تنظيم تناول الطعام
تنظيم تناول الطعام
أ.د. طلال علي زارع
للمحافظة على وزن ثابت للجسم يتطلب أن يكون مقدار الطاقة المأخوذة Energy intake يساوي مقدار الطاقة المصروفة Energy expenditure. وتخزن الطاقة الزائدة أساساً على هيئة دهون. فما هي العوامل التي تساهم في تنظيم الاتزان الطاقي في الجسم؟ ولماذا هناك تباين كبير في كمية الطاقة المخزنة بين الأفراد؟ وللإجابة على مثل هذه الأسئلة فإنه ينبغي معرفة أن تنظيم تناول الطعام Food intake regulation يخضع لتفاعلات معقدة تشمل الجهاز العصبي والغدد الصماء. ويتأثر استهلاك الطعام وصرف الطاقة وتخزينها في الجسم بعدد من العوامل تشمل الأجهزة الفسيولوجية والعوامل الجينية والبيئية والثقافية..
وتحدث السمنة Obesity إذا كان أخذ الطاقة أكثر من صرف الطاقة. ويمكن أن تؤدي الزيادة في النشاط العضلي إلى خفض الوزن في البدناء، حيث إن زيادة النشاط البدني كممارسة الرياضة تعد وسيلة فعالة غالباً في خفض مخازن الدهون. وزيادة النشاط الجسدي في البدناء عادة يزيد من صرف الطاقة أكثر من تناول الطعام، محدثاً انخفاض هام في الوزن. وغالباً ما يؤدي الاضطراب في ميكانيكية تنظيم التغذية لأسباب عصبية أو نفسية أو جينية إلى حدوث السمنة. وخلال السنوات الأخيرة أصبح هناك زيادة في انتشار السمنة بين الناس في كثير من الدول، ويعود ذلك عموماً إلى تناول الأطعمة المرتفعة الطاقة (خصوصاً الأطعمة الدهنية) واتباع أنماط حياة خاملة. وصرف الطاقة يمكن أن يصل إلى 7000 كالوري في اليوم في الرياضيين والعمال، بالمقارنة مع 2000 كالوري فقط تقريباً في اليوم للأشخاص الخاملين. ويجب ملاحظة أن الصرف الكبير في الطاقة المرافق للنشاط البدني الشاق يؤدي إلى حدوث زيادة كبيرة في طلب الطاقة عن طريق تناول كميات أكبر من المواد الغذائية حتى يبقى وزن الجسم ثابتاً نسبياً.
ويرافق الإحساس بالجوع Hunger عدد من الإحساسات مثل الانقباضات الإيقاعية للمعدة، مما يدفع الفرد للبحث عن الطعام وتناوله. وشهية الفرد للطعام ورغبته لأنواع معينة من الطعام تعد مفيدة للمساعدة على اختيار نوعية الطعام المتناولة. وبعد تناول كمية معينة من الطعام يشعر الفرد بالشبع. وتتأثر هذه المشاعر بكثير من العوامل مثل العوامل البيئية والثقافية بالإضافة إلى وجود مراكز خاصة في المخ لتنظيمها، خصوصاً في منطقة تحت السرير البصري Hypothalamus.
وتحتوي منطقة تحت السرير البصري على مراكز التغذية والجوع والشبع Satiety. كما أنها أيضاً لها تأثير على إفراز عدد من الهرمونات الهامة لتنظيم اتزان الطاقة والأيض، ويشمل ذلك هرمونات الغدد الكظرية والدرقية والنخامية وغيرها. كما أن منطقة تحت السرير البصري تستقبل معلومات غزيرة تشمل الإشارات العصبية من القناة الهضمية التي تعطي معلومات حسية عن امتلاء المعدة، والإشارات الكيميائية من المغذيات في الدم (جلوكوز وأحماض أمينية وأحماض دهنية) التي تدل على الشبع، وإشارات من هرمونات القناة الهضمية وقشرة المخ (البصر والشم والتذوق) التي تؤثر في سلوك التغذية. وتوجد في منطقة تحت السرير البصري أعداد كبيرة من مستقبلات الناقلات العصبية والهرمونات التي تنظم التغذية. كما أن التنظيم الهرموني يشمل تفاعلات بين هرموني اللبتين Leptin والإنسولين Insulin. ويمكن أن يصبح هرمون اللبتين وسيلة هامة وذلك لأنه عن طريقه يتم إرسال إشارات من النسيج الدهني إلى المخ للدلالة على أن طاقة كافية قد تم تخزينها وأن تناول الطعام ينبغي أن يتوقف.
ويمكن تقسيم تنظيم كمية الطعام المستهلكة إلى: (1) تنظيم قصير المدى Short-term regulation يتعلق أساساً بمنع فرط الأكل في وقت كل وجبة مثل الإحساس بامتلاء القناة الهضمية ومدى لذة الطعام وإفراز بعض الهرمونات التي تؤدي إلى وقف التغذية. (2) تنظيم طويل المدى Long-term regulation يتعلق أساساً بالحفاظ على كميات طبيعية من مخازن الطاقة في الجسم. فعندما تنخفض مخازن الطاقة في الجسم أقل من المستوى الطبيعي، فإن ذلك يؤدى إلى نشاط مراكز التغذية في منطقة تحت السرير البصري والمناطق الأخرى في المخ، مما يشعر الفرد بالجوع ويبحث عن الطعام. ويساعد التنظيم طويل المدى على الحفاظ على مخازن ثابتة من المغذيات في الأنسجة، وذلك بمنعها أن تصبح منخفضة أو مرتفعة أكثر مما ينبغي.
