالغين من السكان بمرض السكري. وتحتل أمريكا الشمالية المركز الأول في معدل المصابين بالمرض، إذ تتجاوز نسبة المصابين بالمرض من البالغين فيها 10%.

وما يهمنا أكثر بالطبع حال انتشار المرض في المملكة، فقد صرح د. كلاود أن واحدًا من كل ستة بالغين في المملكة مصاب بالسكري، أي أن أكثر من 16% من البالغين في المملكة مصابون بالمرض. اضافة الى أن 60% يعانون من خطر الاصابة بالمرض، وهؤلاء ليسوا من المسنين فقط، فكثير منهم من الشباب وقد فصل د. كلاود الحديث عن الدول الأعلى في نسبة المصابين بالمرض عالميًّا فجاءت دولة (ناورو) وهي جزيرة صغيرة في المحيط الهادي في المركز الأول، ثم دولة الإمارات العربية المتحدة في المركز الثاني بمعدل انتشار (18.7%)، ثم المملكة العربية السعودية (16.8%)، ثم مملكة البحرين (15.4%)، ثم الكويت (14.6%) ثم سلطنة عمان (13.4%)، وهكذا.

وهذه الارقام لا تحتاج إلى كثير من إعمال الذهن لقراءتها، فممّا لا شك فيه أن دول الخليج العربية تحتل المراكز الأولى في نسب الإصابة بين البالغين فيها بالسكري عالميًّا، والأسباب معروفة ولا تحتاج إلى دراسات ولا استطلاعات لاكتشافها، فرغد العيش والرفاهية الزائدة وقلة أو ندرة المجهود البدني بين السكان هي الأسباب الاولى، اضافة إلى العادات الاجتماعية، وطبيعة الأكل والموائد الدسمة والقائمة تطول.

المهم أن هذه الحقائق التي أوردها هذا المسؤول العالمي الكبير في هذا المؤتمر العالمي الكبير قد دقت ناقوس الخطر في العالم كله عمومًا، وفي منطقتنا خصوصًا، وفي بلادنا بصورة أكثر خصوصية، فماذا نحن فاعلون؟ وهل يمكن تجنب هذا المرض، أو الحدّ منه على الأقل؟

ذلك ما أوضحه المسؤول العالمي بجلاء حين قال: إن قصص اعتلال الصحة (بسبب السكري) والمعاناة يمكن تجنبها والتعامل معها، وبشّر د. كلاود بأنه في عام 2006م صدر قرار الأمم المتحدة (225/61) الذي وضع الأساس لتغير الموقف العالمي حيال هذا الداء، ونبّه الحكومات لإدماج السكري في خططها الوطنية للرعاية الصحية، وفوّض الاتحاد الدولي للسكري للتحرك في هذا الاتجاه لسنوات تأتي. وترتب على ذلك جملة من الإجراءات غير المسبوقة كعقد جلسة خاصة للجمعية العامة للأمم المتحدة حول الأمراض غير السارية، وإدخال مؤشرات هذه الامراض ضمن الهدف الانمائي للألفية رقم (6)، وزيادة التمويل للأمراض غير السارية والعقاقير الاساسية.. وذكر المسؤول الكبير أن دول الخليج خصوصًا كان لها الدور القيادي العالمي في هذا المجال. وأرى أن ذلك أمر طبيعي لأن أعلى نسب الإصابة بالمرض هي في دول الخليج. لقد أحسنت الشؤون الصحية بالحرس الوطني باستضافة هذا المؤتمر الذي ينعقد في المملكة للمرة الأولى. ويضاف ذلك إلى تأريخها الطويل في التوعية بهذا المرض ومكافحته، وعقدها للحملات التوعوية الموسعة كل عام. والمطلوب أن تكون الشؤون الصحية بالحرس الوطني هي حاملة اللواء في تنفيذ الحملات المطلوبة للحد من هذا المرض في العالم، والمملكة خاصة. وخصوصًا في زيادة التمويل لعلاجه والوقاية منه، ويمكن لكثير من الجهات الحكومية وغير الحكومية التعاون معها، خصوصًا الهيئات الخيرية الكبرى، وفي مقدمتها هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية. وليكن شعار هذا اللواء داء السكري: حان الوقت للعمل، وهو شعار المؤتمر العالمي الخليجي الثالث للسكري.

المصدر: صحيفة المدينة
بواسطة : admin
 0  0  1807