• ×
admin

ثقافة التسوق الغذائي.. قبل رمضان!

ثقافة التسوق الغذائي.. قبل رمضان!
المزاج السيئ يجعل دوافعك للشراء تتأثر بشكل أكبر

إعداد: د. عبدالعزيز بن محمد العثمان

من الأقوى في التأثير، المستهلك أم المسوق؟ من الذي يتحكم في سلوكنا الاستهلاكي؟ كم مرة سقطت في شراك المسوقين؟ كم مرة صرت ضحية لشراء ما لا تحتاج؟ عندما تشتري بضاعة معينة وتكتسف بعد أيام أنك لا تحتاجها فعلاً، هل تلوم المسوق أم تلوم نفسك؟ هل فعلاً تم إغراؤك بالشراء إلى هذه الدرجة؟ ما الذي جعلك تشتري البضاعة انخفاض السعر أم القيمة الفعلية للبضاعة؟

أسئلة نحتاج طرحها على أنفسنا ونحاول الإجابة عليها بكل وضوح، فالوضع لا يحتمل المغامرة بصحتنا وصحة أطفالنا وأسرنا، ولا تحتمل ميزانيتنا شراء البضائع والأغذية ثم نرميها في سلة المهملات.

هناك أسباب أساسية تدفعك إلى الشراء يقابلها عوامل أخرى تساعدك على التعقل والتريث وعدم الاندفاع. وبعيداً عن الدخول في تفاصيل العوامل الاجتماعية والنفسية مثل المباهاة والمبالغات أو المالية والأسرية وغيرها فهناك أسباب مدعومة بالدراسات العلمية نلخص منها سبعة ذات علاقة بالتسوق لعلها أن تساهم في استراتيجيتك التسوقية وترشيد تسوقنا. هذه بعض العوامل التي تجعلك تشتري مالا تحتاج:-

التسوق مبكراً أي قبل حلول شهر رمضان بأسبوع أو أكثر يعطي فرصة أكبر لاختيار الأنواع التي يحتاجها المستهلك، وليس تلك المعروضة في أول المحل، كما أن تأخير التسوق لما قبل رمضان بيوم أو يومين وكذلك الحال قبل العيد يضع المستهلك في زحمة المشترين مما يزيد الضغط عليه ليشتري مايمكن الحصول عليه وليس ما يحتاج.

الشعور بالجوع يدفعك لشراء كميات كبيرة وأصناف مختلفة من الأطعمة قد لا تحتاج بعضها، بل إن الدراسات أثبتت أن المتسوق الجائع تنتابه الرغبة للشراء بنهم من الأصناف التي تقع عينه عليها وتنجذب نفسها إلى طريقة عرضها على الرغم من عدم حاجته إليها وهذا أحد فنون التسويق والعرض، بل وجدت دراسات أن المستهلك قد يشتري بضاعة غير غذائية لمجرد أنه جائع مع عدم وجود علاقة بينهما، لهذا تلجأ بعض محلات الملابس إلى تعطير معروضاتها برائحة نكهات غذائية مثل الفانيلا أو الفرواولة أو الليمون مما قد يحرك الإحساس بالجوع فيشتري الشخص البضاعة بدافع داخلي لم يحسب له حساب.

وجود الأطفال أو بعض أفراد العائلة لهم دور كبير في الضغط عليك أثناء فترة التسوق للشراء أما تجنباً لإزعاجهم أو تفادياً لغضبهم.

المزاج السيئ: عندما يتعكر مزاج تجنب التسوق لأن دوافعك للشراء ستتأثر بشكل أكبر مما قد تتوقعه، فإذا تخاصمت مع زوجتك أو عندما تتخاصم المرأة مع زوجها أو مع أي أحد آخر –لا قدر الله- وفي المقابل عندما تعيش في نشوة بخبر مفرح فاحذر التسوق أيضاً لأن اندفاعك للشراء سيكون أكبر ممن تعكر مزاجه. في إحدى الدراسات قامت الباحثة بعرض فيلم حزين على مجموعة من الناس وعرضت فيلم ممتع على مجموعة أخرى وطلبت منهم الذهاب للمحل وشراء علبة ماء فقط، لاحظت أن المجموعة الأولى التي شاهدت الفيلم الحزين اشترت مواد أخرى مثل الشوكولاته بينما اشترت المجموعة الثانية علبة الماء فحسب.