كتاب الغذاء والصحة للبروفيسور طلال زارع
أ.د. طلال علي زارع
للمحافظة على وزن ثابت للجسم يتطلب أن يكون مقدار الطاقة المأخوذة Energy intake يساوي مقدار الطاقة المصروفة Energy expenditure. وتخزن الطاقة الزائدة أساساً على هيئة دهون. فما هي العوامل التي تساهم في تنظيم الاتزان الطاقي في الجسم؟ ولماذا هناك تباين كبير في كمية الطاقة المخزنة بين الأفراد؟ وللإجابة على مثل هذه الأسئلة فإنه ينبغي معرفة أن تنظيم تناول الطعام Food intake regulation يخضع لتفاعلات معقدة تشمل الجهاز العصبي والغدد الصماء. ويتأثر استهلاك الطعام وصرف الطاقة وتخزينها في الجسم بعدد من العوامل تشمل الأجهزة الفسيولوجية والعوامل الجينية والبيئية والثقافية..
وتحدث السمنة Obesity إذا كان أخذ الطاقة أكثر من صرف الطاقة. ويمكن أن تؤدي الزيادة في النشاط العضلي إلى خفض الوزن في البدناء، حيث إن زيادة النشاط البدني كممارسة الرياضة تعد وسيلة فعالة غالباً في خفض مخازن الدهون. وزيادة النشاط الجسدي في البدناء عادة يزيد من صرف الطاقة أكثر من تناول الطعام، محدثاً انخفاض هام في الوزن. وغالباً ما يؤدي الاضطراب في ميكانيكية تنظيم التغذية لأسباب عصبية أو نفسية أو جينية إلى حدوث السمنة. وخلال السنوات الأخيرة أصبح هناك زيادة في انتشار السمنة بين الناس في كثير من الدول، ويعود ذلك عموماً إلى تناول الأطعمة المرتفعة الطاقة (خصوصاً الأطعمة الدهنية) واتباع أنماط حياة خاملة. وصرف الطاقة يمكن أن يصل إلى 7000 كالوري في اليوم في الرياضيين والعمال، بالمقارنة مع 2000 كالوري فقط تقريباً في اليوم للأشخاص الخاملين. ويجب ملاحظة أن الصرف الكبير في الطاقة المرافق للنشاط البدني الشاق يؤدي إلى حدوث زيادة كبيرة في طلب الطاقة عن طريق تناول كميات أكبر من المواد الغذائية حتى يبقى وزن الجسم ثابتاً نسبياً.
ويرافق الإحساس بالجوع Hunger عدد من الإحساسات مثل الانقباضات الإيقاعية للمعدة، مما يدفع الفرد للبحث عن الطعام وتناوله. وشهية الفرد للطعام ورغبته لأنواع معينة من الطعام تعد مفيدة للمساعدة على اختيار نوعية الطعام المتناولة. وبعد تناول كمية معينة من الطعام يشعر الفرد بالشبع. وتتأثر هذه المشاعر بكثير من العوامل مثل العوامل البيئية والثقافية بالإضافة إلى وجود مراكز خاصة في المخ لتنظيمها، خصوصاً في منطقة تحت السرير البصري Hypothalamus.
وتحتوي منطقة تحت السرير البصري على مراكز التغذية والجوع والشبع Satiety. كما أنها أيضاً لها تأثير على إفراز عدد من الهرمونات الهامة لتنظيم اتزان الطاقة والأيض، ويشمل ذلك هرمونات الغدد الكظرية والدرقية والنخامية وغيرها. كما أن منطقة تحت السرير البصري تستقبل معلومات غزيرة تشمل الإشارات العصبية من القناة الهضمية التي تعطي معلومات حسية عن امتلاء المعدة، والإشارات الكيميائية من المغذيات في الدم (جلوكوز وأحماض أمينية وأحماض دهنية) التي تدل على الشبع، وإشارات من هرمونات القناة الهضمية وقشرة المخ (البصر والشم والتذوق) التي تؤثر في سلوك التغذية. وتوجد في منطقة تحت السرير البصري أعداد كبيرة من مستقبلات الناقلات العصبية والهرمونات التي تنظم التغذية. كما أن التنظيم الهرموني يشمل تفاعلات بين هرموني اللبتين Leptin والإنسولين Insulin. ويمكن أن يصبح هرمون اللبتين وسيلة هامة وذلك لأنه عن طريقه يتم إرسال إشارات من النسيج الدهني إلى المخ للدلالة على أن طاقة كافية قد تم تخزينها وأن تناول الطعام ينبغي أن يتوقف.
ويمكن تقسيم تنظيم كمية الطعام المستهلكة إلى: (1) تنظيم قصير المدى Short-term regulation يتعلق أساساً بمنع فرط الأكل في وقت كل وجبة مثل الإحساس بامتلاء القناة الهضمية ومدى لذة الطعام وإفراز بعض الهرمونات التي تؤدي إلى وقف التغذية. (2) تنظيم طويل المدى Long-term regulation يتعلق أساساً بالحفاظ على كميات طبيعية من مخازن الطاقة في الجسم. فعندما تنخفض مخازن الطاقة في الجسم أقل من المستوى الطبيعي، فإن ذلك يؤدى إلى نشاط مراكز التغذية في منطقة تحت السرير البصري والمناطق الأخرى في المخ، مما يشعر الفرد بالجوع ويبحث عن الطعام. ويساعد التنظيم طويل المدى على الحفاظ على مخازن ثابتة من المغذيات في الأنسجة، وذلك بمنعها أن تصبح منخفضة أو مرتفعة أكثر مما ينبغي.
كتاب الغذاء والصحة للبروفيسور طلال زارع