لنبدأ بالأودية
لنبدأ بالأودية
عبدالله السعدون
لقد عايشت وشاركت في تجربة من أنجح التجارب لمضاعفة المساحات المشجرة، ومكافحة التصحر في المملكة، وقد نجحت التجربة بفضل تضافر جهود الأهالي والجهات الحكومية في محافظة الغاط
نشرت جريدة "الرياض" قبل أيام دراسة تقول: إن الأشجار هي الأفضل لإنقاذ المناخ، وقال باحثون من سويسرا أنه لا يمكن مكافحة التغيير المناخي بوسيلة أفضل من زراعة الأشجار، وأكد الباحثون من جامعة زيوريخ في دراستهم التي نشرت في مجلة ساينس العلمية إمكانية زيادة مساحات الغابات الحالية بواقع الثلث، ومن أهم ما جاء في الدراسة أن زراعة الأشجار يمكن أن تمتص ثلثي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون التي يتسبب بها الإنسان حتى الآن. كما يمكن أن تحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض وهذا يتطلب تكثيف زراعة الأشجار وزراعة مزيد من الأراضي تصل إلى مليار هكتار بحلول عام 2050م.
لقد عايشت وشاركت في تجربة من أنجح التجارب لمضاعفة المساحات المشجرة، ومكافحة التصحر في المملكة، وقد نجحت التجربة بفضل تضافر جهود الأهالي والجهات الحكومية في محافظة الغاط، حيث أثمرت عن إنشاء واحد من أفضل المتنزهات التي تعتمد على حصاد الأمطار لري الشجر، تجربة يجب أن تدرس وتعمم على مستوى المملكة، حيث بدأت الفكرة بعد إنشاء مجموعة أصدقاء البيئة برئاسة محافظ الغاط قبل أكثر من عشرين سنة، ولأنها وجدت دعماً ومشاركة من المحافظ فقد انضم إليها مسؤولو الدوائر الحكومية والمدارس في المحافظة وبدأت الحملة بمحاولة نشر الوعي بأهمية البيئة ومنها تنظيف الوادي من قبل طلبة المدارس برعاية شركات القطاع الخاص، ورغم رفض بعض الآباء لمشاركة أبنائهم في حملات التنظيف في البداية إلا أن التشجيع وتكرار التجربة جعل الجميع يشارك في العام الذي بعده، بعدها جاءت فكرة إنشاء متنزه وطني وتمت الكتابة إلى إمارة منطقة الرياض التي أحالته إلى وزارة الزراعة، والتي أيدت وشجعت لكن بدون دعم مادي في ذلك الوقت لعدم تأكدهم من جدوى التجربة، وقد انطلقت التجربة بإمكانات بسيطة من المكتب الزراعي وبدأت بزراعة أشجار البيئة، وبعد أن أثبتت التجربة نجاحها بدأ الدعم يتواصل من وزارة الزراعة وأقيمت السياجات للحماية وزراعة مئات الآلاف من الأشجار وتولت الطبيعة زراعة الشجر داخل مجاري الأودية بعد أن تم منع الرعي بالكامل، كما تمت إقامة مشتل لأشجار البيئة يزرع فيه أكثر من خمسمائة ألف شتلة سنوياً تزود المتنزه والمناطق الأخرى في المملكة، واليوم يعد هذا المتنزه واحداً من أجمل متنزهات المملكة، كما أصبح محمية للحياة الفطرية حيث تم إطلاق الغزلان، وبدأت تتكاثر الأرانب وطيور الحجل وبدأت الطيور تبني أعشاشها داخل المتنزه آمنة مطمئنة، ومثل هذا المشروع الناجح يوجد مشروعات أخرى في المملكة مثل متنزه الزلفي الوطني ومتنزه الغضا في عنيزة وغيرها.