احذر أن تقع ضحية لأسلوب التسويق البطيء، ماهو التسويق البطيء؟ هو أن يجعلك المحل تمضي وقتاً أطول داخله من خلال عروض هنا وهناك وشاشات عرض بمقاطع مغرية وطرق تجربة المنتجات وتذوق الأكلات، فتقول الدراسات أنه كلما قضيت وقتاً أطول في المحل اشتريت أكثر.

وجدت بعض الدراسات علاقة طردية بين حجم عربة التسوق وحجم المشتريات فكلما كبرت العربة كثرت المشتريات فاختر العربة التي تناسبك إن وجدت عربة صغيرة.

تذكر بعض الدراسات أن نهم التسوق لدى البعض يعود لتركيبة جينية لشخصياتهم، فهناك أشخاص يجري التسوق في دمائهم ولا يشعرون بالسعادة إلا فيه وبه، وهؤلاء أعانهم الله، وأعان من سيتزوج منهم فقد تنتقل لأبنائهم تلك الطفرة الجينية الغريبة.

التسوق الإلكتروني

هذا النوع الجديد من التسوق غزا العالم بأسره، يوفر الراحة للمشتري، ويقدم خدمات التوصيل مجاناً أو بمقابل بسيط وييسر طريقة الدفع سواء بالدفع المسبق أو الاشتراك أو الكاش بعد التسليم، فصارت المنتجات الاستهلاكية والأغذية عند طرف إصبعك وأنت متكئ على الأريكة، لا يحتاج منك سوى الاختيار والضغط على أيقونة "شراء"، فبدون وعي استهلاكي كافٍ لكل أفراد الأسرة ستتحول تلك الخدمة إلى مشاكل صحية واجتماعية كثيرة، فأغلب طعامنا لا نصنعه في بيوتنا وهذا بحده مشكلة.

لم يعد التسويق الناجح عرض بضاعة عند بوابة المحل، ولكنه اقتحم حياتنا ودرس رغباتنا وأنماط سلوكنا من خلال المواقع الإلكترونية التي نزورها والمنتجات التي نبحث أو نقرأ عنها أو الجهات التي نراسلها بالبريد الإلكتروني، فتستغرب أن تصلك إعلانات لمنتجات كنت فعلاً تفكر فيها أو تحتاجها أو تبحث عنها، كيف عرف هؤلاء ماتريد؟ الجواب هي أنظمة إلكترونية ترصد تحركاتك الإلكترونية وترسلها للجهات المنتجة لتلك الأجهزة أو الأغذية التي تشتري تلك الخدمة بمقابل مادي كبير.

وسائل التواصل الاجتماعي لم يعد تواصلاً اجتماعياً كما نراه ولكنه أحد وسائل التسويق الافتراضي ودراسة السلوك المجتمعي وترجمته لأرقام ومعادلات ومعلومات يتم بيعها لجهات مستفيدة تستثمرها لصالحها.

الأمر الآخر هو عملية الشراء نفسها، في السابق كنا نأخذ البضاعة وندفع قيمتها بالعملات المحلية أما الآن فتلك البطاقة الصغيرة تكفي لحسم قيمة المشتريات من حسابنا من دون أن نشعر بكمية المال الذي دفعناه ربما لأننا لم نحسبه بأيدينا، والآن يمكنك التسديد من خلال جوالك أو شريحة مثبتة في جسمك. تسهيل طرق الدفع المؤجل أو بالبطاقة الإئتمانية أو الاشتراك في الخدمة كلها تسهل الشراء وتقلل التركيز على ضرورته من عدمها، فصار الشراء لا يحتاج لمجهود كبير فمن خلال هاتفك أو حاسوبك تستطيع شراء كل ماتريد من بلدك أو من غرب أو شرق العالم بلمسة زر فتأتيك رسالة بسرعة البرق من بنكك بسحب المبلغ. هذه الطريقة تجعلنا نشتري أكثر من حاجتنا لأن تلك البطاقة تمكن المحلات من سحب كامل المبلغ الذي يحتاجونه والحقيقة أن المحفظة قد تساعدك أحياناً في تقنين مشترياتك عندما لا يكون فيها مايكفي.

قوة التسويق الأخرى هي التسوق في المحلات الجديدة، فهناك سباق محموم على محلات بيع الأغذية والمطاعم الجديدة، والإقبال يزداد على المطاعم ومحلات الحلويات الأجنبية، فما أن يسمع الناس أن سليلة المطاعم أو الحلويات العالمية ستفتح فرعاً في المملكة إلا ترى الناس يتسابقون على من يصل أولاً ومن يحظى بالشراء من تلك المنتجات النفيسة، وعلى الرغم من غلاء أسعارها إلا أن ذلك لا يؤثر على الإقبال عليها.

