بيضــــــة
بيضــــــة
طارق فدعق
من روائع هذا الشهر الفضيل إدراكنا لقيمة النعم المختلفة التي تبدو وكأنها بسيطة، ومن أهمها النعم الغذائية. وقد كتبت عن روائع بيض الدجاج في السابق، ولكن بين كل حين وآخر أجد ما يستحق وقفات تأمل وإعجاب لخصائصه المذهلة، فضلا حاول أن تتخيل أفضل منظومة حياة متكاملة تتميز بالسهل الممتنع، والاقتصاد، والمتانة، والجمال، وستجد البيضة في المقدمة. تخيل جمالها الهندسي، فهي لا تحتوي على أي زوايا حادة، ولكنها ليست كروية بالكامل، وتصميمها يقاوم الدحرجة الزائدة، والبعد عن الدجاجة الأم، وهندستها أيضا تمنحها بإرادة الله قوة شديدة لتقاوم وزن الدجاجة عندما «تبرك» فوقها لفترات طويلة، ولكنها في نفس الوقت تسمح بكسر الهيكل بأكمله لخروج الكتكوت بيسر. ولو دققت في خصائصها بشكل عام ستجد أنها تمثل أروع هندسة تغليف على الإطلاق. تحوى الغذاء الكافي لفترة سكن الكائن بداخلها، والأهم من ذلك أنها تسمح بالتنفس فيدخلها الهواء بيسر من خلال آلاف المسام، ويخرج ثاني أكسيد الكربون. وتدير وبشكل فعال تنظيم الرطوبة بداخلها. وتحتوي بداخلها على منظومة للحماية من الجراثيم تحت مستوى القشرة. وبمناسبة الحديث عن القشرة، فنجد أن أسرارها كثيرة جدا. وجد العلماء حديثا أن سطحها ليس كما يبدو لنا بالعين المجردة، فهو بعيد كل البعد عن السطوح الملساء. فلو نظرت تحت المجهر ستجد ما يشبه الوديان والتلال على سطح القشرة. والإبداع هنا هو أن هذه التغيرات على السطح تجعله أكثر نظافة من خلال تجميع قطرات الماء. والمقصود هنا هو أن قطرات الماء «ستتشعبط» و«تنزنق» في تلك الطلعات والنزلات على سطح البيضة فستسمح بتطويق الأوساخ الصغيرة، وبالتالي فهي آلية للتنظيف الذاتي. فكر في التقنيات القادمة المبنية على هذه الخصائص العجيبة على الأسطح المختلفة من بيوت، وسيارات، وطائرات، وخلايا شمسية. وفضلا فكر في كمية قشر البيض التي نتخلص منها بدون أن نفكر في خصائصها الرائعة. وهناك المزيد، فقشر البيضة يتميز بالعديد من الخصائص ومنها صلابته وهذه ميزة لن تجدها في بيض العديد من المخلوقات الأخرى. فالحشرات والزواحف مثلا تضع بيضا قشوره لينة... معلومة مقشعرة للبدن... تخيل بيض الوزغ مثلا أعزكم الله، وأحد المتطلبات الأساسية لتأمين صلابة القشرة هي أكل الطيور لكميات كبيرة من الكالسيوم، ولذا فتجدها ضمن المحتويات الغذائية الأساسية للدجاج، وهو يعشق «قرقشة» القواقع في التربة أينما كان. ويفوق عشق قرقشة البطاطس من المراهقين من البشر.
أمنيــــة
مهما كتبت عن معجزات البيض فلن يكفي، فخصائصه الإعجازية كثيرة جدا، لدرجة أن هناك علما بأكمله لدراسة البيض اسمه أوولوجي Oology. يعني لو قال لك أحد العلماء أنه من المتخصصين في البيض، فلا تحسب أنه يمزح. وفي الواقع، فدراسات البيض تستقطب مبالغ هائلة بسبب انتشار استهلاك البيض حول العالم. وقد التهمت شخصيا حوالي أربعمائة وعشرين بيضة خلال العام الماضي. واستمتعت بكل واحدة. أتمنى أن تتأمل في روائع البيضة قبل أكلها اليوم، وبالذات خلال الشهر الفضيل الذي يجعلنا نقدر نعم الله علينا بطرق مختلفة.