لقد أولت رؤية المملكة 2030 اهتماماً خاصاً بصحة البيئة ومكافحة التلوث وزيادة الرقعة الخضراء من أجل جودة الحياة للمواطن والمقيم وجعل المملكة رائدة في هذا المجال، وما يزيد من نسبة النجاح هو إشراك المواطن للتطوع في زراعة الشجرة وحمايتها وزيادة الوعي بأهمية البيئة باتخاذ الخطوات الآتية:
أولاً: معظم مدن المملكة وقراها تقع على أودية، والأودية من أفضل المواقع للتشجير فوجود شجرة واحدة في أعلى الوادي كفيلة بنثر كميات كثيرة من البذور تحملها الرياح والطيور والسيول إلى بقية أجزاء الوادي لتثمر بعد موسم الأمطار شجيرات كثيرة تكبر سريعاً إذا سلمت من الرعي، إضافة إلى زراعة المساحات المحيطة بالوادي، والاستفادة من مياه الصرف الصحي لزيادة المساحات الخضراء ونشر الوعي البيئي بين طلبة المدارس والمواطنين، وهو ما سيجعل المتنزه رئة تتنفس من خلالها القرية أو المدينة ومكاناً مناسباً لقضاء أوقات ممتعة تحت ظلال أشجاره الوارفة.
ثانياً: لا بديل عن الحماية مما يحتم سرعة إنشاء شرطة بيئية مدربة ومجهزة وتؤمن بأهمية الشجرة والحياة الفطرية لضمان الحفاظ على ما تبقى من الأشجار وإكثارها خصوصاً أنه في مواسم الرعي يكثر رعاة الإبل، وبعضهم يحاول الدخول إلى المتنزهات والمحميات حتى وهي مسيجة لتوفر المرعى خصوصاً في غياب المراقبة والعقاب.
المملكة جميلة في بيئتها الصحراوية والجبلية والساحلية وقد وهبها الله مساحات واسعة، وأودية يمتد بعضها مئات الكيلومترات مثل وادي الرمة، ولو تمت حماية هذه الأودية والاستفادة من مياه الصرف الصحي المعالجة وتفعيل العمل التطوعي لأصبح لدينا بيئة صحية وشعب مهتم بالبيئة ومستقبل أفضل للأجيال القادمة.
الرياض
عبدالله السعدون
لقد عايشت وشاركت في تجربة من أنجح التجارب لمضاعفة المساحات المشجرة، ومكافحة التصحر في المملكة، وقد نجحت التجربة بفضل تضافر جهود الأهالي والجهات الحكومية في محافظة الغاط
نشرت جريدة "الرياض" قبل أيام دراسة تقول: إن الأشجار هي الأفضل لإنقاذ المناخ، وقال باحثون من سويسرا أنه لا يمكن مكافحة التغيير المناخي بوسيلة أفضل من زراعة الأشجار، وأكد الباحثون من جامعة زيوريخ في دراستهم التي نشرت في مجلة ساينس العلمية إمكانية زيادة مساحات الغابات الحالية بواقع الثلث، ومن أهم ما جاء في الدراسة أن زراعة الأشجار يمكن أن تمتص ثلثي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون التي يتسبب بها الإنسان حتى الآن. كما يمكن أن تحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض وهذا يتطلب تكثيف زراعة الأشجار وزراعة مزيد من الأراضي تصل إلى مليار هكتار بحلول عام 2050م.