التسويق العالمي حرفة ماهرة بعضها استغلت كل شيء بمعنى استغلت الأساليب الأخلاقية وغير الأخلاقية فمن برامج تلفزيوينة متخصصة لبيع الأثاث، وتلك للمجوهرات وتلك للمواد الاستهلاكية إلى برامج ومسابقات تشجع على الشراء الأكثر وخدمات التوصيل المنزلي والشراء الإلكتروني بل واستغلال المناسبات الوطنية أو الدينية أوالعقائدية للتسويق بل أن بعض العلماء أوضح أن سبب تشجيع بعض الأيام والمناسبات المعروفة في الغرب على أنها جزء من الدين والحقيقة أنها حملة تسويقية ضخمة تسجل فعلاً مبيعات أكثر من بقية أيام السنة كلها.

هذه الأيام تكثر الإعلانات التجارية في كل وسائل الإعلام عن الأغذية والمسلسلات التلفزيونية والرحلات السياحية وكأنما يتسابقون على جمع أكبر عدد ممكن من الضحايا أقصد المستهلكين. المشكلة الكبرى أن بعض الإعلانات موجهة للشعب السعودي وتبث من خارج الوطن.

والغريب أن تلك الإعلانات عن منتجات رمضانية كلنا نعرفها مثل المعكرونة والشوربة والشعيرية وشراب التوت والمشمش، مما يعطيك انطباعاً أن المقصود ليس التعريف بالمنتج بل إن تركيز الإعلانات عليها قبل وفي رمضان معناه أن هناك مؤثرات تسويقية معينة تجبرك لمزيد من الشراء.

التسوق السليم

كيف نعالج هذا الكم الهائل من الحملات الدعائية المكثفة؟ وكيف ننظم ونرشد التسوق بالذات في المواسم مثل رمضان والأعياد والمناسبات الاجتماعية؟ بلا شك نحتاج قوة داخلية وضبط وتولد قناعة يشترك فيها كل أفراد الأسرة، لنعلم أطفالنا فن الترشيد المنضبط لننعم بفضل الله وخيراته العظيمة بلا إسراف ولا تبذير، نعلم أطفالنا كيفية المحافظة على النعم بلا تضييق عليهم في تعدد الخيارات. أعتقد أننا نحتاج لوضع آلية نتدرب على تطبيقها، ومن ضمن وسائل تقليل الإسراف النقاط التالية:-

إذا أردت أن تضبط تسوقك في شهر رمضان فلا تتسوق وأنت جائع، فالشعور بالجوع يفتح عينيك لمزيد من الأغذية التي قد لا تحتاجها، فيتخيل للأسنان أن كل تلك الأطعمة ستؤكل.

احذر من الدعاية التجارية غير المنطقية

أفضل من يحدد احتياجات البيت هي المرأة لهذا ما عليك سوى شراء ماتكتبه في تلك القائمة التي أرجو ألا تكون طويلة.

احرص على الأغذية عالية الجودة.

كثرة الخيارات من الأطعمة على نفس المائدة ليس اختياراً صحياً.

الغذاء الطازج هو الأفضل دائماً إذا حفظ بطريقة سليمة.

-إذا أردت تشجيع أبنائك الصغار على تناول الغذاء الجيد فدعهم يختارونه بأنفسهم.

-كلما توفر الغذاء في البيت بشكل كبير كلما قلت شهية الأطفال لتناوله.

-الشراء بالجملة يوفر في السعر لكن قد لا يكون هو الاختيار الأفضل دائماً فبعض الأغذية تقل فائدتها مع التخزين.

كلما زادت المواد الملونة والحافظة في الطعام قلت فائدتها وربما سببت بعض أنواع من الحساسية

أمن الصعوبة أن تمنع أفراد أسرتك من تناول غذاء غير صحي متوفر في المنزل، الأفضل منع دخول الأغذية الضارة لمنزلك.

تذكر أن طفلك إن لم يأكل في بيتك سيأكل في بيت أقاربه فمنعه من تناول الأغذية غير الصحية من دون قناعة منه في بيتك سيجعله يقبل عليه في بيوت الآخرين، بناء القناعة بالغذاء الصحي أولوية تربوية.

تذكر أن تعديل السلوك لك ولعائلتك طريق طويل يبدأ بخطوة فلا تستعجل النتائج، حاول تغيير البعض وليس الكل.

الرياض
بواسطة : admin
 0  0  658