السكري يقضي على الكلى بصمت
السكري يقضي على الكلى بصمت
دلال يوسف المبارك
قد يعاني مرضى السكر من مضاعفات مرتبطة بداء السكري في حال لم يتم التحكم بمستوى السكر في الدم لفترات طويلة. تتراوح هذه المضاعفات بين مضاعفات حادة مثل انخفاض السكر أو ارتفاعه، أو مضاعفات مزمنة تؤثر على صحة المريض وجودة نوعية حياته على المدى الطويل. وتشمل المضاعفات على القلب والجهاز الدوري الدموي، شبكية العين، الجهاز العصبي، ومضاعفات السكري على الكلى التي قد تؤدي إلى الفشل التام في وظائف الكلى.
تتكون الكلية مما يزيد على مليون وحدة تصفية صغيرة تحتوي كل منها على العديد من الأوعية الدموية الدقيقة. من أهم وظائف تلك الوحدات القيام بتنقية الدم من فضلات وشوائب الجسم والتخلص منها عن طريق البول. وتتلخص أيضا وظيفة الكلى في المحافظة على توازن السوائل في الجسم وإفراز هرمونات معينة للتحكم في وظائف أخرى بالجسم.
عندما تكون مستويات السكر في الدم مرتفعة على فترات طويلة فإن مجهود تصفية الدم يزداد على الكلى، ويسبب ذلك خللاً في جودة وظيفة الكلى كمصفاة للفضلات والشوائب وينتج عن ذلك تراكمها في الدم تدريجياً ويصاحب ذلك أيضاً تسرب البروتين إلى البول. في حال استمرت مستويات السكر المرتفعة على عدة سنوات، تتدهور وظائف الكلى فتفقد الكلية قدرتها على ترشيح الدم وحالة المريض تتطور إلى الفشل الكلوي التام حيث تتوقف الكلى عن العمل تمامًا وهو ما يعرف بالمرحلة النهائية لمرض الكلى.
أهم ما يميز اعتلالات الكلى أنها تحتاج إلى سنين طويلة من الارتفاعات الملحوظة في سكر الدم حتى تحدث، كما تحتاج إلى عوامل أخرى تساعد على حدوث الاعتلال الكلوي السكري، مثل ارتفاع ضغط الدم، أو التدخين، وغيرها من العوامل.
قد يعتقد مرضى السكري بأن مضاعفات السكر على الكلى تحدث فجأة وبدون أي سابق إنذار إلّا بعد أن تصل الحالة إلى الفشل الكلوي التام، وذلك غير صحيح حيث إن اعتلال الكلى يمر بمراحل طويلة تحتاج إلى سنوات حتى يحدث.
يبدأ اعتلال الكلى بمرحلة خروج البروتين (الزلال أو الألبومين) بكميات صغيرة جداُ لا يتم اكتشافها إلا بتحاليل شديدة الدقة، ولا يبدأ تسريب الكلى للبروتين إلا بعد ما يزيد عن عشر سنوات من إهمال المريض لضبط سكر الدم. أما عندما يظهر الزلال في البول فإن ذلك يعني بداية الطريق إلى تلف الكلى.
علاج الفشل التام في وظائف الكلى يكمن في الغسيل أو زراعة الكلى. فإما يضطر المريض إلى استخدام جهاز الغسيل الدموي أو البريتوني لتصفية فضلات الجسم من الدم بشكل شبه يومي، أو إلى إجراء عملية زراعة للكلى حيث يمكن ذلك بعد عمل اختبارات عديدة لمعرفة توافق كلية المتبرع مع جسم المريض.
نعلم جميعاً بأن «قنطار وقاية، خير من ألف علاج» وقد كشفت الدراسات أنه من الممكن جداً منع حدوث أي من مضاعفات السكري على الكلى، فالمحافظة على مستويات سكر الدم ضمن المعدلات المطلوبة يقلل من الإصابة بأي من مضاعفات السكري على الكلى إلى النصف تقريباً، فكلما زاد التحكم بمعدل السكر في الدم قلت احتمالات حصول أي من المضاعفات. ويعتمد ذلك وبشكل كبير على الثقافة الصحية السليمة لمرضى السكري، وإلمامهم بإمكانية الوقاية من هذه المضاعفات، كما هو من المهم التقيد بركائز العناية الذاتية بالسكري المبنية على التغذية، والحركة، والأدوية.
المصدر: صحيفة الرياض