لقد عايشت وشاركت في تجربة من أنجح التجارب لمضاعفة المساحات المشجرة، ومكافحة التصحر في المملكة، وقد نجحت التجربة بفضل تضافر جهود الأهالي والجهات الحكومية في محافظة الغاط، حيث أثمرت عن إنشاء واحد من أفضل المتنزهات التي تعتمد على حصاد الأمطار لري الشجر، تجربة يجب أن تدرس وتعمم على مستوى المملكة، حيث بدأت الفكرة بعد إنشاء مجموعة أصدقاء البيئة برئاسة محافظ الغاط قبل أكثر من عشرين سنة، ولأنها وجدت دعماً ومشاركة من المحافظ فقد انضم إليها مسؤولو الدوائر الحكومية والمدارس في المحافظة وبدأت الحملة بمحاولة نشر الوعي بأهمية البيئة ومنها تنظيف الوادي من قبل طلبة المدارس برعاية شركات القطاع الخاص، ورغم رفض بعض الآباء لمشاركة أبنائهم في حملات التنظيف في البداية إلا أن التشجيع وتكرار التجربة جعل الجميع يشارك في العام الذي بعده، بعدها جاءت فكرة إنشاء متنزه وطني وتمت الكتابة إلى إمارة منطقة الرياض التي أحالته إلى وزارة الزراعة، والتي أيدت وشجعت لكن بدون دعم مادي في ذلك الوقت لعدم تأكدهم من جدوى التجربة، وقد انطلقت التجربة بإمكانات بسيطة من المكتب الزراعي وبدأت بزراعة أشجار البيئة، وبعد أن أثبتت التجربة نجاحها بدأ الدعم يتواصل من وزارة الزراعة وأقيمت السياجات للحماية وزراعة مئات الآلاف من الأشجار وتولت الطبيعة زراعة الشجر داخل مجاري الأودية بعد أن تم منع الرعي بالكامل، كما تمت إقامة مشتل لأشجار البيئة يزرع فيه أكثر من خمسمائة ألف شتلة سنوياً تزود المتنزه والمناطق الأخرى في المملكة، واليوم يعد هذا المتنزه واحداً من أجمل متنزهات المملكة، كما أصبح محمية للحياة الفطرية حيث تم إطلاق الغزلان، وبدأت تتكاثر الأرانب وطيور الحجل وبدأت الطيور تبني أعشاشها داخل المتنزه آمنة مطمئنة، ومثل هذا المشروع الناجح يوجد مشروعات أخرى في المملكة مثل متنزه الزلفي الوطني ومتنزه الغضا في عنيزة وغيرها.
لقد أولت رؤية المملكة 2030 اهتماماً خاصاً بصحة البيئة ومكافحة التلوث وزيادة الرقعة الخضراء من أجل جودة الحياة للمواطن والمقيم وجعل المملكة رائدة في هذا المجال، وما يزيد من نسبة النجاح هو إشراك المواطن للتطوع في زراعة الشجرة وحمايتها وزيادة الوعي بأهمية البيئة باتخاذ الخطوات الآتية:
أولاً: معظم مدن المملكة وقراها تقع على أودية، والأودية من أفضل المواقع للتشجير فوجود شجرة واحدة في أعلى الوادي كفيلة بنثر كميات كثيرة من البذور تحملها الرياح والطيور والسيول إلى بقية أجزاء الوادي لتثمر بعد موسم الأمطار شجيرات كثيرة تكبر سريعاً إذا سلمت من الرعي، إضافة إلى زراعة المساحات المحيطة بالوادي، والاستفادة من مياه الصرف الصحي لزيادة المساحات الخضراء ونشر الوعي البيئي بين طلبة المدارس والمواطنين، وهو ما سيجعل المتنزه رئة تتنفس من خلالها القرية أو المدينة ومكاناً مناسباً لقضاء أوقات ممتعة تحت ظلال أشجاره الوارفة.
ثانياً: لا بديل عن الحماية مما يحتم سرعة إنشاء شرطة بيئية مدربة ومجهزة وتؤمن بأهمية الشجرة والحياة الفطرية لضمان الحفاظ على ما تبقى من الأشجار وإكثارها خصوصاً أنه في مواسم الرعي يكثر رعاة الإبل، وبعضهم يحاول الدخول إلى المتنزهات والمحميات حتى وهي مسيجة لتوفر المرعى خصوصاً في غياب المراقبة والعقاب.
المملكة جميلة في بيئتها الصحراوية والجبلية والساحلية وقد وهبها الله مساحات واسعة، وأودية يمتد بعضها مئات الكيلومترات مثل وادي الرمة، ولو تمت حماية هذه الأودية والاستفادة من مياه الصرف الصحي المعالجة وتفعيل العمل التطوعي لأصبح لدينا بيئة صحية وشعب مهتم بالبيئة ومستقبل أفضل للأجيال القادمة.
الرياض