• ×
admin

زيادة تخثر الدم هل تُسبب جلطات القلب؟

زيادة تخثر الدم هل تُسبب جلطات القلب؟
لا يحتاج التخثر للقياس إلا في حالات مرضية معينة ونادرة وبإشراف متخصصين

د. خـالد عبد الله النمر

رأيت عدة أشخاص منهم مرضى في عيادة القلب يطلبون تحليل سيولة الدم!؟ وهم ليسوا على أدوية لزيادة سيولة الدم مثل دواء الورفارين ولا يعانون أمراضا مزمنة في الدم مثل الهيموفيليا وغيرها!! وعند سؤالهم عن سبب ذلك اتضح أن هناك مفهوما خاطئا وشائعا بين العامة يقول: إن زيادة لزوجة الدم هي السبب الأساسي في جلطات القلب!! ولتفادي ذلك لا بد من قياس لزوجة الدم كوقاية!! وحيث إن هذا مفهوم خاطئ جملة وتفصيلا فقد قررت أن أوضح في هذا المقال نقاط مهمة حول مفهوم لزوجة الدم؟ وماذا تعني؟ وعلاقتها بجلطات الأوعية الدموية عموما وجلطات القلب خصوصا.... وسنعرضها على شكل عدة مفاهيم خاطئة ثم نصححها... ولكن قبل ذلك سنعرض مفهوم الخثرة الدموية وأنواعها.

الخثرة الدموية هي تكوين مادة هلامية داخل الأوعية الدموية لمنع النزيف غالبا ولكنها قد تحدث لأسباب أخرى نادره داخل الأوعية الدموية سواء الأوردة أو الشرايين أو كليهما وهناك مسببات لكل نوع من تلك الأنواع... وعلى الرغم من أن 50 % من التخثرات الدموية تحدث في الجسم ويتم تمييعها ببروتينات خاصة في الدم والتخلص منها فورا لكن قد تظل هناك خثرات شريانية أو وريدية لا يمكن للجسم لوحده تمييعها ولا بد من مساعدة الأدوية أو الإزالة الجراحية وتكون أعراض تلك الخثرات تبعا للعضو المتأثر بها فمثلا:

جلطة القلب: ألم في الصدر تعرق وضيق تنفس وخفقان وقد يكون إغماء.

جلطة الدماغ: ضعف في جزء من الجسم أو تشنج أو صداع أو دوخة أو إغماء.

جلطة الأمعاء: ألم شديد في الأمعاء مع إسهال واستفراغ وهبوط الضغط.

جلطة الرئة: ألم شديد في الصدر وضيق التنفس وخروج الدم مع السعال.

جلطة الساق: تورم الساق وألم شديد فيها.

وعلاجها على وجه العموم يكون أولا بتسييل الدم بمذيبات معينة مثل الهيبارين وثانيا بالبحث عن الأسباب التي أدت إلى حصول الجلطة، وثالثا إذا كانت الجلطة الشريانية قد تؤدي إلى الوفاة مثل جلطات القلب فتحتاج إلى قسطرة عاجلة لفتح الشريان التاجي وإعادة مرور الدم إلى عضلة القلب لإنقاذ حياة المريض في تلك الظروف الحرجة حمانا الله وإياكم منها.

المفهوم الأول الخاطئ: أغلب جلطات القلب تحدث بسبب زيادة لزوجة الدم

غير صحيح، لأن الغالبية العظمى من جلطات القلب أكثر من 98 % من جلطات القلب تحدث إما بسبب جلطة القلب الحادة بسبب الخثرة الدموية على تجمع سابق للدهون في جدار الشريان التاجي وذلك بسبب جرح في بطانة الشريان التاجي (وهو ما يحدث في الغالبية العظمى من حالات الجلطات سواء في القلب أو الدماغ) أو بسبب انقباض الشرايين المؤقت (خصوصا بعد الانفعالات العاطفية من الغضب والحزن...إلخ) أو بسبب التهاب عضلة القلب، ولكن هناك أسباب أخرى للجلطات القلبية ولكنها نادرة جدا مثل زيادة لزوجة الدم بنقص عوامل وراثية للتخثر وكذلك الالتهابات الروماتيزمية المزمنة مثل الذئبة الحمراء والروماتيزم وكذلك الجلطات المنتقلة من أماكن أخرى من الجسم ....إلخ.

المفهوم الثاني: لا بد لكل شخص أن يقيس اللزوجة لديه

لا يحتاج كل شخص أن يقيس لزوجة الدم وقابليته للتخثر لأن اختباراته متخصصة جدا من بداية بروتينات تجلط الدم وتسلسلها في تكوين الخثرة إلى مراحل تكون الخثرة النهائية وبروتين الفايبرين وبالتالي فمن يحتاجها من كانت لديه جلطة غير معروفة السبب أو المنشأ أو تاريخ عائلي موثق بجلطات القلب المبكرة وليس لديه شيء من العوامل الشائعة المسببة للجلطات كالضغط والسكري والتدخين وارتفاع الكلسترول...إلخ أو كما رأيت إحدى الحالات حديثا كان لديه جلطات متعددة في الجانب الوريدي وجلطات متعددة في الجانب الشرياني.

المفهوم الثالث: أغلب أسباب زيادة لزوجة الدم وتكون الخثرة وراثية

هناك ثلاث عوامل تزيد حدوث الخثرة الدموية في الساقين وهي من أسباب تكون جلطة الساقين وبالتالي الجلطة الرئوية منها طول البقاء في المستشفى مع عدم الحركة لفترة طويلة ويحدث ذلك في المرضى المنومين في المستشفيات وبالذات كبار السن خاصة إذا كان بعد عملية للركبتين أو الساقين ولذلك تجد الروتين في المستشفيات أن يعطى المريض المنوم جرعة من مسيلات الدم لمنع حصول التخثر في أوردة الساقين العميقة وكذلك في رحلات السّفرالطويلة خصوصا التي يستمرّ الشّخص خلالها في وضعيّة الجلوس وعدم الحركة لمدّة 4 ساعات أو أكثر وكذلك التقدم في العمر خاصة فوق 65 سنة وكذلك التّدخين أو وجود تاريخ عائليّ للإصابة بالخثرات الدمويّة أو السمنة المفرطة أو استخدام بعض الأدوية مثل حبوب منع الحمل أو نقص وراثي في بروتين سي أو اس أو تغير جيني في عامل التخثر رقم خمسة أو وجود أجسام مضادة للفسفوليبيد... ولكن الجلطات الوريدية غالبا لا تسبب جلطات القلب والدماغ وإنما أخطر ما تسبب هي جلطات الرئة أما التخثرات الشريانية فهي تحدث غالبا من مضادات الفوسفوليبيد أو نقص الهوموسيستين إذا كان ذلك من النوع النادر وهو زيادة لزوجة الدم.

والخلاصة: أن لزوجة الدم هي مفهوم مرضي ليس من الأسباب الشائعة لتكوين الخثرات ولا يحتاج قياس اللزوجة إلا في حالات مرضية معينة نادرة تحت إشراف طبيب مختص في القلب وبتنسيق مع طبيب أمراض الدم.

متعكم الله بالصحة والعافية.

الرياض
بواسطة : admin
 0  0  280