عكاظ
طارق فدعق
من روائع هذا الشهر الفضيل إدراكنا لقيمة النعم المختلفة التي تبدو وكأنها بسيطة، ومن أهمها النعم الغذائية. وقد كتبت عن روائع بيض الدجاج في السابق، ولكن بين كل حين وآخر أجد ما يستحق وقفات تأمل وإعجاب لخصائصه المذهلة، فضلا حاول أن تتخيل أفضل منظومة حياة متكاملة تتميز بالسهل الممتنع، والاقتصاد، والمتانة، والجمال، وستجد البيضة في المقدمة. تخيل جمالها الهندسي، فهي لا تحتوي على أي زوايا حادة، ولكنها ليست كروية بالكامل، وتصميمها يقاوم الدحرجة الزائدة، والبعد عن الدجاجة الأم، وهندستها أيضا تمنحها بإرادة الله قوة شديدة لتقاوم وزن الدجاجة عندما «تبرك» فوقها لفترات طويلة، ولكنها في نفس الوقت تسمح بكسر الهيكل بأكمله لخروج الكتكوت بيسر. ولو دققت في خصائصها بشكل عام ستجد أنها تمثل أروع هندسة تغليف على الإطلاق. تحوى الغذاء الكافي لفترة سكن الكائن بداخلها، والأهم من ذلك أنها تسمح بالتنفس فيدخلها الهواء بيسر من خلال آلاف المسام، ويخرج ثاني أكسيد الكربون. وتدير وبشكل فعال تنظيم الرطوبة بداخلها. وتحتوي بداخلها على منظومة للحماية من الجراثيم تحت مستوى القشرة. وبمناسبة الحديث عن القشرة، فنجد أن أسرارها كثيرة جدا. وجد العلماء حديثا أن سطحها ليس كما يبدو لنا بالعين المجردة، فهو بعيد كل البعد عن السطوح الملساء. فلو نظرت تحت المجهر ستجد ما يشبه الوديان والتلال على سطح القشرة. والإبداع هنا هو أن هذه التغيرات على السطح تجعله أكثر نظافة من خلال تجميع قطرات الماء. والمقصود هنا هو أن قطرات الماء «ستتشعبط» و«تنزنق» في تلك الطلعات والنزلات على سطح البيضة فستسمح بتطويق الأوساخ الصغيرة، وبالتالي فهي آلية للتنظيف الذاتي. فكر في التقنيات القادمة المبنية على هذه الخصائص العجيبة على الأسطح المختلفة من بيوت، وسيارات، وطائرات، وخلايا شمسية. وفضلا فكر في كمية قشر البيض التي نتخلص منها بدون أن نفكر في خصائصها الرائعة. وهناك المزيد، فقشر البيضة يتميز بالعديد من الخصائص ومنها صلابته وهذه ميزة لن تجدها في بيض العديد من المخلوقات الأخرى. فالحشرات والزواحف مثلا تضع بيضا قشوره لينة... معلومة مقشعرة للبدن... تخيل بيض الوزغ مثلا أعزكم الله، وأحد المتطلبات الأساسية لتأمين صلابة القشرة هي أكل الطيور لكميات كبيرة من الكالسيوم، ولذا فتجدها ضمن المحتويات الغذائية الأساسية للدجاج، وهو يعشق «قرقشة» القواقع في التربة أينما كان. ويفوق عشق قرقشة البطاطس من المراهقين من البشر.
أمنيــــة
مهما كتبت عن معجزات البيض فلن يكفي، فخصائصه الإعجازية كثيرة جدا، لدرجة أن هناك علما بأكمله لدراسة البيض اسمه أوولوجي Oology. يعني لو قال لك أحد العلماء أنه من المتخصصين في البيض، فلا تحسب أنه يمزح. وفي الواقع، فدراسات البيض تستقطب مبالغ هائلة بسبب انتشار استهلاك البيض حول العالم. وقد التهمت شخصيا حوالي أربعمائة وعشرين بيضة خلال العام الماضي. واستمتعت بكل واحدة. أتمنى أن تتأمل في روائع البيضة قبل أكلها اليوم، وبالذات خلال الشهر الفضيل الذي يجعلنا نقدر نعم الله علينا بطرق مختلفة.
عكاظ